عبر رئيس الجمهورية اليوم في النعمة، عن نيته وفريقه الحاكم اقتراح تعديل دستوري ذي طابع إداري وطرحه للتصويت، لكن اللافت في الأمر هو تبرؤ الرئيس من أي مقترح تعديل آخر قد يطرح للتصويت، قائلا إنه هو لن يكون عقبة في إرساء الديمقراطية في البلد، وكأنه يستبق إعلان البعض دعوتهم
له لفتح المأموريات الرئاسية التي تعهد وأقسم على صيانتها.
قول الرئيس أنه لن يكون بشخصه لن يكون عقبة أمام إرساء الديمقراطية في البلاد ، ليس هو ماكان يتوقع من أحد في موقع رئيس الجمهورية، الذي كان ينبغي أن يكون ضامنا لصيانة الدستور والحفاظ عليه أما أن يكتفي أن لايكون عقبة فماذا يفهم الطفال حين يقول ربّ أسرة أنه لن يكون عقبة في سبيل الحفاظ على أمنها، إنها بالأحرى استقالة من دوره في حماية الأمن للأسرة، بدل القيام بأعباء تلك المسؤولية، إن الرئيس في بلد من العالم الثالث ، لايملك المواطن فيه استقلالية عن الدولة، بإمكانه تحريك ثلث الشعب على الأقل بشطر كلمة منه أو بنية مبيتة، وكان الأحرى به أن يتعهد بالحفاظ على الدستور وصيانة ماتعهد بحمايته إبان انتخابه، بدل التعهد الباهت بأن لايكون عقبة في اتجاه ترسيخ الديمقراطية.
وفي وضعية كهذه التي تعيشها بلادنا اليوم، لم يكن تعديل الدستور أمرا واردا ولا مطلوبا لأي سبب كان، إلا أن يكون التعديل لحاجة في نفس يعقوب، أما ما يهم المواطن البسيط فهو إرساء الديمقراطية وتحقيق التنمية، وهما أمران مترابطان في عصرنا، فالحاكم الديكتاتوري هو وحده من يخاف تسليم الحكم لغيره، أما الحاكم الديمقراطي فلا يخاف ممن يعقبه في سدة الحكم لأنه لا شيء لديه يخفيه أو يخيفه.
ثم إن هذا المقترح لو كان هو المحرك الحقيقي للدعوة لتعديل الدستور لكان الأولى به أن يكون محل نقاش موسع بين النخب السياسية مواليها ومعارضها حتى يُشبع نقاشاً وتمحيصاً، ثم يقدم كمقترح لتعديل الدستور، أما أن يولد ذات ليلة في رأس الرئيس ثم يطرح في مهرجان سياسي، فلا يصدق عاقل أنه الدافع الحقيقي لطرح الدستور على التصويت، إلا من ابتلي بسذاجة وبساطة مهلكة.
في الأخير لاننسى الاعتراف بالجميل لهذا الرئيس الذي لعب بموريتانيا دورا خارجيا ربما أكبر من حجمها الدبلوماسي، كرئاسة الاتحاد الإفريقي، ولكن استدعاء الرؤساء العرب لعقد القمة العربية في انوكشوط هو قرار جريء نرجو أن يكون بداية التفات العرب لهذا القطر الذي طالما نسوه او تناسوه، مع أنه كان ذخرا وسندا للأمة العربية قديما وحديثا، ونرجو أن يكون بادرة خير على بلادنا لتعيد ربط وشائج الأخوة المصرمة منذ أمد بعيد.