هل يحق لنا أن نتساءل عن معنى كلمة لحراطين ؟؛وهل لهم عظماء ذكرهم التاريخ؟؛ودولا و ممالك شيدوها عبر التاريخ الإسلامي؟.
لقد ذهب البعض إلى أنّ كلمة لحراطين تتكون من شقين؛ الشق الأول يعني حرّ؛ والشق الثاني طارئ؛ومن هذا الطرح يمكن أن نؤول كلمة لحراطين بأنّها تعني حرّ طارئ جديد ؛
استرجع حقوقه كاملة في المجتمع بعد ما كان ناقص الأهلية. ومن هذا المعنى سوف نجد أنّ من عظمائهم في الجاهلية؛ عنترة بن شداد الفارس الشجاع الأبيّ؛والذي من روائعه:
ولقد تذكرتك والرماح نواهل
مني والبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنّها
لمعت كبارق ثغرك الباسم
ومن عظماء لحراطين في صدر الإسلام؛ بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛وأحد المبشرين بالجنة؛ ( مالي أسمع دفّ نعليك في الجنة ) .
وزيد وصهيب وسلمان الفارسي وسميه والتالية بشرتهم بيضاء.
لقد كان للحراطين عبر التاريخ الإسلامي دولا ومماليك إسلاميه كان لها شأن وذكر ؛حفرت بماء الذهب روائع في التاريخ الإسلامي؛فقد كان سيف الدين قطز هازم التاتار وقائد معركة عين جالوت من قواد المماليك.
ومن منّا لا يحفظ شيء من روائع المتنبي في هجاء كافور الإخشيدي؛ الذي ساس مصر؛وأذعنت له بحكمته؛ ودهائه الخارق.
قد يحقّ لي ولك من هذا العرض؛ أن نستنتج أنّ الرقّ لم يمنع الارتقاء في السلطة والحكم عبر التاريخ الإسلامي؛ولصاحبه أن يأخذ منزلته طواعية إذا استحقها.
فالإسلام لا يعرف العنصرية؛بل دين إخاء ومحبة.
صحيح أنّ مجتمعاته لا تخلو من الافتخار بالأنساب والأحساب؛وتلك جبلّة في بني آدم كلّها؛ مسلمها وكافرها؛ أبيضها وأسودها؛فالجاحظ العالم الجليل رحمه الله تعالى؛له رسائل تحت عنوان (فضل السودان على البيضان )؛لأنّه كان أسود البشرة.
إنّ شريحة لحراطين التي هي مكون أساسي من المجتمع الموريتاني لها دور بارز في بناء الدولة الحديثة؛من خلال نخبه الحكيمة والحيّة والواعية؛ كأخوك الحرطان وحركة الحر؛مما أثمر لنا اليوم (الميثاق)؛ الذي نحتفل بميلاده.
وفي الأخير علينا أن نتساءل عن العدوّ اللدود لشريحة لحراطين؛هذا العدوّ الذي يقمعهم ويذلّهم كلّ يوم؛يرديهم ويشلّهم كلّ ساعة؛استعبد أجدادهم؛ويهضم حقّ أحفادهم.
من هو هذا العدوّ الشرس؟.
إنّه الفقر والجهل؛وفي نفس الوقت هما عدوّ للبشرية جمعاء.
هذه الكلمة ألقيت بمناسبة ذكرى تأسيس (الميثاق) في مدينة كيفه.