ما احوجنا الى تينك اليدين الرائعتين اللتين تشابكتا في موسم الاخو فذكرتنا و قد نسينا حاجة اليد لاختها و افتقارها لدفئها في مغزى رمزي عميق لما ينبغي ان يكون عليه ابناء هذا المجتمع من التلاحم و التآزر و قد اظلهم الله بدوحة الاسلام الفيحاء فاصبحوا بنعمة الله اخوانا يستشعرون جلال العقيدة التي شرح
لها صدورهم و جمع عليها امرهم فكان حقيقا بهم ان يولوا التعارف عليها ما هو جدير به من عناية و رعاية تعارف يجدد ما اندرس و يلحم ما وهى من وشائج و يؤكد البنوة المادية المنتسبة و المنتهية الى اآدم عليه السلام باخرى روحية ترجع الى تعاليم الاديان الصحيحة الملخصة في الرسالات الخالدة و بذلك يصل الدين الخالص الذي هو لله اساس اخوة و منطلق وحدة تؤلف القلوب و توحد الجهود و تنحل فيها العصبيات الخرقاء و الجهويات العمياء لصالح الرابطة الاقوى و العروة الوثقى التي جمعت ابناء الاسلام اول مرة و اقامت دولة العقيدة بسواعد بلال و عمار و صهيب الى سلمان و عثمان و عمر رضي الله عنهم اجمعين و امتدت لتضل اقواما كثرا من غير المسلمين وسعتهم حضارة الاسلام وسماحة شريعته كيف لا و نبيه العظيم صلى الله عليه و سلم يقف تعظيما لجنازة يهودي تمر به وقد سمعه بعض اصحابه في ما رواه الامام احمد في مسنده يناجي ربه
ان الله تعالى ما خلق الناس لينقسموا او يختلفوا بل شرع لهم دينا واحدا و ارسل الانبياء تترا بكلمة واحدة و حرم عليهم من الازل ان يصدوا عن الدين وان يتفرقوا حوله عزين ومن ثم كان توحيد الصفوف و اجتماع الكلمة هما الدعامة الوحيدة لبقاء الامة و نجاح رسالتها ولئن كانت كلمة التوحيد هي باب الدخول في الاسلام فان توحيد الكلمة هو سر البقاء فيه وان الناس ان لم يجمعهم الحق شعبهم الباطل وان لم توحدهم عبادة الرحمن مزقتهم عبادة الشيطان ولو عقل المسلمون احوالهم في هذا الظرف العصيب من تاريخهم لادركو بان ما لحقهم من سقوط و تدلي انما يعود الى انحلال عراهم و تفرق هواهم مصداقا لقوله تعالى
لقد هان المسلمون دولا و افرادا يوم ضعفت اواصر الاخوة بينهم و اصبح الاخ يهان و ينتقص امام اخيه ظلما فلا ينهض لنصرته و لا يسعى في رفع الحيف عنه كيف و قد قال صلى الله عليه وسلم" لا يقفن احدكم موقفا يضرب فيه رجل ظلما فإن اللعنة تتنزل على من حضر حين لم يدفعوا عنه " رواه الطبراني .
وإن مجتمعنا الحاضر مليء بالكثير من صور الظلم والغبن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والمعرفي وسكوت البعض منا على تلك المظاهر مع قدرته على إزالتها أو التخفيف من آثارها مما يعمل على تعكير أجواء المحبة والصفاء بين أبناء العقيدة والوطن والمصير المشترك ويفسح المجال للأعداء المتربصين للتحريش بين الإخوة فيم يد تصب الزيت وأخرى تشعل النار وهي يد مندسة آثمة لايطفئ نارها ويستل سخيمتها إلا مثل تينك اليدين العطوفتين على بعضهما بعضا وقد أيقنتا ألا غنى لإحداهما عن الأخرى فهما كما وصفهما ابن تيمية قبسا من حديثه صلى الله عليه وسلم "المؤمن لأحيه المؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى والوسخ قد لايخرج إلا بالحك وشيء من الخشونة ولكن عاقبته النظافة والطهارة "
فإلى متى تضن يد بالفضل على أختها وحتى متى تمتنع عن تضميد جراحها وإزالة الأذى عنها وهي تقدر على ذلك ؟ أليست أختها في الدين وقسيمتها في الخلق؟! أليست ضريبتها في الوطن والمصير المشترك ؟
تلك معاني نفتقدها وركائز عظيمة للأخوة ننشدها عشناها في "موسم الأخوة "واقعا معيشا نأمل أن لايكونقد طواه "المخيمون " الشباب في حقائبهم حتى تكون الأخوة سلوكا نتمثلها ومثالا نجسده لاأسبوعا أو حتى موسما يجهد "سعاة الخير" في توطينه في واقع معزولين عن امتلاك أدوات التأثير فيه فيلجأون اضطرارا لا اختيارا في مواجهة الواقع ببناء آخر فوقه ولو لأسبوع ! .