تسارعت خلال الأشهر القليلة الماضية وتيرة الخَرَجَاتِ الجماهيرية الحاشدة و "شبه الحاشدة" و "المحتشمة" المنظمة من طرف المعارضة و الموالاة في شكل مسيرات ومهرجانات ملأت الشوارع و الساحات العمومية صخبا دعائيا و لغطا سياسيا وعنفا لفظيا،.. مما رفع من درجة حرارة و سخونة "الصيف السياسي الوطني".!!
و غير خاف الترابط بين أَوْبَةِ قاموس العنف اللفظي معززا بحُمَي "النًفِيرِ الجماهيري الشًوَارِعِيِ" و تعذر التوصل إلي توافق سياسي حول ممهدات و ميكانيزمات تسيير الحوار السياسي المنتظر بين إئتلاف الأغلبية الموحد و جناحين من أجنحة المعارضة المتعددة :المنتدي الوطني للديمقراطية و الوحدة و تكتل القوي الديمقراطية.
و لا غرابة في هذا الترابط السببي بين"نكبة الحوار" وغليان الشارع السياسي الوطني إذ أنه من المتواتر عالميا و من المجرب-بمرارة - عربيا و إفريقيا أنه كلما غاب "حوار الأفكار" راج "حوار الشعارات" و كلما تعذر حوار "الفرق المعدودة" و "الأبواب الموصدة" تغلب حوار "الحشود المُسْنَتْفَرَةِ" و "الشوارع المفتوحة".!!
و ما من ريب في أن الارتفاع الكبير الملاحظ في سخونة"الصيف السياسي الوطني" يتطلب من كافة الأطراف موالاة و معارضة الجنوح إلي "التبريد" و التهدئة و خصوصا النأي عن "التًرَبُحِ السِيًاسِيِ" بملفات اجتماعية و حقوقية "منزوعة الدسم السياسي" يتحمل الجميع –معارضة و موالاة و نخبا فكرية و دينية- سابقة و راهنة "شيئا من التقصير" في استشراف الحلول المجتمعية و الإصلاحية المناسبة لها.!!
كما أن ارتفاع حرارة الصيف السياسي يستدعي أيضا من "النخب الفكرية من الدرجة الأولي" سواء منهم المقيم و المهاجر "الإفطار من صومهم عن الكلام" و تغذية المشهد الإعلامي و السياسي و الفكري بإسهامات عالية المستوي ترفع مستوي "الجدل السياسي" و لا تترك الحبل علي الغارب لثلة من السياسيين المُسْتَقْوِين بتحريك "القماش الأحمر" "لِثِيرَانِ" الحمية الشرائحية و المناطقية و العرقية.!!
و لأن ذهني منشغل بهَمِ تخفيض سخونة الجسم السياسي الوطني والوقاية من مخاطر"حوار الشوارع" فقد عَنً لي أن أحلم بتحقيق ثلاث أمنيات أولاها أن تتلاقي إرادتا الموالاة و المعارضة علي الدخول عمليا في "هدنة إعلامية عاجلة" يمتنع بموجبها الناطقون رسميا أو عرفيا باسم "خُلَطَاءِ" المشهد السياسي عن استخدام "عبارات العنف اللفظي" اتجاه بعضهم البعض.
و ثانيهما أن يتداعي خمسة من كبار القوم علما و فهما و تجربة و خُلُوًا من خَوَاِرمِ المروءة السياسية و زهدا في فُتَاتِ الشأن السياسي إلي إنشاء منظمة مجتمع مدني تدعي"مرصد ترشيد الخطاب السياسي"يسعي إلي محاربة الغلو في الخطاب السياسي و يصدر سنويا "لائحة سوداء" بمصطلحات الغلو السياسي و بأسماء رموز الغلو في الخطاب السياسي.
أما الأمنية الثالثة و الأخيرة فهي أن يحرك الوازع الوطني عشرة من"نخب الدرجة الأولي" من المهاجرين و المقيمين ابتغاء إنشاء"معهد وطني للوقاية من الأزمات" يكون من مهامه مراقبة "المؤشرات الاجتماعية و السياسية الصفراء" و إعداد تقارير فصلية عالية المستوي العلمي تشخص مظان التوتر الاجتماعي و السياسي و تقترح الحلول المناسبة علي المديين القصير و المتوسط - الطويل .