قال تعال:{ولَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} سورة}
من فقه الدين أن أصل التوحيد وحقيقة وتجسده في الواقع هو: تحرير الإنسان من سلطة الإنسان فالتوحيد حقيقة ودائماً هو راية يجمع الأنبياء تحتها المظلومين والمعذبين في الأرض
من بني الإنسان في أكبر عملية تحول وتغير وتأثير في التاريخ لمواجهة الملأ من الظالمين المستكبرين المتألهين الفاسدين المستبدين الطاغوتين في الأحكام والممارسات؟! .
وتلك المسميات والأوصاف هي الألقاب القرآنية للنظم والظالمين والسلط فالجائرة الفاسدة، والتي أوجب الدين على أتباعه مواجهتها وإعلان الحرب عليها بمختلف صيغ الأمر والوجوب والتي منها، كما في قوله تعالى:{ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} . سورة .
وقال:{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيداً}، وقال:{ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وأَنَابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرَى }.
فالطاغوت هو كل سلطان في الأرض لا يستمد من سلطانه من حكم الله، وهو كل حكم لا يقوم على العدل والإنصاف المنطلق من شريعة الله، وهو كل عدوان يتجاوز الحق والصواب والرشد، وأشد أنواع العدوان بلاءاً وتأثيرا في الحياة وعلى كرامة الإنسان هو العدوان على سلطان الله وألوهيته في الأرض وحاكميته للبشر، وأشده طغيان جرماً وأدخله في معنى الطاغوت لفظا ومعنى هو إتباعه ومناصرته على الظلم والاستبداد والجور.. وأهل الكتاب الذين وصفوا في القرآن بعبادة الأحبار، لم يعبدوا الأحبار والرهبان ، ولكن اتبعوا تشرعاهم وأحكامهم في المعاملات والسياسة فسماهم الله عبادا لهم، وسماهم مشركين، قال تعالى:{ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله}، فهم عبدوا الطاغوت أي السلطات الطاغية المتجاوزة لحقها، وهم لم يعبدوها بمعنى السجود والركوع، ولكنهم عبدوها بمعنى الإتباع والطاعة والولاء والمناصرة، وذلك في ميزان الحق من أفظع صنوف العبادة التي تخرج صاحبها من عبادة الله إلى عبادة العباد ومن عدل دين الإسلام إلى جور الأديان ؟!
لقد كان خطاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز في النعمة في شكله ومضمونه مجرد حلقة من سلسلت الخطابات العزيزة على الرئيس عزيز، والتي يستعصى على علماء السياسة أن يموقعها ضمن الخطابات السياسية لصناعة الزعامة ورجال القيادة للشعوب المغلوبة على أمرها والباحثة عن منقذ ينقذها من ظلم التاريخ والوقع وظلم بعضها لبعض، وظلم ضياع قيمها وفساد مؤسساتها وإفساد سياسيها ؟!
ومع نظام عزيز وخطابه في النعمة وبعده تظل التساؤلات العلمية والموضعية قائمة وهي: هل كان الرئيس عزيز في نظامه وكل سياساته وخطاباته فعلاً هو المهدي المنقذ المنتظر؟ وهل خصومه فعلاً هم الأشرار الفاسدون الذين أفسدوا الدولة فيما مضى من تسيرها، كما قال ويقول، ويشكلون اليوم ظاهرة صوتية تقف حجر عثرة في وجه مشروعه الإصلاحي ومحاربة الفاسدين الذي يحمله ويبشر به، وهل فعلاً وممارسة حارب الرئيس عزيز ونظامه الفساد؟!!!
يتفق العالم اليوم على أن الفساد هو الطريق القاصد والسبيل السالك والمضمون لخراب الدول والقيم والشعوب والمجتمعات والتحدي الفعلي المباشر، لبسط العدالة وإيجاد فرص التنمية وخلق أسباب النهوض، ولا وجود لمؤسسات الدولةـ ولا مقام للنظام السياسي، إلا بعد اجتثاث الفساد من أصوله والقضاء على جذوره وشخوصه ومسبباته ومظاهره وأشكاله وألوانه ؟
يتفق رأى المنظمات الدولية مع خبراء الإدارة على نه لا إمكانية لبناء الدولة ولا وجود لمقام للعدالة وبسط الحرية والديمقراطية مع وجود الفساد، ويعنون به وبالدرجة الأولى الفساد الإداري والمجتمعي ومن ثم منظومة القيم الأخلاقية والسياسية وبالتالي كل مؤسسات الدولة والمجتمع ؟
فما هو ياترى الفساد، وما معناه ومفهومه في عرف خبراء الإدارة والمنظمات الدولية ؟ وهل الرئيس عزيز في عهده ونظامه وسياساته يمثل الإصلاح فعلاً ويحارب الفساد، في الممارسة والشخوص ؟!
تجمع الأقوال العلمية والآراء الفكرية والأطروحات السياسية على أن الفساد هو:" التأثير غير المشروع في القرارات العامة "أو هو:" كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته "تعريف منظمة الشفافية الدولية أو هو:"القصور ألقيمي عند الأفراد الذي يجعلهم غير قادرين على تقديم الالتزامات الذاتية المجردة والتي تخدم المصلحة العامة" وعلى انه:"فقدان السلطة القيمية وبالتالي إضعاف فاعلية الأجهزة الحكومية".
أو هو:"السلوك المنحرف عن الواجبات الرسمية محاباة لاعتبارات خاصة كالأطماع المالية والمكاسب الاجتماعية أو ارتكاب مخالفات ضد القوانين لاعتبارات شخصية"، أو هو:"الحالة التي يدفع فيها الموظف نتيجة لمحفزات مادية أو غير مادية غير قانونية ,للقيام بعمل ما لصالح مقدم الحوافز وبالتالي إلحاق الضرر بالمصالح العامة، أو أنه "حصيلة الاتجاهات والأنماط السلوكية المتأصلة ليس فقط في الهياكل الإدارية بل في المجال الاجتماعي ككل وفي النمط الحضاري و في قلوب و عقول الموظفين المدنيين والمواطنين على حد سواء"،
أو هو:"ظاهرة سلبية تتفشى داخل الأجهزة الإدارية لها أشكال عديدة تتحدد تلك الأشكال نتيجة للثقافة السائدة في المجتمع والمنظمة والنظام ألقيمي وتقترن بمظاهر متنوعة كالرشوة وعلاقات القرابة والوساطة والصداقة تنشأ بفعل مسببات مختلفة هدفها الأساس وغايتها الرئيسية إحداث انحراف في المسار الصحيح للجهاز الإداري لتحقيق أهداف غير مشروعة فردية أو جماعية، وهذا الفساد الإداري ظاهرة لا تقتصر على الممارسات الفردية بل تعتمد على أكثر من ذلك فتأخذ طابعا نظاميا يسعى لتكريس النفس والاستمرار وليس التفاني الذاتي مع حركة تقدم المجتمع"، وتوصف ظاهرة الفساد الإداري بأنها:-
1-ظاهرة سيئة تؤدي إلى إساءة استعمال السلطة الرسمية ومخالفة الأنظمة والقوانين والمعايير الأخلاقية .
2-ظاهرة تؤثر على أهداف المصلحة العامة نتيجة لتأثيرها السلبي في النظام الإداري .
3- ظاهرة نتجت عن انحرافات سلبية وبالتالي فهي ستولد إفرازات سلبية على النظام الإداري قد يتحمل أعباءها الموظفون والجمهور .
4-ظاهرة سلبية قد تحدث بشكل فردي أو جماعي .
5-ظاهرة تهدف إلى إحداث انحراف في المسار الصحيح للنظام الإداري لتحقيق أغراض غير مشروعة .
6-ظاهرة سلبية قد تحقق عوائد غير شرعية للشخص الذي يمارسها وليس بالضرورة إن تكون هذه العوائد مالية .
هذه هي مجمل تعريفات الفساد عند الخبراء والمنظمات الدولية، ولا أعتقد أن في هذا الوطن أي مواطن له عقل وبصيرة وله علاقة بالإدارة أو كتب عليه أن تكون له مصلحة في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة أو شخص من أشخاص الحكم والإدارة إلا ويرى ويشهد ببروز وانتشار هذا الفساد بكل أشكاله وألوانه و مظاهره، وتموقعه في كل مفاصل مؤسسات الدولة، وتجسيده وتمثله في سلوك أفراد الحكم والإدارة الأمر الذي يثبت أن الفساد في إدارة الدولة في ظل نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز ليس ظواهر شاذة ولا سلوكاً فردياً وإنما هو ظاهرة عامة وسلوك كلي في كل المؤسسات الدولة والأفراد ؟!
وللفساد الإداري أشكال عديدة و كما تقول بحوث ودراسات وتقارير الندوة الإقليمية التي عقدتها دائرة التعاون الفني للتنمية ومركز التنمية الاجتماعية والشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة حيث تم تحديد ثلاثة أشكال رئيسة للفساد الإداري يتضمن كل منها ثلاث ممارسات فرعية وكما هي موضحة في التقرير .
ووفقاً لتلك الندوة وما توصلت إليه، فإن للفساد تجليات وأنماط وكما يقول الرأي العام وهي: 1- الفساد الأبيض . 2 – الفساد الأسود . 3 – الفساد الرمادي .
ووفقاً للممارسة:1 - سوء استخدام الروتين . 2 -الممارسة غير الأمينة للصلاحية . 3 - ممارسات مخالفة للقانون .
ووفقاً للغرض:1 - استخدام الموارد العامة لتحقيق مصالح خاصة .2 - خدمة الأقارب و الأصدقاء . 3 - السرقة العامة .
إن تصنيف أشكال الفساد الإداري وفقا للرأي العام يعني اعتماد الرأي العام أساس لتصنيف شكل الظاهرة السلبية الموجودة: كل ممارسة داخل أشكال الفساد الإداري وفقا للرأي العام :
أولاً: الفساد الأبيض : ويعني إن هناك اتفاق كبير من قبل الجمهور والموظفين العاملين في الجهاز الإداري على تقبل واستحسان العمل أو التصرف المعني، كالرشوة والمحسوبية مثلاً ، وعلى إدارتنا وواقعنا يصدق هذا التصنيف والتكيف!!.
ثانيا: الفساد الأسود: ويشير إلى اتفاق الجمهور والموظفين العاملين في الجهاز الإداري على عدم إدانة عمل أو تصرف سيئ معين، ولا يجادل مجادل في أن كل تلك التصرفات المشينة كالرشوة والسرقة والمحسوبية، أن ذلك كله أصبح من معايير الزعامة والقيادة عندنا في مؤسسات الدولة والمجتمع ؟! .
ثالثاً: الفساد الرمادي: وسمي بالفساد الرمادي لعدم إمكانية احتسابه على أي نوع من النوعين السابقين. ويعود سبب ذلك إلى غياب الاتفاق من عدمه حول عمل أو تصرف معين من قبل الجمهور والموظفين .
كما إن الفساد الإداري وفقا للممارسة يأخذ الأشكال الآتية :
1-- سوء استخدام الروتين: إن تعقيد الإجراءات الإدارية وسوء استخدام الروتين قد يدفع ببعض المواطنين إلى استخدام الأساليب غير المشروعة من اجل الحصول على خدمة ما أو انجاز بأقل جهد أو كلفة، ومكاتب الخدمات والصمصرة عندنا .
2-- الممارسة غير الأمينة للصلاحيات: إن الممارسة غير الأمينة للصلاحيات الممنوحة للموظف في الجهاز الإداري قد تدفع به إلى منح الامتيازات والتسهيلات لبعض المواطنين وحرمان البعض الآخر منها دون الاستناد إلى أسس وقواعد موضوعية أو إلى سياسة معينة ولكم يا سيادة الرئيس أن تنظروا للصفقات كيف تمنح عندنا؟.
3- ممارسات مخالفة للقانون: ويعني قيام الموظف في الجهاز الإداري بممارسات مخالفة للقانون ونصوصه، الهدف من هذه الممارسات المخالفة للقانون هو تحقيق مكاسب شخصية بعيدا عن المصلحة العامة، ولناظر يا سيادة الرئيس أن ينظر إلى طبقة الأرياء من الإداريين والعسكرين عندنا ممن كانت رواتبهم لا تساوى نفقاتهم ؟1
أما بالنسبة للفساد وفقا للغرض فيأخذ الأشكال التالية والذي ركزت عليه الندوة التي عقدتها دائرة التعاون الفني للتنمية بالأمم المتحدة.
1-الفساد الناتج عن استخدام الموارد العامة لتحقيق أهداف شخصية ومثال على ذلك :
أ-التزوير في تقدير الضرائب وتحصيلها .
ب-إقامة مشروعات وهمية .
ج- التدخل في مجرى العدالة .فهل هذا هو حالنا وواقعنا يا سيادة الرئيس .
2--الفساد الناتج عن خدمة الأقارب والأصدقاء ومثال على ذلك :
أ-انتهاك الإجراءات المتبعة لتحقيق مصلحة شخصية .
ب- التغاضي عن الأنشطة غير القانونية لصالح الأقارب والأصدقاء .
ج-تقديم تسهيلات غير مشروعة . رجال الأعمال الجدد والوظائف العليا لمن لا يملكون المؤهلات لها من الأقارب والأصدقاء يا سيدة الرئيس كاشفة صارخة ؟.
3-- الفساد الناتج عن السرقة العامة ومثال على ذلك :
أ-التلاعب بالأسعار .
ب- التلاعب بالرواتب و الأجور .
ج-التلاعب بنظم الحوافز والمكافآت . حالة السوق وتصريحات وزير الوظيفة العمومية تفضح المستور وتكذب الأدعياء والدعايات يا سيادة الرئيس .
وعلى الرغم من تعدد أشكال الفساد الإداري إلا أن معظم هذه الأشكال هي أوجه لظاهرة واحدة تعبر عن ممارسات غير مشروعة خارجة عن القانون.
ومن وجهة نظري كمتأثر وكاتب صحفي مراقب وبحسب علمي ومشاهداتي يا سيادة الرئيس فان أشكال الفساد الإداري وفقا للممارسة فإنه هو الشائع وبشكل كبير في كل مؤسسات الدولة الموريتانية وحتى المجتمعية، وقد يعود ذلك إلى أسباب قيمية وثقافية واجتماعية وأخرى سياسية و اقتصادية .
وتبعاً لتعدد أشكال الفساد الإداري فقد تعددت مظاهره والتي من أخطرها وأبرزها: الرشوة أي الحصول على أموال أو أية منافع أخرى من اجل تنفيذ عمل أو الامتناع عن تنفيذه مخالفة للأصول، وما تذكرنه أنتم من أعمال بعض المفتشين من استرداد بعض المنهوب، وتجريد لبعض المسؤوليتين كاف في الإثبات والبيان؟ .
المحسوبية: أي تنفيذ أعمال لصالح فرد أوجهة ينتمي لها الشخص مثل حزب أو عائلة أو منطقة... الخ , دون أن يكونوا مستحقين لها، وحال المناصرين من أغلبيتك، وما ينالونه من امتيازات التوظيف والمكاسب المادية يغني عن السرد والبيان؟ .
المحاباة: أي تفضيل جهة على أخرى في الخدمة بغير حق للحصول على مصلحة معينة ولنأخذ ما تقدمه الدولة من خدمات ومشاريع لا تسمن ولا تغني ومع ذلك ما هو شكل التميز الحاصل فيها بحسب ولاء المنطقة أو معارضتها؟!.
الواسطة: أي التدخل لصلح من فرد ما، أو جماعة دون الالتزام بأصول العمل والكفاءة اللازمة مثل تعيين شخص في منصب معين لأسباب تتعلق بالقرابة أو الانتماء الحزبي رغم كونه غير كفؤ أو غير مستحق، فكم مذلك يا سيادة الرئيس في نظامكم وإداراتكم؟ .
نهب المال العام: أي الحصول على أموال الدولة والتصرف بها من غير وجه حق تحت مسميات مختلفة، مثل ما تعرفون وتذكرون دائماً عن معارضيكم، وتحويله عن أنصاركم وأعوانكم؟!! .
الابتزاز: أي الحصول على أموال من طرف معين في المجتمع مقابل تنفيذ مصالح مرتبطة بوظيفة الشخص المتصف بالفساد، تازيازت وسنيم وبقيت أخواتهم من مؤسسات الفساد الإداري وطريق كسب سحت المال الحرام خير شاهد؟!.
ومن أكبر مظاهر الفساد الإداري الشائعة حالياً في أغلب المؤسسات هو اشتغال المسؤول الأول بالسياسة والدعاية والتملق والكذب على الحاكم وتزيف الحقائق وترك العمل للإهمال أو لأحد الموظفين من أمن السلطة ومن هنا ينشأ ويبدأ استفحال الفساد الإداري في غياب المراقبة والمتابعة حتى إن العديد من القضايا المهمة التي تحتاج إلى أن يحاط المسؤول الأول بها علماً تحجب عنه ولا يعلم عنها إلا بعد وقوع كارثة أو نتيجة مساءلة للمسؤول من أعلى منه وقضية بطاقات الانتخاب مثلاً حياً شاهداً ؟!!.
أسباب الفساد وأثاره كما تقول تقارير الندوة: من المؤكد وجود مجموعة من الأسباب التي أدت إلى بروز ظاهرة الفساد وانتشارها في مختلف المجتمعات، فقد أكد منظري وباحثي علم الإدارة والسلوك التنظيمي على وجود ثلاث فئات حددت هذه الأسباب والتي هي: حسب رأي الفئة الأولى: أسباب حضرية .
أسباب سياسية: حسب رأي الفئة الثانية : أسباب هيكلية . أسباب قيمية . أسباب اقتصادية. وحسب رأي الفئة الثالثة :أسباب بايولوجية و فزيولوجية . أسباب اجتماعية . أسباب مركبة .
وفي ما يأتي توضيح لآراء كل فئة: أسباب الفساد الإداري حسب رأي الفئة الأولى : الأسباب الحضرية: وتعني إن سبب بروز ظاهرة الفساد الإداري هو وجود فجوة كبيرة بين القيم الحضرية السائدة في المجتمع وبين قيم وقواعد العمل الرسمية المطبقة في أجهزة الدولة لذلك ستكون هناك حالات مخالفة لقيم وقواعد العمل الرسمية تعد استجابة طبيعية للنظام ألقيمي الحضري. كما أنها تبدو تحركا طبيعيا لتقليص الفجوة بين قيم المجتمع وقيم قواعد العمل الرسمية.
الأسباب السياسية: إن محدودية قنوات التأثير غير الرسمية على القرارات الإدارية إضافة إلى ضعف العلاقة ما بين الإدارة والجمهور وانتشار الولاءات الجزئية القبلية. كل هذه الحالات من شأنها أن تؤدي إلى بروز الفساد الإداري .
أسباب الفساد الإداري حسب رأي الفئة الثانية: أسباب هيكلية: وتعزى الأسباب الهيكلية إلى وجود هياكل قديمة للأجهزة الإدارية لم تتغير على الرغم من التطور الكبير والتغير في قيم وطموحات الأفراد، وهذا له أثره الكبير في دفع العاملين إلى اتخاذ مسالك وطرق تعمل تحت ستار الفساد الإداري بغية تجاوز محدوديات الهياكل القديمة وما ينشأ عنها من مشاكل تتعلق بالإجراءات وتضخم الأجهزة الإدارية المركزية .
أسباب قيمية: إن الفساد الإداري يحدث نتيجة لانهيار النظام ألقيمي للفرد أو المجموعة.
أسباب اقتصادية: لعل من أهم هذه الأسباب هو عدم العدالة في توزيع الثروة في المجتمع والذي من شأنه أن يولد فئات ذات ثراء كبير وأخرى محرومة، مؤسسات الصيد والتعدين والذهب عندنا خير مثال شاهد ومخبر يا سيادة الرئيس.
أسباب الفساد الإداري حسب رأي الفئة الثالثة: إن من أهم أسباب الفساد الإداري هي :أسباب بايولوجية و فزيولوجية: وهي جميع الأسباب التي دافعها الأولي والأساسي هو ما اكتسبه الفرد عن طريق الوراثة وكل ما يتعلق بالخلفية السابقة من حياته وما تركته من آثار على سلوكياته وتصرفاته .
أسباب اجتماعية: وهي جميع الأسباب التي تنشأ نتيجة للتأثيرات البيئية والاجتماعية.
أسباب مركبة: وهي جميع الأسباب التي تظهر نتيجة لتفاعل المجموعتين السابقتين من الأسباب .
ويمكن كما يقول معدو التقرير إجمالا مجموعة من الأسباب العامة لهذه الظاهرة وهي: انتشار الفقر والجهل ونقص المعرفة بالحقوق الفردية، وسيادة القيم التقليدية والروابط القائمة على النسب والقرابة، وهذا يا سيادة الرئيس هو حالنا وتصنيفنا في خبراء إدارتك وعند المنظمات الدولية المهتمة .
عدم الالتزام بمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية و القضائية في النظام السياسي وطغيان السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية وهو ما يؤدي إلى الإخلال بمبدأ الرقابة المتبادلة، كما إن ضعف الجهاز القضائي وغياب استقلاليته ونزاهته يعتبر سببا مشجعا على الفساد، وأنت أعلم مني يا سيادة الرئيس لأنك الكل في الكل، وما جرى أخيراً للزميل مون ولد المختار من الشهادات والشهود المعدلة الشاهد على حالنا وواقعنا بالضبط !!.
ضعف أجهزة الرقابة في الدولة وعدم استقلاليتها، مما أعطى الفرص لممارسة الفساد فيما نسميه بالمراحل الانتقالية والفترات التي تشهد تحولات في السلطة أو السياسية والاقتصادية والاجتماع ويساعد على ذلك هشاشة وترهل البناء المؤسسي والإطار القانوني الأمر الذي يوفر بيئة مناسبة للفاسدين مستغلين ضعف الجهاز الرقابي على الوظائف العامة في هذه المراحل، وهذا هو عين ما نعانيه كما تقول أنت ذلك في كل خطاباتك !!!.
ضعف وانحسار المرافق والخدمات والمؤسسات العامة التي تخدم المواطنين.
غياب قواعد العمل والإجراءات المكتوبة ومدونات السلوك للموظفين في قطاعات العمل العام والخاص، وهو ما يفتح المجال لممارسة الفساد.
غياب حرية الإعلام وعدم السماح لها أو للمواطنين بالوصول إلى المعلومات والسجلات العامة، مما يحول دون ممارستهم لدورهم الرقابي على أعمال الوزارات والمؤسسات العامة .
ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة في الرقابة على الأداء الحكومي أو عدم تمتعها بالحيادية في عملها .
الأسباب الخارجية للفساد، وهي تنتج عن وجود مصالح وعلاقات تجارية مع شركاء خارجيين أو منتجين من دول أخرى، واستخدام وسائل غير قانونية من قبل شركات خارجية للحصول على امتيازات واحتكارات داخل الدولة، تازيازت ونظيراتها من عاهرات الاقتصاد وموارد البلاد .
آثار الفساد الإداري: إن للفساد بصورة عامة مجموعة من الآثار السلبية لعل من أهمها: حالات الفقر وتراجع العدالة الاجتماعية وانعدام ظاهرة التكافؤ الاجتماعي والاقتصادي وتدني المستوى المعيشي لطبقات كثيرة في المجتمع نتيجة تركز الثروات والسلطات في أيدي الفئة القلية التي تملك المال والسلطة على حساب الفئة الكثيرة وهم عامة الشعب، وهذا بالضبط يا سيادة الرئيس هو حالنا كما تقول وتصرخ قسمة العمران والأرزاق في المدن والثروات المعدنية والحيوانية والمشاريع الزراعية والوظائف والامتيازات في الدولة؟!.
ضياع أموال الدولة التي يمكن استغلالها في إقامة المشاريع التي تخدم المواطنين بسبب سرقتها أو تبذيرها على مصالح شخصية، وما لذلك من آثار سلبية جداً على الفئات المهمشة، وهنا أسألك أنت فقط عن هذا هل هو الحاصل يا سيادة الرئيس؟.
والسبب القاهر المذل والمفقر الفساد يا سيادة الرئيس واضح وقعه وتأثيره على المهمشين ،المسحوقين المظلومين المكدسين على مداخل المدن وفي الأرياف فبسبب هذا الكم الهائل من ضغط الفساد الواسع والذي أحدث قدراً كبيراً من فقدان الثقة في الدولة وفي النظام الاجتماعي والسياسي، وبالتالي، فقد فقد المواطن المظلوم المقهور شعور بالمواطنة والانتماء القائم على علاقة تعاقدية بين الفرد والدولة، إلى جانب فرض العطالة على أصحاب الكفاءات والعقول المفكرة والقادرة على العطاء والإبداع وتلك الكفاءات التي وجدت نفسها في وطنها تكره على فقدان الأمل في الحصول على أي موقع يناسب قدراتها الأمر الذي دفع الكثير منها للتيه في فيافي هذا العلم الخطر للبحث عن العمل، لأن وطنها حرمها من العمل لا لشيء إلا لأن العوائل التي ينتمون إليها ليس فيها ضابطاً كبيراً في الجيش موال ولا سياسي مؤثر ولا رجل أعمال فاعل، فحكم عليها بالإقصاء والحرمان وكاتب هذه السطور عينة دالة من أولئك الآلاف من الموريتانيين الذين أصدر في حقهم النظام العسكري تلك الأحكام الظالمة القاسية والجائرة بالحرمان من العمل؟!... يتابع