أَوبَةُ قَامُوسِ الغلو في الهجاء و المديح السياسي!! / المختار ولد داهي

قرأت مؤخرا في يوم واحد مقالين أحدهما موقع  من طرف أحد " نمور المعارضة" و الأخر مختوم من طرف أحد " صقور الموالاة" مَحْشُوًانِ بعبارات " الخشونة اللفظية المتبادلة" التي لو وُزِنَت بميزان "تحكيم" سياسي موضوعي لاستوجب صاحباها "البطاقة الحمراء" و  الحرمان  من مزاولة الشأن السياسي سنينا عددا!!

كما  لاحظت أن التصريحات الصحفية  و "التدوينات الفيسبوكية"  و "التغريدات التويترية" لا تخلو من عنف لفظي متبادل بين شباب  أطراف السجال السياسي الوطني كل يمدح "صاحبه" حتي يوصله إلي ما دون "سقف العِصْمَةِ" بقليل و يَقذَعُ صاحب غيره مستخدما  أحيانا أسلحة  "الاغتيال المعنوي" كالشائعات و "الصًالُونِيًاتِ" و "الحَوَانِيتِيًاتِ" و إِفكِ "الصفحات خَفِيًةِ الإسم" و اختراقات الحياة العائلية...!!
و لقد ذكرتني أوبة الغلو في المديح و الهجاء السياسي بمَنقَبَةً قصها علينا بباريس معاشرَ الطلاب الفائزين الأوائل بنسخة  سنة  1993 من المسابقة  الدولية لترقية"فرنسة الأعمال"  ـ السيد Jean Marcel Lauginy  "رئيس منظمة ترقية فرنسية الأعمال Association de la Promotion du Français des Affairesالتي تسعي إلي الترجمة  السريعة  للمصطلحات الإنجليزية الغازية إلي اللغة الفرنسية و تشجيع استخدام  الترجمات الفرنسية بدل المصطلحات الإنجليزية الوافدة.
فلقد حدثنا  السيد "لوجيني" بأنه يقرأ يوميا كل المقالات ذات الطابع السياسي و  الاقتصادي و المالي المنشورة بالصحف الورقية الفرنسية مستصحبا مِقَصًا حادا يقطع به  كل المصطلحات الإنجليزية الواردة بتلك الصحف  و يبعث بها  بالبريد السريع و المضمون إلي  مدراء نشر و رؤساء تحرير تلك الصحف مختومة بعبارة هذه " قُمَامَةُ اليوم    C’est la poubelle du Jour".
  ولقد هممت بأن أحذو حذو السيد "لوجيني" فأدون كل يوم ألفاظ و عبارات الخشونة السياسية و "العنف اللفظي" التي ترد من المعارضة و الموالاة في  ثنايا و زوايا التصريحات الصحفية و المقالات و التدوينات و التغريدات  "معروفة أو خفية الإسم" فابعث بها بالبريد الألكتروني إلي  رؤساء الكتل السياسية من المعارضة و الموالاة مُعَرًفَةً بأنها "كُنَاسَةُ و   زُبَالَةُ اليوم"!!.
و يفسر بعض المحللين أوبة الغلو في الهجاء و المديح السياسي إلي "الغيبوبة شبه الطويلة " التي أصابت الحوار السياسي مؤخرا  ذلك أنه كلما انحسرت فرص الحوار و التوافق اتسعت مساحات التنافر و التناحر السياسي؛ و تتباين آراء المحللين و المراقبين حول درجة خطورة الغيبوبة التي أصابت الحوار السياسي  بين قائل متشائم بأنها فائقة الخطورة  و"قاتلة" و مثرَجِحٍ متفائل  بأنها  متوسطة الخطورة  وعابرة.!!
و في تقديري أن تنقية المشهد السياسي من منغصات الغلو في المديح و الهجاء السياسي تعتبر واجب الوقت بامتياز و في انتظار ما قد تفكر فيه الحكومة من إجراءات تشريعية رادعة يأخذ إنضاجها وقتا ليس بالقليل عادة فإن المجتمع المدني مطالب بإنشاء "مرصد وطني لترشيد الخطاب السياسي" يسعي إلي محاربة الغلو المديحي و الهجائي و إصدار قائمة سنوية سوداء بعبارات الغلو المديحي و الهجائي و بأسماء من يمكن نعتهم "برموز الغلو  في المديح و الهجاء السياسي".

22. أبريل 2016 - 10:34

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا