فَضِيلَةُ "الاِخْتِلاَفِ السِيًاسِيِ بِإِحْسَانٍ" / المختار ولد داهي

لا ضير في الخلاف السياسي فالأحادية  و "التًطَابُقيًةُ" السياسية قَتًالَةٌ للمواهب مَزرَعَة للجمود و البَوَارِ والتقهقر بل إني من الذين يعتقدون أن  سُمُوً السياسة  و نبلها و فائدتها و  متعتها و أناقتها وجاذبيتها إنما  تتحقق في ظل "مُطَارَحَاتِ" التعدد و التنوع و "صدامات" الأفكار و الطموحات المجتمعية 

المقيدة بقاعدة "الاختلاف السياسي  بإحسان".
و يُقصد بالاختلاف السياسي بإحسان " سعيُ كل الأطراف السياسية إلي الوصول إلي السلطة أو الاستمرار فيها عبر المنافسة و المُغَالَبَةِ الدائمة للأفكار و الآراء وفق ضوابط الشرع و القانون و النظم  و الأعراف و الذوق السليم؛ و تؤدي تلك المغالبة دائما إلي زحام العقول و إنتاج أحسن المشاريع و الإصلاحات التي تضمن التطوير الدائم للمجتمع نحو الأفضل".
كما أن من علامة صحة و عافية  التشكيلات السياسة المتوسطة و الكبيرة وجود" التنوع السياسي الداخلي" الذي يعني "بروز اتجاهات رأي داخلية  لَحظِيًةٍ و متحركة ( تتشكل غالبا حسب موضوع النقاش و التداول) و تُضفي مناكفاتُها علي النقاش الحزبي الداخلي حيوية و رؤية نقدية و مصداقية و   ديمقراطية داخلية شريطة أن تظل تلك "المُعَاكَسَاتُ" تحت سقف القاعدة الحزبية الصارمة القائلة بأن  الرأي الحر للمنتسب و القرار الملزم  للحزب".!!
و المتأمل لواقع العلاقة بين أحزاب الموالاة و أحزاب المعارضة ببلادنا  للأسف  ملاحظ أنها  خارجة علي قاعدة "الاختلاف بإحسان"قائمة علي عدم الثقة و التقاطع  و التأزيم الدائم بسبب و بلا سبب فبعض أحزاب المعارضة لا تعتبر أحزاب الموالاة أكثر من "مقاولات مؤقتة للإشهار السياسي" و لا تحسبها ندا سياسيا آية ذلك اشتراطها  أن يكون الحوار السياسي مع   إحدي مؤسستي الرئاسة أو الحكومة و جهرها بأن أي محاولة لتكليف أحزاب الموالاة بملف الحوار دليل علي التمييع و عدم الجدية!!.
و بنفس الدرجة من الاستهزاء لا تعتبر أحزاب الموالاة بعض أحزاب المعارضة إلا مجرد نَوَادٍ للظلاميين و "أتباع الإيديولوجيا  الآفلة"  و المتقاعدين و الحاقدين و المستعجلين السلطةَ، القائلين بأنهم أحق بها و أهلها و المدمنين علي الكفر بمخرجات صناديق الاقتراع عبر التاريخ الديمقراطي التعددي للبلد، الضاربين عرض الحائط باستقرار البلد و أمنه و تماسكه ما لم تتحقق" أَخَالِيطُ أحلامهم"بالظفر بالسلطة علي البلاد والعباد!!.
أما المحلل للحياة الداخلية للأحزاب السياسية الموريتانية فلا شك مصاب بالدهشة و الاستغراب من كون معظم  الأحزاب تطالب بالديمقراطية و تمارس الدكتاتورية داخل عمل هيئاتها الحزبية فكل محاولة للتنوع السياسي الداخلي مصنفة دائما نوعا من "الطابور الخامس" و "الموالاة أو المعارضة المقنعة" و لا تعدو مداولات الأحزاب الكبري موالاة و معارضة  غالبا كونها  نوعا من التصديق و المصادقة علي الأوراق المعروضة من دون تحسين و لا تطوير و لا  تعديل"!!.
إن واقع التجاذب السياسي الحالي العنيف بين الموالاة و المعارضة المتمثل في رواج استخدام  "قاموس الخشونة اللفظية" المتبادل بين الطرفين  بدأ يقترب حسب بعض المراقبين الحادبين المشفقين- و المشفقون مولعون مسكونون بسوء الظن- من مزالق العنف اللفظي الذي  يمثل  حسب  التجارب السياسية الحديثة "طلائع" إمكانية التطور- لا قدر الله- إلي تهديد الاستقرار المجتمعي.
و سبيلا إلي تبديد تلك المخاوف أقترح أن تسارع إحدي الكتل السياسية إلي خَيرِ صياغة مشروع "ميثاق للاختلاف السياسي بإحسان"قد يكون من أهم بنوده تحريم استخدام مفردات الخشونة اللفظية بين الموالاة و المعارضة من مثيل (العصابة الحاكمة،  زمرة المصفقين،الحاقدون المتقاعدون، رموز الفساد،...) و كذا سن تقليد إقامة "حفل عشاء سياسي" نصف سنوي بجمع رئيس أو رؤساء "تكتلات" أحزاب المعارضة و كبار معاونيهم برئيس أو رؤساء "اتحادات" أحزاب الأغلبية و أقرب مساعديهم...

 

17. أبريل 2016 - 18:23

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا