الدولة ومهددات الوطن فساد النخبة وضياع التعليم ؟! / محمد المختار دية الشنقيطي

مكافحة الفساد  انجاز عظيم لو تم ومشروع وطني كبير لو أنجز وفكرة مكافحة الفساد في الأصل كذلك عمل سديد لمصلحة الوطن والمواطن ما من شك في ذلك ومن المفيد للمتابع وقبل الخوض في تفاصيل تلك الفكرة الرائعة لكشف حقيقتها أن نبدأ ما يلي :
ما مفهوم الفساد؟ وما مظاهره ؟ وما أسباب تفشيه ؟ وما أشكاله وألوانه ؟ وما الآثار المترتبة وطنياً على  انتشار ظاهرة الفساد؟

الفساد هو خروج عن القانون والنظام (عدم الالتزام بهما) أو استغلال غيابهما من اجل تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية للفرد أو لجماعة معينة، فهو سلوك يخالف الواجبات الرسمية للمنصب العام تطلعا إلى تحقيق مكاسب خاصة مادية أو معنوية.
وهناك اتفاق دولي على تعريف الفساد كما حددته"منظمة الشفافية الدولية" بأنه" كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام  لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته وبشكل عام وبالنتيجة فإن الفساد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمصلحة العامة .
وتتجلى ظاهرة انتشار الفساد بمجموعة من السلوكيات التي يقوم بها بعض من يتولون المناصب العامة، وبالرغم من التشابه أحيانا والتداخل فيما بينها إلا انه يمكن إجمال بعضها فيما يلي:
-  الرشوة أي الحصول على أموال أو أية منافع أخرى من اجل تنفيذ عمل أو أي تنفيذ أعمال لصالح فرد أو جهة ينتمي لها الشخص مثل حزب أو عائلة أو منطقة…الخ، دون أن يكونوا مستحقين لها.
- المحاباة أي تفضيل جهة على أخرى في الخدمة  بغير حق للحصول على مصالح معينة.
- الواسطة أي التدخل لصالح فرد ما، أو جماعة دون الالتزام بأصول العمل والكفاءة اللازمة مثل تعيين شخص في منصب معين لأسباب تتعلق بالقرابة أو الانتماء الحزبي رغم كونه غير كفؤ أو مستحق  .
-  نهب  المال العام: أي الحصول على أموال الدولة والتصرف بها من غير وجه حق تحت مسميات مختلفة قال تعالى:{ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس  بالإثم وأنتم تعلمون}.
- الابتزاز أي الحصول على أموال من طرف معين في المجتمع  مقابل  تنفيذ مصالح مرتبطة بوظيفة الشخص المتصف بالفساد. الذي نهى عنه ربنا جل في علاه فقال وقوله الحق:{ ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين}.
فالمصلحون المحسنون دائماً للحق والإصلاح موفقون من ربهم ولفعل الخيرات مهتدون، قال تعالى:{ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة } { والذين اهتدوا زادهم هدى} .
والمفسدون مفترون مسرفون فاشلون وفي أعمالهم يراءون ويمنعون الماعون محكوم على سعيهم بالخيبة وأعمالهم بالبوار والخراب والله يقول فيهم:{ أن الله لا يهدي كيد الخائنين}{ ولا يصلح عمل المفسدين}.
ولعله من الحكمة القول هنا عن الفساد أنه  يكفي لإدراك حجمه وانتشاره وسطوة أهله الاستماع إلى ما يتردّد في المجالس والشوارع من الكلام عن كل أنواع الفساد وصنوفه ومظاهره، لنتأكد أنه بات مظهرا يهدد ويخترق مؤسسات المجتمع والدولة، وأنه صار منظومة متكاملة تفسد ولا تصلح، وأصحابه للمجتمع  يهدمون وللأوطان يخربون ولمصالح بلادهم يضيعون ولأكل حقوق العباد يتنافسون وعليهم بذلك حكم الحاكم بقوله جل وعلا:{ إن الله لا يهدي كيد الخائنين}،{ ولا يصلح عمل المفسدين}، ويقول وقوله الحق:{ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}.
لعلهم يرجعون عما صنعوا ويصنعون من فحش في الكسب ونشر للظلم  وسوء التدبير للحقوق والواجبات التي يزعمون مسؤوليتهم عنها والله يقول:{ ولو يوا خذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة}.
ولعل كذلك ما كشفه الرئيس أخيراً في مقابلة صحفية له مع صحيفة أجنبية عن أسباب كراهيته أو تنامي معارضته يظهر لنا نمط وحجم الفساد الذي قضى على قيم المجتمع والدولة وخلق لنا هذه الاختلالات البنيوية والمهددات المصيرية والكارثية لكيان الدولة ولوجودنا كمجتمع ما لم نوجد وسائل فعالة للقضاء عليه وليست كاللتي ذكر رئيس الجمهورية في مقابلته لكبح جماح الفساد المستشري والضاغط وخلق آليات جدية وفاعلة لردم تلك الهوة السحيقة القائمة بين الأقلية المتخمة المستغلة لموارد وخيرات البلد وخدمات الدولة وتلك الغالبية من المواطنين المطحونة بالفقر والمسحوقة بالظلم المجتمعي التاريخي وحاضر فساد الدولة وانسحابها من مسؤولياتها في تقديم الخدمة لموطنيها مبررات وجودها وأصل مشروعية قيامها ؟
ولقد أظهرت لنا أغلب الدراسات التي أجريت على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، نوعية وحجم و التأثير الفساد السلبي على  مواردنا ومشروع بناء دولتنا ومقومات وحدتنا الوطنية ومن ثم على تطور واقعنا الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بل ولمؤسساتنا المجتمعية التقليدية ولكيان الدولة الحديثة ووجود القيم المشتركة .
فقد لوحظ أن الفساد يقلل من فاعلية وكفاءة الخدمات إن وجدت، ويشوه عملية صناعة القرار وحتى ذلك الفردي الموجود عندنا، ويقوّض القيم الدينية والاجتماعية، كما يؤثر الفساد على تحصيل أسباب الخدمات، ومن الصعب تقييم حصيلة عن حجم الفساد في القطاعات المختلفة للمجتمع والدولة وبطريقة علمية وعملية دقيقة وواعية، غير أنه من اليسير والعلمي افتراض واعتقاد أن الفساد أصبح  ظاهرة حية وليست عندنا بالهامشية في الحياة، فالتعليم على سبيل المثال والذي هو أصل وجودنا وأساس التنمية والقائد لنهوض المجتمعات وبناء الدول - إلا عندنا - يتأثر بالفساد من زوايا مختلفة وتفاصيل متعددة لعل من أبرزها وأخطرها وعلى سبيل التمثيل لا الحصر:
1-  يتأثر التعليم من ناحية عن طريق الضغط الذي يمارسه الفساد على الموارد العامة، وبالتالي على ميزانية التعليم التي تمثل جزءاً كبيراً من الإنفاق العام.

2-  من ناحية أخرى يؤثر الفساد على التعليم عن طريق تأثيره على تكلفة الخدمات التعليمية وحجمها وجودتها.

3-  من ناحية ثالثة يكون أثر الفساد في التعليم على قيم المجتمع ووجدان وثقافة المعلمين والطلبة والأسر طويل المدى، وينعكس على أداء الأفراد والخريجين سلبا طوال حياتهم المهنية.

4-    وعلى الرغم من تعدد أوجه الفساد الموجودة في قطاع التعليم، فإن الإجراءات المتخذة حتى الآن تبدو دعائيه شكلية وسطحية، على الرغم من أنه يجب اعتبار التصدي للفساد الإداري والمالي في قطاع التعليم أولوية الأولويات الوطنية القصوى؛ ذلك أنها لا تؤثر فقط على حجم الخدمات التعليمية وجودتها وكفاءتها، وبالتالي مخرجاتها في عالم تضغط فيه المنافسة والعطاء والإبداع، ولكنها تؤثر أيضا على العدالة المجتمعية في التعليم ومنظومة القيم، وثقة المواطن في منظومته التعليمية وهو ما يعني أنه لا بد من عمل جدي وجاد لإيجاد وتطوير الطرق المبتكرة لبناء نظم مؤثرة ومسؤولة وشفافة، قادرة على تقديم الخدمات التعليمية بطريقة تتميز بالكفاءة والمساواة والعدالة في مستويات ومراحل التعليم ولجميع المواطنين.

ولابد من سن قوانين ولوائح تطبق صارمة عقاباً ومكافأة لضبط المجالات الرئيسية التي يمارس فيها الفساد في التعليم وهي التخطيط والإدارة والتنفيذ وهي المجالات التي تحتوي على فرص ذهبية ومربحة لممارسة الفساد في التعليم وذلك على النحو الآتي.
1-  بناء وصيانة المدارس: حيث يمكن أن تظهر بعض الممارسات للفاسدة من خلال العطاءات العامة، والاختلاس، وتصميم المدارس، والتلاعب بالمواصفات أثناء التنفيذ، والرشاوى، مما يؤدي إلى هدر في الموارد المالية المتاحة والمحدودة أصلا، ودرجة جودة المباني التعليمية  كالمدارس والإدارات.

2-  التعيينات: ففي ظل غياب معايير شفافة وموضوعية وعادلة لاختيار القيادات التربوية والتعليمية على مستوى المديريات والوزارة، تطغى الممارسات المبنية على المحسوبية، ومحاباة الأقارب والبارعين في التزلف والنفاق، ودافعي الرشاوى على هذه التعيينات، الأمر الذي ينعكس على كفاءة ونزاهة هذه القيادات، ويقود إلى مزيد من فساد الترهل وضعف الإنتاجية والجودة في نوعية المخرجات.

3-  سيطرة السلوكيات المنحرفة لبعض المسئولين والمعلمين، والتي تتضمن خيانة الأمانة وضياع المسؤولية والتمييز بين الطلبة، والتهرب من إعطاء الحصص، أو إعطائها بشكل صوري، وغير مقنع، والرشاوى في حالات امتحانات المدارس الابتدائية و الثانوية وحتى الجامعة والتي أصبحت وكرا للتيه والضياع والتفسخ والانحلال، وانتشار"الحالقة" لقيم الدين والعلم والأخلاق وعلامات وجود الدولة ما يسمى بالدروس الخصوصية أو المدارس الحرة بالمعنى العامي، الأمر الذي أنعكس على وظيفة التعليم وكفاءة العملية التعليمية والتربوية، وجودتها، وعلى العدالة، والأخلاقيات المهنية العامة غايات التربية والتعليم.

4- نظام اللوازم والتجهيزات والكتب المدرسية، وما يسودها من ممارسات فاسدة من خلال العطاءات، والبيع والاختلاس، وتجاوز المعايير، والإتلاف السنوي الذي يتم لأجهزة ومستلزمات صالحة أو تحتاج إلى صيانة خفيفة، وما يرافق كل ذلك من مزادات يتم من خلالها بيع هذه المستلزمات بأسعار بخسة وغير مسددة للخزينة، ومن خلال رقابة وإجراءات شكلية هزلية وساخرة إن وجدت أصلاً؟!..
5-  الامتحانات والشهادات، حيث انتشرت في السنوات الأخيرة عمليات تسريب وبيع للأسئلة، بالإضافة إلى محاباة الأقارب من خلال المراقبة والتصحيح، والرشاوى وشبكات الاتجار بكل ما يتعلق بالمقررات الدراسية والامتحانات والتزوير العلمي الممنهج، الأمر الذي أدى ويؤدي بل أدى إلى انهيار مصداقية تلك المقررات والامتحانات، والشهادات، وعدم عدالتها، وإفساد منظومة الأخلاق العامة للعلم والمعلم والمتعلم والمجتمع.

6-  ومن مظاهر الفساد والإفساد القاتلة تغيّر السياسات مع تغير الوزراء الغير

مؤهلين أصلاً كحال خلفائهم الفاقدين للخبرة والتجربة كذلك، ويتم ذلك لمجرد أن كل وزير جديد يريد أن يترك بصمته القبلية والجهوية الخاصة والمنافقة، ودون حتى تقييم علمي لما قرره الوزير السابق. مما أدى إلى تضارب السياسات، وعدم وضوح الخطط والاستراتيجيات، وبقاء معظمها حبرا على ورق، ولا وجود لها لا في الوعي ولا في الواقع عند القائمين على عملية التربية والتعليم  من الوزراء إلى المدراء إلى المدرسيين لما أصبح نظاماً عالمياً  وعلمياً لتقويم التعليم"الجودة"و التي تمثل في حقيقتها وأهدافها وتطبيقها بوصلة ومعيارا عالميا لتقيم كل العمليات والأدوات المرتبطة بعملية التربية والتعليم، ويشترط وجودها وتطبيقها للاعتراف بمؤسسات التعليم كعضو مقبول في المنظمات الإقليمية والدولية المعترف بها وبشهاداتها وهي نظام أصبح ملزماً ومطبقاً اليوم  في جميع مراحل التعليم في أنحاء العالم كله إلا نحن ولها اليد الطولى والنفوذ الملزم في جميع مراحل التعليم.
7-  ومن دروب الفساد المسلوكة عندنا اليوم وفي إطار التخطيط لمسيرة سراب

التعليم عندنا إرجاء أو تأجيل أو إلغاء تنفيذ الأولويات المقررة في الخطط، والتوجه نحو ما يسمى بالمشروعات الإصلاحية الجزئية، أو ذات الأهمية الثانوية، بسبب ما يتاح لها من منح أو معونات أجنبية تتيح للوزراء والعاملين في هذه المشروعات الصغيرة مكافآت ومخصصات مالية وفرص للتحويل للحسابات الخاصة، وبغض النظر عما يترتب على ذلك من ضياع الجهود وخلل في ترتيب الأولويات المخططة وطنياً، وتضخم في المشكلات الملحة، وإفساد مسيرة التربية والتعليم والإصلاح المنشود فيهما.
إن ما ظهر من ما هو حاصل من أوجه الفساد، لا يقتصر على قطاع بعينه، و إنما هو جزء من منظومة متكاملة تطال كل مفاصل الدولة على يد هذا الجيل الرديء الذي أنتجه  تحالف الفساد والشر من الأيدلوجيين والعسكريين الحاكمين منذ 1978م وإلى يومنا هذا وهم:{ الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون}، وقد تقاسموا بما يقدسون كما فعل المفسدون من قبلهم ممن قال الله فيهم:
{ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ  قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ  وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ  فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ  فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ  وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} النمل الآية الآيات 49 – 53.
فقد قال واقع حال أولئك المفسدين بعضهم لبعض: تقاسموا بالله بأن يحلف كل واحد للآخرين: لتأتين سلطة القوم بغتة في الليل فنستولي عليها ونبعد كل القوم عنها، ثم لنقولَنَّ لشعب صاحب السلطة والباحثين عن قيم الأمة ما حضرنا المؤامرة والانقلاب وسرقة السلطة والمال، وإنا لصادقون فيما جئنا به وهو أن نفسد في هذه الدولة المختطفين لها وأن نفسد قيم المجتمع ومؤسسات الدولة ونهب كل خيرات الوطن ونبدد موارده ونضيع  مقومات وحدته، فالفساد على أيديهم وفي ظل حكمهم باض وفرخ في كل المؤسسات والإدارة وطريقة صرف الأموال والتعيينات في المؤسسات والعقود العاجلة والمؤجلة .
فمظاهر الفساد تنهش كل القطاعات، أما الفاسدون، فوفقاً لمقابلة الرئيس وأحاديث المجالس ومظاهر الواقع فقد باتوا يشكلون"طبقة سياسية" تسيطر على مفاصل أساسية  في البلد، وعلى الثروة وتدير طريقة توزيعها وإهدارها، وهي لا تعير اهتماماً للرأي العام، طالما لا تكترث لطريقة صرفها، في ما إذا كانت للمصلحة العامة أو لاعتبارات مصلحية خاصة وذلك هو الراجح وما تشهد له كل مظاهر البذخ والفساد والقصور المشيدة في تفرغ زينه وكثير من مدن الخارج وقطعان الماشية السادرة والرائحة والشاهدة على فساد وإفساد كل شاغلي المناصب الإدارية في الدولة من منتسبي  ومنسوبي تحالف الفساد والشر"تحالف الأيديولوجيين والعسكريين" من كل الحركات السياسية( الوطنية- الكادحين- والقوميين، والإسلاميين).
وهي تشكل منظومة فساد من"فوق" إلى"تحت" وتستفيد منها جماعات فاسدة وفاشلة مختلفة وبنسب متفاوتة أيضاً، ويضيع معها إمكانية المحاسبة، في غياب أي عصب اجتماعي أو حراك اعتراضي، حيث الاستنفاع يتجاوز المحاسبة ويطغى على الجميع ومن حين لأخر نشهد نماذج متنوعة ومتعددة ومبتكرة من الفساد، لا يتحمل مسؤوليتها وزير بعينه، ولا يبرأ منها أخر نظير له، وهناك أيضاً تتقاطع المصالح لتشكل روابط عاصمة من المحاسبة بين الفئة المتحكمة بالعائدات مهما يكن حجمها في قطاع معين، وبالقرارات مهما كان نوعها وفي التعليم دائما نشاهد نمطا مبتكراً من الفساد مثلاً منح تراخيص لمؤسسات تعليم عالي لا تتوفر فيها مقومات التعليم الابتدائي أحرى الجامعي، وتعيين رؤساء للجامعات ومديرين لمؤسسات التعليم الأخرى ونقل آخرين، وتوقيع عقود لمشاريع تربوية وهمية في الواقع وممولة من جهات مانحة من دون شفافية، أما التراخيص للمدارس الخاصة أو على الأصح الدكاكين المطففة والمرابية والتي  لا تستوفي هي الأخرى شرطاً واحداً من الشروط المطلوبة ليتحول أصحابها بين سنة وأخرى إلى ميسورين على حساب التعليم والمواطن الضائع بين سراب التعليم وأحلام العيش الكريم التي يفترض أن يجلبها التعلم.
فكيف بعد هذا كله لا يكون الفساد واقعاً مهدداً للوجود وأساسه الإهدار وتوزيع المنافع وقد أصبح من شبه المستحيل اليوم وكما جاء ضمناً على لسان الرئيس في مقابلته تحديد حجم الفئة المفسدة وتلك المستفيدة من الفساد في الدولة والنظام ولا حتى نعرف أيضاً حجم ونوعية الفئة المعترضة على  الفساد وإفساد التعليم ومؤسسات الدولة  وقيم المجتمع؟!. 

13. أبريل 2016 - 8:26

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا