بعد سلسلة الشهادات التاريخية للعديد من الشخصيات المرجعية والوازنة عبر مختلف وسائل إعلامنا المحلي، أتلمس اليوم –كباحث- الحاجة إلى التعريف ببعض جوانب تاريخ العمل الإسلامي في بلادنا، وهو ما أدعو إليه اليوم من خلال تدوين تجربة الجمعية الثقافية الإسلامية.
***
وبين يدي الموضوع، يطيب لي أن أسوق بعض المقدمات الهامة :
أولا : هدف الباحثين من الكتابة عن تجربة الجمعية الثقافية الإسلامية وغيرها من التجارب التاريخية ينبغي أن يتمثل أولا وأخيرا في استخلاص الدروس والعبر لمصلحة الدعوة الإسلامية والعمل الإسلامي عموما، حاضرا ومستقبلا؛ ذلك أن تجربة الجمعية الثقافية الإسلامية تعتبر -بشهادة الكثيرين- إحدى التجارب الدعوية المهمة التي كان لها بفضل الله تبارك وتعالى أثر كبير في الصحوة الإسلامية المعاصرة في بلادنا.
ثانيا : في إطار البحث في مجال تاريخ العمل الإسلامي أدعو إلى مقاربة أسميها (الناس مصدقون في مقاصدهم)، بمعنى أن نحسن الظن بكل من دخل مجال العمل الدعوي والإسلامي عموما ونلتمس له أحسن المخارج، منطلقا من القواعد الشرعية في هذا الصدد.
وهذه المقاربة تجد سندا لها في منهج التأريخ عند العلامة المؤرخ المختار ولد حامدون رحمه الله، الذي اعتمد فيه على القاعدة الشرعية الراسخة (الناس مصدقون في أنسابهم)، وأنجز وفق ذلك المنهج موسوعة حياة موريتانيا. وكنت شخصيا قد تبنيت منهجه منذ بدايات اهتمامي بمجال التاريخ الثقافي والاجتماعي للبلد، ونسجت على منواله في مشاركات بحثية سابقة.
***
وأقدم للمهتمين بهذا الموضوع – كلبنة أولى من لبنات هذا المجهود البحثي- نص مقابلة مع فضيلة الشيخ محمد المختار كاكيه، يجيب فيها عن أسئلة متعلقة بتاريخ الجمعية الثقافية الإسلامية التي كان فضيلته أمينا عاما لها في فترة نشاطها ما بين 1980 و1994. ومن مواضيع تلك المقابلة : قصة تأسيس الجمعية سنة 1980، الساحة الوطنية والسياق العام أيام النشأة، العلاقة بفكر الإخوان المسلمين، العلاقة بالتنظيم الحركي للإسلاميين في مرحلته السرية، العلاقة مع السلطة في عهد الرئيس محمد خونا ولد هيداله، لعلاقة مع السلطة في عهد الرئيس معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع، الجمعية والمواسم السياسة، العلاقة مع الطرق الصوفية ورسالة الشيخ الحاج ولد المشري، المصادر المالية للجمعية وأجهزة رقابتها، إشكالية النوادي نهاية 1993، ذكريات حول محمد عالي ولد زين رحمه الله، أزمة الاعتقالات وحل الجمعية سنة 1994.
