كلمة الإصلاح هذه المرة رأت كثيرا من المداد أفرغه كل من الموالاة والمعارضة في قضية تغييرا لدستور لأجل مأمورية ثالثة لرئيس الجمهورية على صفحات الانترنت وتدوينات في المواقع أيضا.
ويؤسف كلمة الإصلاح أنها دائما تـنبه الكتاب وغيرهم أننا نحن الموريتانيين محكومين بعقيدة لا تصلح معها دعاية فصل الدين عن الدولة لأننا جميعا نؤمن بأن كل إنسان سيجد حياته
قولا وفعلا مسجلة بدون ترك صغيرة ولا كبيرة فالكافر يقول {ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} والمسلم يقول {هاؤم أقرأو كتابيه إني ظنـنت أني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية}.
وبناء على هذه الحقائق فإن على الكتاب الموريتانيـين المسلمين كلهم أن يراعوا في كتاباتهم المسطرة الإسلامية.
والمسطرة الإسلامية تقول {وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت} وتقول المسطرة أيضا {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله} وبين ذلك في قولـــه {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}.
فكان على السادة الوزراء إذا كان ما قالوه في شأن تغيـير الدستور نزغ من الشيطان أن يتذكروا أن المأمورية الثالثة ما زال دونها ثلاث سنوات على الأقل.
والدقيقة الواحدة يطرأ فيها للإنسان ما لم يخطر بباله ولا سيما ثلاث سنوات وكان على المعارضة أن تستمع إلى قول الوزراء من هذا الباب ولا تطلق البالونات إلى هدف ما زال خياليا إلى وقت بعيد.
فمن يضمن أن تأتي سنة 2019 والرئيس وهؤلاء الوزراء وتلك المعارضة الجميع ما زال حاله وفكره وموقفه مثـل أمسهم الغابر.
ومن المسطرة الإسلامية أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تـنـتظر الصباح، ومن جهة أخرى يقول في الحديث الصحيح: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وهنا أرجوا أن يسمح لي كل من الموالاة والمعارضة أن أكتب هذه الحكاية الشعبية وهي أن رجلا رأى رجلين يقـتـتلان فسألهما عن سبب ذلك فقالا إنهما اتفقا على أن كل واحد منهما يتمنى شيئا فتمنى الأول عددا من الغنم فقام الآخر فتمنى نفس العدد من الذئاب فسأله الآخر لماذا تمنيت الذئاب، فقال: لتأكـل غنمك فاختصما على نتائج هذه الأمنيات فقال الرجل (كلمته المشهورة).
فأنا أرجوا من كل من الموالاة والمعارضة أن يحكموا المسطرة الإسلامية في علاقتهما لئلا يندم كل منهما ولات حين مندم.
فالله يقول {كنـتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} وذكر هذا الإيمان الذي جاء متأخرا عن الأوصاف معناه إيمانكم هذا تحكمونه في الأوصاف التي فضلتم من أجلها.
وهذه الآية تعبر عن كل من الموالاة والمعارضة فالأمة جميعا وهي الموالاة تعمل عملها والمعارضة من الأمة تأمر كل من تجاوز المعروف في الإسلام وتـنكر ما ينكره الإسلام والكل داخل في الأمة الخيرة إن شاء الله.
أما ميزان هذا الأمر وذلك المنكر فتعرفون أنه مشروحا في المسطرة الإسلامية بوضوح وشرود كل من الموالاة والمعارضة إلى غير تـلك المسطرة هو الذي نهى عنه في قوله تعالى {ولا تـتـبعوا السبل فتـفرق بكم عن سبيله ذالكم وصيكم به لعلكم تـتقون} ولا أظن أن أي واحد يحدث نفسه أنه خارجا عن هذا الضمير {وصاكم به لعلكم تـتقون} سواء كنتم موالاة أو معارضة.
وخلاصة هذه المقدمة أن على الموالاة أن تكف عن الدعاية لشيء ما زال بعيدا وكل التغيـيرات يمكن أن تقع قبله وعلى الأقل يسبب ذكره البحث عن مناعة تتخذ ضده، وعلى المعارضة أن تترك الدعاية مقتصرة على قائلها لحاجة في نفسه يريد تأديتها.
وأيضا لئلا تـتخذ إجراء إغراء يجعلها مطلبا شعبيا تكون له الدعاية السمينة الغليظة حتى يستوي على ساقه ويعجب الزراع ممن يعنيه الأمر.
هذه آراء كلمة الإصلاح في المعاملة مع المستـقبل وإرهاصاته وتنبآته الحالية، أما ما يعنى مصلحة الشعب الموريتاني في نظري فهي كما يلي:
أولا: هذا الرئيس الحالي له من الزمن رئيسا ما يمكن لأي سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي موال أو معارض أن يقوم عمله في جميع هذه الأشياء المذكورة وغيرها من كل ما يتصل بحياة هذه الدولة التي كانت قوية بتراثها الطبيعي وتربيتها الإسلامية وتماسكها العفوي بوحدتها في كل شيء ولا سيما وحدتها الإسلامية التي تورث التعاون والقناعة وأصبحت الآن هشة تبحث عن الرزق بأي وسيلة، ولا يشترط أن تكون تلك الوسيلة مقبولة عند عقل المسلم السليم.
أما هذا التقويم فينبـغي أن تجتمع له جماعة متخصصة في هذه الميادين غير موالية ولا معارضة أو تكون خليطا من بينهما بعد أن ينسجوا لباسا سابغا عليهم منسوجا من قوله تعالى {يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} إلى قوله تعالى {فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا} والآية الأخرى مثلها {يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء لله بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}.
وهذه اللجنة المتخصصة الخليطة المقومة تقوم بعملها هذا بعيدا عن الأنظار والأهواء وتجمع الماضي وتحلله والحاضر وتسير مع حياة هذا الرئيس حتى تنتهي سنة 2018 فإذا وجدته هو أحسن ما يتولى هذا الأمر أو من أحسن ما يتولاه أو أن انتهاء مأموريته سيؤدي إلى ما هو شر منه فـليعلنوا آنذاك النتيجة وإن وجدوا خيرا منه فتكون النتيجة إعلان انتهاء مأموريته بكل قوة ويكون عندئذ القيام بذلك مضاعف الشرعية وإن لم يجدوا غيره فيعـلنوا تمديد مأموريته بالإجماع.
ومن هنا أود أن تقول كلمة الإصلاح كلمتها في هذا الرئيس وإن كانت لا تصلح أن تكون عضوا في اللجنة لعدم التخصص إلا أن خضرمتها في رؤية الرؤساء الموريتانيين من المرحوم المختار بن داداه وحتى الآن يمكنها ذلك بأن تـقول ما ترى في هذا التقويم.
فمن المعلوم أن هذا الرئيس قام بانقلاب خلع فيه معاوية بن الطائع فهو يعتبر الذي يليه لأن الرئيسين بعده اعل بن محمد فال وسيدي بن الشيخ عبد الله الأول كان رئيس حكومة انتقالية ولا شك أنه أوصل موريتانيا لتلك الديمقراطية وتكفيه تـلك المدة المحدودة الهدف.
أما الثاني فقد جاء به الحرس الرئاسي وأعوانه من العسكريين والمدنيين لمدة محدودة عندهم وانتهت وذهبت به نفس المجموعة التي جاءت به.
وأنا أهنـئه في الدنيا ونرجو أن يرى في الآخرة تهـنـئة الملائكة له بقولهم {سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}.
أما تهنـئتي أنا له في الدنيا فمردها أنه لن يسأل في الآخرة عن هذا الشعب الفقير إلا سنة واحدة بدل من خمس سنوات مع بعده الآن عن الشوك الموريتاني المزروع فيها من المتملقين والصحافة والمواقع وجميع الحركات إلى آخره فهو الآن لا يشاهد من الحركات إلا حركات الركوع إلى السجود والرفع منه، ويده لا تتحرك إلا بالتسبيح وانتهت من كثرة مصافحة أيد الظالمين في المطارات مثـل ما يفعله هذا الرئيس اليوم مع السيسي من مصافحة يحسبها هينة وهي عند الله عظيمة.
أما تقويم هذا الرئيس الذي يعتبر جاء بعد معاوية مباشرة فإن أيام معاوية ولا سيما الأخيرة كاد كيان الدولة أن يذهب نهائيا.
وبدأ ذلك الانتهاء من الديمقراطية العسكرية الفوضوية سنة 92 وحتى النهاية، ففي ذلك الوقت أصبحت موريتانيا تـشكل ما يشبه سناما فوق نوق عجاف.
فالبعض امتلآ حتى الودجين والبعض الآخر يحتاج أن ينتقـل إلى مثواه الأخير.
هذه الصورة الكالحة عممها على جميع مستوى الإدارات الإقليمية والدبلوماسية وعلى كل شيء حي في موريتانيا واسمحوا لي أن أضرب هذا المثـل: فبعض الإدارات كان اعتماد ميزانية عمله السنوي 80.000 أوقية وبعد أسبوع فقط من ذهاب معاوية أصبحت ميزانية هذه الإدارة لنفس العمل 10 ملايين أوقية وهذه أيضا أظنه معمما في جميع الإدارات.
إلا أنه عندما جاء هذا الرئيس يظهر أنه لم يلاحظ على معاوية مع قربه منه إلا الفساد المالي وهذه الناحية لا شك أنه أبلى فيها بلاء حسنا بمعنى أنه أوقف نزيف دخول المال العام في جيب الرجال الخصوصيين، ولا شك أنه بذلك جمع المال الكثير في الخزينة الموريتانية، ولا شك أيضا أنه أنفق منه الكثير في البنى التحتية وأنشأ كثيرا من المشاريع الثقافية والاقتصادية ، وبذلك يكون من ناحية حفظ أموال الدولة حتى تصل إلى الخزينة قل أن يوجد رئيس موريتاني يفري فريه في هذه القضية فيبقي في هذا الصدد على اللجنة أن تنظر هل جميع هذه الأموال صرفت في الدولة أم ذهب بعضها إلى خصوصية أخرى بغير وجه شرعي؟ الله أعلم.
أما من جهة الميدان السياسي والاجتماعي فإن الحالة تدهورت أكثر بكثير من أيام معاوية فالتحزب نشأ من موالاة خرساء عن منكر الحكومة ومعارضة عمياء عن الانجازات الرئاسية.
وجميع الكلام أصبح حرا الطيب منه والخبيث على حد سواء، فالطيب إذاعات القرآن وفتح أبواب التوجيه الإسلامي على مصراعيه، أما الخبيث فهو الدعوات العنصرية والفئوية الخ التي تشبه الدعوة الجاهلية التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: "دعوها فإنها منـتة" فلا شك أن الاسترقاق غير الشرعي الذي كان موجودا في موريتانيا يشبه ما قاله الله عن نكاح زوجة الأب {إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا} ولكن لا علاقة له بما يسمى الآن بالحراطين لأن من عـتق بعدما كان رقيقا لا يمثـل 2% من الإنسان الأخضر بلغتنا المتـكلم بالعربية سليقة الذي يسمى لحراطين فمنهم الغني ومنهم الفقير مثـل شطرهم الثاني (البيظان) وفيهم الطبقية مثـل الآخرين والسكوت على لبس الحق بالباطل لا ديمقراطية فيه والإسلام يستـنكره.
أما من الناحية الأمنية فإن راعيها أصلا هو الإدارة الإقليمية وتـلك انتهى عملها في هذا الصدد وبقيت صورتها فعلاقة الإدارة الإقليمية مع معاونيها أصلا في هذا الصدد أصبحت غامضة مـثـل الإدارات التابعة للوزارات فتدهورت الصحة والتعليم...الخ.
فالأمن الذي كان يرعى هذه الإدارات تحت اسم الإدارة الإقليمية ويبلغها بكل فساد فيها لم يـبق موجودا أصلا وإن وجد فغير مطلوب منه التبليغ عن ذلك.
ولا شك أن الأمن من ناحية الشرطة قد انتعش عمله نسبيا أخيرا في عهد إدارته الجديدة ولكنها لم تدرك منه إلا عجب الذنب تحاول بعثه عن طريقه.
أما الناحية الاجتماعية فإن شرايـين حياتها يتمحض أصلا في خفض الأسعار الذي ينـتـفع به كل فقير الشيء الذي لم تـشاهده الشريحة الاجتماعية منذ سنين بل شاهدت العكس وهو ارتفاعه الذي من أكبر أسبابه دوام ارتفاع سعر البنزين.
أما من الناحية الدبلوماسية فلا شك أن شخصية الرئيس أنعشت اسم موريتانيا في الخارج ولكن من غير أن يعمل السفراء بذلك الانـتعاش.
هذه قاعدة عامة زرعتها عسكرية هذا الرئيس فهو شخصيا لم يلتـفت إلى كل إدارة مثـل الإدارة الإقليمية ويضعها علي السكة للسيـر بها قدما، والإدارات من شدة خوفها منه تبقي جامدة حيث خلقها الله، ولذا فإن الإدارات التي خلقها هو تسير كما يرام.
هذه مجرد معالم طريق نضعها أمام اللجنة المفترض أنها تقوم بتقويم الرئيس قبل تقرير انتهاء مأموريته لتـنهيها أو تمددها.
أما قضية دستورية عدم تغيـير المواد المحصنة في الدستور فإن جميع القوانين العلمانية لا تحصين لها رسميا لأن فاعلها هو الإنسان والذي يتـناول عدم تحصين هذا التحصين هو الإنسان أيضا ولا يخاف من عقوبة في الآخرة على هذا التحايل فالطريقة للتحايل عنده سالكة في كل الاتجاهات ولا سيما الاستفتاء الشعبي لأنه تقوده شعرة رزق ولو لحتفه وهي موجودة دائما عند الأغلبية.
ولكن فيما يخص دستورنا نحن فالرئيس أقسم فيه بالله العلي العظيم أن لا يتحايل على طلب هذا التمديد وهذه اليمين لا يجوز فيها الاستـثـناء ولا الاسترعاء ولا التورية فهي لا تـكفر والله يقول فيها {ولا تـنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا} والرئيس أكدها بصفات الله وهي "العلي العظيم"، فمن نقضها فسوف يقدم إلى الله معدود ممن نقض عهد الله من بعد ميثاقه لأنها محلوفة على نية الغير وهو الشعب ومستحيل أن جميع البالغين من الشعب سيوافقون على التمديد.
فقوله صلى الله عليه وسلم: "البـينة على المدعى واليمين على من أنـكر" هذه اليمين مثـل تـلك لا تـكفر ولا تؤول لأنها محلوفة على نية الخصم وهي محصنة من الله بقوله تعالى "والذين ينقضون عهد الله من بعـد ميثاقه" الخ الآية "فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون