كلمة الإصلاح هذه المرة لكثرة سماعها في هذه الأيام لمحاولة النيل من ذلك الرئيس الذي أعطاه الله من فضله ما لم يعطه لأحد من رؤساء العرب المسلمين في هذا التاريخ .
فإني عزمت أن أكتب حول ما أعرفه من الحياة الدينية عن هذا الرئيس الذي هو وحده ادخر رئاسته حتى تكون ذخرا له في الآخرة عند الله .
وأكتب هذه الكلمة عن هذه الحياة البيضاء لهذا الرئيس بدون أن تكون بيني وبينه أي قرابة مع أننا بينـنا أوثـق عرى قرابة تركها المولى عز وجل بين المسلمين وهي الإخوة الإسلامية التي شبهها الرسول صلى الله عليه وسلم بـأنها : كالجسد الواحد الخ الحديث .
وكذلك فإنه يعلم الله ليس له علي من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربي الأعلى ونرجو هنا أن يرضى عني ربي حتى نرضى ، كما أنـني امتـثـل فيها قوله صلى الله عليه وسلم : من رد عن عرض أخيه المسلم رد الله النار عن وجهه يوم القيامة .
ففي الأيام الأخيرة سمعت في حلقات الرائد صالح بن حنن ما فهم منه الصحفي أن أيام حكم الرئيس هيدالة كانت كلها أيام تعذيب وطغيان الخ آخره وإن كان الرائد قد استدرك في كلامه أنه يمكن أن لا يكون له علم بذلك وأنه متدين الخ ما جاء في تـلك الحلقات .
كما أن الأستاذ محمد بن شـد كتب مقالات عن انقلاب 10 يوليو ويذكر أن أولئـك الانقلابـيين أرجعوا موريتانيا إلى الوراء ويركز على فترة الرئيس هيدالة ولا سيما بعد 16 مارس 1981 ويقول: أنها كانت فـترة دكتاتورية عسكرية اشتدت وطأتها على البلاد حتى أصبح البلد كأنه يعيش في أسوأ فترة له .
وقبـل أن أصل إلى حياة هذا الرئيس الدينية ، وأخص ( بكتابتي حياته الدينية) لأن حياته السياسية كتبها هو عن نفسه في كتابه " من القصر إلى الأسر " .
فإني أبدأ بهذه المقدمة ليسمعها كل مسلم أعطاه الله إيمانا نقيا خالصا متيقـنا فيه قوله تعالى (( وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون )) .
فمن المعلوم عند المسلم أنه محاصر في هذه الدنيا فقـبـل ميلاده لم يكن شيئا مذكورا حتى أنه لا يستطيع أن يكون ابن من ؟.
فالمفــتخرون بآبائهم يدركون جيدا أنهم لم يساهموا في تلك البنوة كما أنه محاصر بعد موته فعندما يموت تـتـبخر جميع مشاريعه السياسية والاقتصادية والثورية الخ ويصبح تحت طائلة قوله تعالى ((فمن يعمل مثـقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثـقال ذرة شره يره )) وقوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث القدسي المخاطب لابن آدم : إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوقيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .
وعـليه فأظن أن أي مسلم يحمل مسؤولية من عـند الرئيس إلى البواب، أو كاتبا يكتب كلمة واحدة ولا تـكون عينه في مسؤوليته أو كتابته على ما جاء في كتاب الله وبـينه الرسول صلى الله عليه وسلم فإن هذا المسلم يصبح تفسيرا لقوله تعالى (( كمثـل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءا ونداءا صم بكم عمي فهم لا يعقـلون )) .
فالله يقول (( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كـنا نسـتـنسخ ما كنتم تعملون )) ويقول ((فورب السماء والأرض إنه لحق مثـل ما أنكم تـنطقون )) ويقول (( إنه لقول فصل وما هو بالهزل))
فمعنى هذه الآيات سيدركها كل إنسان عندما يأته ذلك الملك الذي وكل بموته ، ومعلوم أن ملك الموت لا يعطي الميعاد المحدد لزيارته النهائية،((وما تدري نفس ماذا تكسب غدا))الخ الآية .
وعلى ضوء معرفة هذا الرئيس لفحوى ما في هذه الآية فإني سوف أبدأ ما أعرفه عن تلك الحياة الدينية في نقاط رئيسية :
أولا : أن هذا الرئيس عندما استلم الحكم تذكر أن الله تبارك وتعالى قال مخاطبا رؤساء وملوك المسلمين بقوله تعالى (( الذين إن مكناهم في الأرض أقامو الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)) ( وهذه الكلمة الأخيرة هي تعقيب من الله على امتـثال أوامره ونواهيه وهي أخطر ما يسمعه المسلم) ف(ال) في المعروف هنا للاستغراق وكذلك في النهي عن المنكر أي فعل جميع المعروف والنهي عن جميع المنكر .
ومن المعلوم أن أكبر معروف هو الحكم بما أنزل الله والنهي عن ترك ذلك فقوله تعالى __ وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تـتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتـنوك عن بعض ما أنزل الله إليك )) لم تـترك عذرا ولا تأويلا ولا أي إنحراف عن الحكم بما أنزل الله لمن مكن لهم الله في الأرض .
ولذا قام هذا الرئيس عندما ترأس فورا باستدعاء علماء الشريعة آنذاك وعلى رأسهم المرحوم محمد سالم بن عدود وكذالك ابـين ولد ببانه الذي مازال ولله الحمد موجودا أطال الله حياته مع امتـثال أوامره ، وقال لهم : أنا لا أعرف الأحكام الشرعية ولكن أقول لكم إن أي حكم كتبتموه في أي موضوع يتعلق بحياة هذا الشعب وقلتم لي أنه هو حكم الله في تلك المسألة أوقع لكم عليه ليكون هو الحكم على أفراد هذا الشعب .
هذه الكلمة الدينية الذهبية لم يقـلها أي رئيس إسلامي قـبله ولا بعده في التاريخ المنظور ومن حقها أن يكون يوم قولها يوم عيد فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم بـينـنا وسمعها لجعلها ثالث كلمات قالها لأفعال أصحاب الخير الأولى قال في شأن أهل بدر وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال لهم : اعمـلوا ما شـئـتم فقـد غـفرت لكم ، وثانيها قوله لعثمان بن عفان عندما جهز جيش العسرة قال لا يضر عثمان ما فعل بعد هذا اليوم .
وأنا أقول نيابة عن الرئيس هيدالة ما قاله الفردق لجرير :
أولئك آبائـي فجئـني بمثلـهم **إذا جمعتـنا يوما يا جرير المجاميع
فكذلك فاتوني برئيس عربي مسلم قال لعلماء بلده مثل هذا الكلام وهذا معناه أنه يتيقـن أنه سيلقي الله ليس بـينه وبـينه ترجمان ، وأنه من الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون .
فماذا فعل العلماء ؟ إنه أعطى بحق القوس لباريها فقام أولئك العلماء فنظروا إلى أن أوضح أحكام في الإسلام حث الله المسلمين مباشرة بالقيام يها هي تـنـفيذ حدود الله في القرآن وفي السنة على عباد الله فوق أرض الله لأن الله يخاطب فيها المسلمين مباشرة بفعل الأمر ((والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)) (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما ))
(( ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعـلكم تـتـقون )) فقاموا بتــقنين القانون الجنائي الإسلامي الذي مازال هو الذي بين يدي القضاة يحكمون به حتى الآن ، وتقـنينه فقط هو فرض كفاية أما الحكم به ففرض عين على القاضي وحده فلا يجوز التدخل للقاضي في الحكم ، أما تـنـفيذه فهو فرض عين على الرئيس وحده فلا يحوز لأي شخص أن ينـفذ الحكم ولو على أبنائه إلا بأمر من الرئيس . فـلو لم يأمر الرئيس هيدالة بهذا التـقـنين الذي لم تستطع أي جهة مسولة تـغيـيره بعده مع كثرة المحاولات لذلك لكان الشعب الموريتاني الآن آثما كله إذا ترك المطالبة بهذا التـقـنين .
أما الحكم والتـنـفيذ فسيسأل عنه من يعنيه ذلك فسيقـفون أمام الله ليسألهم عن ذلك وهو أعلم بخلفياتهم في كل ذلك .
وهنا أود أن أسمع المسلمين فقرات من هذا القانون وكيف استبدل فيه الذي هو خير بالذي هو أدنى
فقد كـتـب في الصفحة قبل الأولى: بسم الله الرحمن الرحيم((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا في ما قضيت ويسلون تسليما)) صدق الله العظيم
أما الصفحة الأولى ففي المادة(1) تـنقسم الجرائم إلى ثلاثة أنواع : جرائم تعزير وجرائم حدود وجرائم قصاص أو دية ، هذه المادة استبدلت بالمادة الأولى من القانون الوضعي : تـنـقسم الجرائم إلى : جنايات وجنح ومخالفات .
وبعد هذه المادة تـتابع تفصيل الجرائم وعقوبتها طبقا للشريعة الإسلامية بما فيها القطع والجلد والرجم والتعزير كل في مكانه من الفقه الإسلامي .
وعندما يـنـتهي كل ذلك تأتي المادة(306) لتـقول : كل من ارتكب فعلا مخلا بالحياء والقيم الإنسانية أو انـتـهك حرمة من حرمات الله أو ساعد على ذلك ولم يكن هذا الفعل داخلا في جرائم الحدود والقصاص أو الدية يعاقب تعزيرا بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنـتـين وبغرامة من 5000 إلى 60.000أوقية .
هذه المادة من هذا القانون كافحت بها الشرطة كثيرا من المخالفات التي كانت منـتـشرة بدون نصوص تكافحها ، فقد كان ملاك السينما يؤجرون ( فـشات) الأفلام العارية الخليعة من السنغال بعشرة آلاف أوقية لليوم وينـشرونها في الشوارع العامة لجلب أصحاب النفوس المريضة فتـقوم الشرطة بمصادرة ( فشات من فوق الحيطان ) ويعملون لصاحب النشر محضرا لمخالفته هذه المادة فتصادر المحكمة (فـشات) التي كانت هي أداة الجريمة ، وبعد أسبوع من هذا العمل اختفت تـلك الأدوات الإجرامية .
ولنذهب إلى المادة(448) لنشـنف أسماعنا بما جاء فيها وهو جميع القضايا التي لم تـنظم بهذا القانون تبقي خاضعة لمقتضيات الشريعة الإسلامية ، بدلا من القانون الوضعي الذي كان يقول : كل من لم يوجد في هذا القانون يرجع فيه إلى القانون الفرنسي .
فهنيئا لمن تسبب في هذا الفعل هنيئا له عندما يجده مكتوبا في سجله أمامه عندما يحين وقت تطبيق قوله تعالى (( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا )) إلى آخر الآية .
أما قوانين السياسة والاقتصاد والشؤون الاجتماعية فقد أخر العلماء بمحض إرادتهم تقـنينها حتى يستعينوا بخبرة من قـنـنها قبلهم إسلاميا وتأخر تـقـنينها حتى وقع الانقلاب عليه ولم يـقـنـن شيئا بعد ذلك إسلاميا .
أما المراسيم الإسلامية المتـفرقة فقد جاءت على كل شيء يـبين الإسلام الحكم فيه فقد فصل المرسوم حرمة بيع الخمر وحمله والاتجار فيه والمسؤولية عنه .
وهنا أكتب نـتـيجة ذلك فقد كان متجر اسنيم ( سوم سرت) ملآنا من أكياس الخمر فمن يشربه من المسلمين موفر له ومن لا يشربه فهو مجبر على بيعه مثـل الحليب والعصير إلى آخر ذلك ، لأن القوانين الوضعية لا تحرم ذلك ونـتيجة لهذا المرسوم الصادر من ذلك الرئيس الذي يتـيـقن أنه سيلقي الله فقد قامت الشرطة في أزويرات بمصادرة جميع ما في متاجر أسنيم من الخمور التي كانت النساء الموريتانيات يـبعنها بالرغم من عدم رغبتهم في ذلك ، واختفت تـلك الخمور من متاجر أسنيم إلى يومنا هذا وتـنفس من كان يبعها الصعداء لهذا الإجراء وكذلك صدر مرسوما آخر يجرم أفلام القـتال(الكاراتا) .
هذا نوع من ممارسته الدينية التي لا يراد بها إلا وجه الله ، أما الدكتاتورية كما يزعم البعض فإني أقدم هذا القول والفعـل الذي شاهدته منه : فهو في زياراته للولايات كان يعمل مهرجانا عاما مفتوحا لكل متـكلم إذا كان يشـتـكي من أي مسؤول أو عنده قضية أو طلبات ولا ينتهي هذا المهرجان وأي متـكلم يحب أن يتـكلم وليس أي شيء محظور الكلام فيه وكان هذا المهرجان ينـعقد بعد الوصول مباشرة ويتواصل سبع أو ثمان ساعات ولا أكل ولا شرب قبـل انـتهائه ( وللعلم فإنه اختفى بعده إلى الآن) وكان المسؤولون يخافون من هذه المهرجانات لكشف عورات مسؤولياتهم .
وأتـذكر أنه وصل إلى مدينة اركيز في الحادية عشر صباحا وانتهى المهرجان في الثانية عشر بعد منتصف الليل .
وفي ذلك المهرجان قام شاب من أهل أركيز ولم يـبق نعت خبيث فاحش إلا ووصف به اللجنة العسكرية وعندما طال كلامه قال عقيد مكلف بمهمة يجلس بجنب الرئيس للشاب اسكت يبق فينا من عسكريتـنا أن نرد به عن أنفسنا فالتفت إليه الرئيس وقال له أنت هو الذي تسكت فأمر وزير الداخلية المساعد آنذاك سرا بإيقاف هذا الشاب بعد انتهاء كلامه والرئيس ليطمئن الشاب على نفسه قال : إذا انتهيت فآتـني وعندما انتهى الشاب قام إليه أحد الأمن العمومي وأخذه معه فـلمعه الرئيس فنهر صاحب الأمن نهرة ارتعـد منها المجلس كله قائلا : إلى أين تذهب بالرجل فقال صاحب الأمن كنت أريد أن آتيك به بعد انتهاء المهرجان كما أمرته بذلك فاستدعى وزير الداخلية المساعد سرا مرة أخرى مسؤول الدرك وقال له اصطحب معك ذلك الشاب فسمعه صاحب الأمن الأول فقال لصاحب الدرك إذا كنت تريد أن تبـيت مع أهلك الليلة في أركيز فلا تـقرب ذلك الرجل لأن الرئيس أمنه على نفسه ، فـأين الطغيان والدكتاتورية إذا كانت لغير وجه الله .
أما إدعاء التعذيب في زمنه حتى وقع في بعضه قـتـلى فأنا لا أعلم إذا كان القـتـل وصل إلى علمه أما التعذيب فهو لا علم له به ، ففي ذلك الوقت كانت الحركات الأيدلوجيات على أشدها وبينها العداوة والبغضاء فموريتانيا تغلي بالحركات ولاسيما أنواع الحركات العربية من ناصريـين وبعثيـين إلى آخره وكان جميع أسلاك الأمن قد دخلت تـلك الحركات سرا وهي أي الحركات متباغضة فيما بينها كما ذكرت أعلاه وأصبح بعضها في الأمن يعذب البعض الآخر إذا أعـتـقـل في نطاق أمن الدولة .
ولكن المعذب باسم الفاعـل مازال حيا لذلك ، والمعذب باسم المفعول مازال حيا كذلك وأيدلوجيتهما معروفة لدى الجميع فيمكن أن يسأل اليوم من الآمر بهذا التعذيب فليس كل مسؤول يكون مسؤولا عن فعـل مرؤوسه فالله يقول (( اليوم تجزي كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم)) (( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت )) .
فقضية خالد بن الوليد الذي قــتـل مسلمين يظنهم غـير مسلمين وعندما علم النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم إني أبرأ إليـك مما فعـل خالد ثلاث مرات ، كما أن الشخص الذي قـتـله أسامة بن زيد بعد أن قال لا إله إلا الله فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : أقـتـلته بعد أن قال لا إله إلا الله فقال له أسامة أنا رأيته قـتـل كثيرا من المسلمين وقال لا إله إلا الله لئلا نقـتله فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يكـرر أفــتـلته بعد ما قال لا إله إلا الله فـتـمنى أسامة أن لا يكون أسلم إلا في تـلك الساعة .
أما تعـلق قـلبه بالمساجد فمعروف عند الجميع وأنا أشهد على قضية من تـلك العبادة فقد كان في زيارة لسيلبابي فأوصى الحراس أن يوقظوه عـند الساعة الرابعة وعندما دقوا عليه الباب وجدوه جالسا مستـقـبل القــبلة .
فهو فيه خصلتان يحبهما الله ورسوله الشجاعة والصدق فالأولى كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ فيها من الجبن والأخرى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : مازال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديـقا .
أما اتهامه بقضية الانحياز إلى الجبهة على حساب موريتانيا فـتـلك قضية فبركها على الرئيس من لا يعـرف حقيقـة موقف الرئيس في الموضوع .
فمن المفارقات أنه في الوقت الذي كان بعض الموريتانيين يتهم الرئيس بهذه التهمة كان أكبر عـدو للجبهة في موريتانيا عندهم هو الرئيس محمد خون بن هيدالة ، وكل من كان يمت له بصلة وجاء إلى الجبهة ليـقاتـل معها المغرب لقرابة بـينه معهم عدوه هم أنهم جواسيس لهيدالة وأدخلوهم السجون كثـيرا من الزمن .
فهو اعـتـرف بهم ذلك الاعـتراف الذي يجعله يفصل بينهم وبين المغرب فالمغرب هو المغرب أما الصحراويون فهم الصحراويون الموريتانيون .
وأنا بدوري لا أعتبر نفسي إلا أنـنا والصحراويون جميعا موريتانيون أو جميعا صحراويون فهم ونحن لا ينبغي لموريتاني ولا صحراوي نؤمن بها ولكن الضعيف لا يستطيع أخذ حقه.
وقد حضرت له طرح عليه سؤال في مدينة ول ينج صاحبه قال له : لماذا نحن أطلـقنا سراح البولزاريون وهم لم يطلقوا سراح مساجيـنـنا ؟ فأجاب : نحن أطلقـنا مساجينهم لأن الحرب انتهت أما مساجينـنا فسمعنا أنهم أصبحوا يسكنون بين إخوانهم الصحراويـين وغـير مسجونين حقيقة ولم يطلقوا سراحهم يريدون تلبـية طلب منا ونحن سوف لا نفعله .
وهذا الذي كانوا يطلبون من الرئيس لم يقـله هو في الحين ولكن معروف أنه فتح سفارة في انواكشوط وهو يعرف أنـنا شعب واحد لا نحتاج لسفارة بيـنـنا ومعنى ذلك أنه هو ابن موريتاني صحراوي مثـلنا نحن جميعا الشناقطة البيظان شـئـنا أم أبـيـنا .
أما قـناعته المالية فإن من سمع ما عـنده يوم الانقلاب عليه من المال فسوف لا يصدق أن هذا كان مدير مدرسة ابتدائية ولا سيما رئيس دولة فهو قد تـرك في حسابه يوم ذهابـه
80 ألف أوقية وترك لأهله قسيمتين من كزوال احداهما فيها ستمائة أوقية والأخرى خمسمائة أوقية.
وفي الأخير إذا كان لي أن أتمنى فإني أتـمنى أن أكون رئيسا مكانه وفعلت في الدين ما فعل ولو سجنت أكثـر من ما سجن .يقول تعالى (( أفـرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانو يوعـدون ما أغنى عنهم ما كانو يمتعون ))