ما لم يقولوه وتواصوابه عن الشيخ محمد الحسن بن الددو؟! / محمد المختار دية الشنقيطي

ما لم يقولوه وتواصوابه عن الشيخ محمد الحسن بن الددو{أتواصوا به بل هم قوم طاغون}؟!..
لقد كتب الله جل وعلا أن تكون شريعة الإسلام خاتمة الشرائع السماوية وأكملها وأتمها، كما كتب أن تكون أعمها وأشملها، فأوجب على جميع البشر اتًباعها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، سبحانه مقدر الأقدار وخالق الأسباب،

فإنه ليس للواحد منا أدنى فضل فيما يٌكتب من توفيق على عمل قام به، أو من سداد في طريق سلكها وتخطى عقباتها، وإنما الفضل كل الفضل إليه بارئ النسمة وفالق الإصباح وجاعل الليل سكناً، من بيده الخير لمن أراد وأنى شاء، وكتب الشقاء والعذاب والخيبة والخسارة على من طغى وافترى واعترض على حكمه وقسمته لخلقه، وحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، وهو يهدي السبيل ولطريق الحق يبين معالم الطريق:
والله يقول وقوله الحق:{ ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً}ويقول:{ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }، ويقول:{ أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون}.
ويقول:{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنـتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم}.
وقال:{هانتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا }.
وقال:{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتـنة أو يصيـبهم عذاب أليم} .
وقال:{هانتم هؤلاء حاججتم في ما لكم به علم فلما تحاجون في ما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون }.وقال:{ وأعلموا أن الله يحول بين المرء وقـليه وأنه إليه تحشرون، واتقوا فـتـنة لا تصيـبن الذين ظلموا منكم خاصة وأعلموا أن الله شديد العقاب}.
وقال:{ ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثـقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين }.
من خصائص هذا الإسلام العظيم الذي هو أصل الشريعة أنه مبدأ إلهي أو وضع رباني  بامتياز من سائر المذاهب والاتجاهات بأصله وصفة إلهية، وأخص خصائصه أنه حاكم لا محكوم، وهو ثابت لا متغير, في أصوله وقواعده وطبيعته مجموعة من الحقائق منً بها خالق الإنسان عليه ليعرف الطريق الأمثل في مسيرته الدنيوية فيقف على المحجة البيضاء والسبيل السوي والطريق الأقوم! .
ومن سنن الله وأقداره أن لا تخلو ساحات دعاة القيم وميادين العلماء الدعاة المجددين من متاجر منكر غافل صاد عن الحق يجادل في الله بغير حق ساع لإظهار المسألة القوية الظهور والحجة من الحق على أنها لا تدل عليها حجة، ولا يظهرها برهان،وهو في ذلك يسير وراء سراب طمع وهوى تعصب يأباه أهل العلم والدين، وأخطر ما يغشى على بصيرة مدعي العلم والمتفيهق والمتظاهر بالحرص على الحق عند النظر في الأدلة هو غشاء العداوة والجهل والتعصب الأيدلوجي أو المذهبي، فيدفعه ذلك إلى محاولة إلباس الضعيف لباس القوي، والقوي لباس الضعيف، وهو يجادل ثانياً عطفه عن الحق مجاهدا في أن يجعل الناهض من الحجة داحضاً، وما كان هذا سبيل العلماء، ولا من سلوك المتقين الذين يخافون ذلك اليوم المشهود الرهيب الذي يحاسب فيه كل امرء على ما قدمت يداه؟..{ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد وقال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد}.
والله جل في علاه كتب وقدر في أزله ولا معقب لحكمه أن يبتلى أتباع دينه امتحانا واختباراً بصنوف وأنواع تحدي الانحرافات والقصور في التصور والممارسة والتطبيق الناتجة عن سوء الفهم وانحراف العمل وشدة الطمع، وأن يوجد من بين أتباعه الكثير من الناس الذين يحاولون أن يجعلوا من كل ما يظهر لهم مما يرضيهم وما لا يرضيهم أو تشربه أهواؤهم محجة  أوبدعة لها مبدأ وجذور في الحياة والواقع باسم الإسلام فكلما ظهر مذهب في السلطان أو الاقتصاد أو فرضية سياسية أو نظرية علمية حاول تبنيها وإتباعها وباسم القيم والدين جاهدا نفسه باسم العمل للحق أن يؤسس لها في التفكير الإسلامي ويلزقونها بالأحكام الشرعية،التي قد لا يقيم لها وزنا في الأحوال العادية، جاهلاً أو متناسياً كذلك قضاء الله وقدره الأزلي لهذه الأمة أن يبعث لها من حين لآخر من العلماء الربانيين أو الجماعات المستمسكين بالدين أو الأفراد المقسطين من يجدد لها دينها، ويظهر لها أسباب وعوامل تحكيم شرعها ويسلك بها سبيل ناضجات تجارب عقول واجتهادات علمائها والمعلوم: أن الجوهر جذاب وإن كان بين طبقات الثرئ وطلابها هم أكثر الناس تضحية وفداء؟!
ومالك الملك والملكوت رفع من شأن العلماء وأعلى منازل الفقهاء بخدمة الحنيفية السمحة البيضاء، فهم شموس الهداية وبدور الاهتداء، الناضري الوجوه، بتبليغ ما تعلموه وحملوه من أدلة الشريعة الغراء التي لها وبها يعملون وعليها لأتباعهم يربون ولها يعيشون ودونها يقاتلون، والحبيب المصطفى القائد القدوة والأسوة الشفيع المعلم رسول الرحمة- صلى الله عليه وسلم يقول:"نضر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها ورعاها، ووعاها وأداها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"، وذلك لأن الفقه أساس لحسن فهم ما أثر عن النبي- صلى الله عليه وسلم-وإهماله يحدث اضطراباً في الفهم، وفوضى في التعامل، وخروجاً عن مراد الرسول- صلى الله عليه وسلم-بقوله وفعله وتقريره.
ولقد خص الله جل في علاه في بداية التسعينات من القرن الماضي هذه البلدة الظالم  الكير من أهلها والجماعة والساحة العامة فيها بفتى الفقهاء وحكيم الدعاة الشيخ محمد الحسن بن الددو الفقيه المتواضع والحافظ الواضع يده وقدمه في ساحة التحديث المفسر بلا منازع الجامع لأهم العلوم الضابط للفنون المتقن للمتون المدقق للفروع الجامع للأصول الفذ الناقد الأديب الشاعر الزاهد الورع البارع في الأنساب الماهر في عادات وأخلاق وقيم أهله وحواضر عالمه الإسلامي داعياً إلى الله بالحكمة ومعلماً على بصيرة ومزكيا مربيا على دراية ناشراً للعلم في المساجد والبيوت والساحات دروساً علمية ومواعظ تربوية حافلة بتفسير الآيات البينان ومحكمات القواعد وناضجات الفقه وقطوف من صحاح السنن مما يرتاح له قلب العالم ويبتهج له عقل الفقيه وينشرح له صدر المتبتل.
فالشاب الفقيه المحظوظ بما تيسر له من إعداد وتحصيل في أرومة بني هاشم غرة المحاظر الشنقيطية (محظرة أهل عدود) التي حصل معارفه العلمية الأصولية والفقهية وتزكية الأخلاق ورحابة الصدر منها، فلم يغادرها إلا بعد أن أصبح وعاء علم، ودون أن يملك خصم أو معاند مجادل ما يمكنه من نفي أو التشكيك في ذلك وفي مصداقيته وصدقه، وهو الذي حباه الله بسرعة البديهة وذكاء الإدراك مع سعة وعاء الحفظ، المؤهلات الإلهية لمن يريد الله به الخير وقد قال النبي القائد والأسوة الشفيع والقدوة المعلم- صلى الله عليه وسلم-:" من يرد الله به خيراً يفقه في الدين"؟
وقال جل في علاه:{ ما كان عطاء ربك محظوراً} وقال:{ هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} وقال:{ من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحينه حياة طيـبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون }. وقال:{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبـئـكم بما كنتم تعملون } .
ولقد كان الفتى الفقيه الشيخ محمد الحسن الددو قد غادر بلده شنقيط إلى أرض الحجاز بلاد الحرمين فأنشأ فيها بالعلم والدعوة صيتاً حسناً وذكراً جميلاً على ألسنة رواد الفضيلة خدام الدعوة وطلاب العلم وقدراً كبيراً من الحضور والمكانة في القلوب المؤمنة بعلمه وعمله وكان هذا كله  يا تجار المبادئ والوظائف وفجار الخصومة قبل تحصيله الشهادة الجامعية -التي صارت لا تصنع علماً ولا تعطي حكمة ولا تؤهل لمهنة،- فأصبحت حلقاته العلمية جامعة يقصدها الدكاترة والجامعيون والطلبة والتجار والأمراء والعامة والخاصة ثم وسع مدرجاتها وعمم دروسها لتضم طلابا من جميع الآفاق وأطراف المعمورة وأركان القارات الأوربية والإفريقية والآسيوية إماماً بارعاً في العلم وفقيها محدثاً في الأحكام ومربيا بالرقائق من الآيات البينان والمأثورات النبوية حافظاً للمتون الفقهية متقنا لأقوال العلماء غاية في الإنصاف في عرضها والاستدلال بها والترجيح لبعضها على بعض يحكيها بأريحية وإسهاب ما وجدها ومن غير نقص أو اعتراض، فكثر تأثيره وإقبال أتباع المذاهب والطوائف على محاضراته ودروسه واستجلبت أشرطته المعلمة الهادية المربية كما تستجلب أنظمة الفجور والفساد والاستبداد وسائل الإضلال والتعذيب والاذلال للشعوب ؟!
وهو كذلك في العلية من سلوك مشايخ التربية الذين ارتاضت نفوسهم بالمجاهدات والتبتل بالآيات والثابت الراسخ من الدعوات، وتزكت قلوبهم عن الرذائل والشهوات لما ناله من صفات كبار العلماء والمحدثين الحفاظ بحور العلم والحديث، فترى من حديثه ومجلسه العلمي من آثار تزكية نفسه وتمسكه بمذهبه وأنه لا يتعصب له ولا يبخس غيره وإنما ينصفه غاية الإنصاف ولا يطلب مواطن العلل والزلل، الأمر الذي جعل من علمه ذخيرة ثمينة نادرة لأرباب المذاهب كلها ولطلاب السنة من أدلتها، وذلك هو ما يقدمه ويعرضه في دروسه من فقه للحديث وفوائده ومقاصده وغاياته، وكاشفا لعلاقات أحكامه بالزمان والمكان ومتغيرات الواقع، وناضجات الفقه وآثاره، وقواعد الاجتهاد وضوابطه، ومصادره وموارده، ومن دقيق فقهه وخصائص علمه أن المتابع لدروسه يسمع كلمات في مواضيع الجرح والتعديل من أثمن كلام أئمة الفن وجهابذة الحديث ونقدة الرجال، وهذا المنهج بعلمه وتطبيقه مما ميز فقهه عن غيره من نظرائه ويجعل لدعوته وجماعته نكهة تجيد خاصة.
ولقد سمعته سنة 1992م في الحج يحدد ويرسم طريق التفقه في الدين لتلميذه وزميله محمد جميل منصور بجملة من الكتب التي لابد من دراستها وقراءتها لمن يريد أيكون داعية ناجحاً وفقيها مفتياً وسياسياً مسلماً محنكاً فذكر منها زيادة على الكتب المعروفة في بلدنا كتبا تعجبت من علمه ذاك بها وحديثه عن مضامينها وتفاصيل ما بها، وهي لا توجد أصلاً في غالبها في بلدنا وهو ما زال حديث العهد بتلك البلاد والتي لا توجد بها منها إلا نسخ وعلى سبيل المثال مما يحضرني من الكتب التي ذكر له : كتب الأئمة الأربعة وتلامذتهم المباشرين والكتب الستة ونصب الراية للإمام الزيلعي وصحيح أبي عوانة وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان ومصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق والفقيه والمتفقه للخطيب والتمهيد لابن عبد البر والمعرفة والخلافات للبيهقي، وقطعاً يا سادتي أن هذه الكتب كلها مبرأة من الماسونية  والإخوانية، ومن يبهت الجماعة ويفترى فيها على الله الكذب باتهامهم بالماسونية التي يعادونها ويبرءون إلى الله منها، فإنما يؤذي نفسه، ولن يضع من شأنهم، وإنما يكشف شدة حقده وطوية نفسه، وقديماً قال أهل العلم أن المتشبع بما لا يعطي، يستغني عن علم كل عالم وهداية كل هاد، متغمغماً في جهالته، غير ناظر إلى ما وراءه وأمامه؟!
ومن ما لم يقولوه عن جميل أقوله عنهم أنا هنا فقد كنت ذات يوم في المغرب وكنت في دعوة غداء جعلت لي خصيصاً من أحد علماء المغرب ممن له أصول موريتانية ومكانة علمية وكانت الدعوة غاصة من أعيان مجموعة البظان المغربية وكان ذلك في اليوم الموالي لحلقة الاتجاه المعاكس التي ظهر فيها جميل منصور ليظهر بحلاوة وجدارة  عليها طلاوة من صدق وإخلاص موقف الموريتانيين من الصهاينة والتطبيع معهم، ومن النظام الذي طبع معهم فسأل صاحب الدار وصاحب الدعوة الفقيه الوقور سؤال إنكار واستهجان: من هذا الشاب الذي كان البارحة في الجزيرة وفضح وشوه سلطات بلدنا وحاكمه الذي فعل وفعل والذي... فسكت الجميع فقلت له أنا على الخبير سقطت ذاك الفتى الألمعي الفقيه الأصولي قادم من أسرتين موريتانيتين إحدى هما من قبيلة لعلب والأخرى من الفنانين الموريتانيين حين تخلى العلماء وأبناء العلماء الموريتانيين عن حمل راية الدعوة ومقاومة الإلحاد والتنصير والتهويد رفعها هو وحملها وتصدى لمعسكرات الشر تلك وقبيلهم فسكت الشيخ هنيهة وسكت الجميع برهة من الوقت ورجع الشيخ الفاضل على ظهره حتى ضربه الجدار في الرأس ضربة شديدة ثم قال لي يا ولدي لقد فهمتك، فذلكم هو جميل كما خبرته وبلوته من بداية التحاقه بركب الدعوة في صفوف الحركة !!
ومن ما لم يقله شانئوا تواصل وحاسدو العلامة  الشيخ محمد الحسن بن الددو أن المرجعية الفقهية في البلاد السائبة والمنكب البرزخي وصحراء الملثمين وبلاد تكرور وبلاد شنقيط موريتانيا مراجعها الرئيسية في الفقه والأصول منشأها في الغالب مصري: كمختصر خليل وأهم شراحه وأن فكرهم السياسي المعاصر في غالبه مرجعية أهله مصرية كذلك: كالميثاق لعبد الناصر أو عشر سنوات من تجربة الثورة وصياغة هيكل وآخرين وفلسفة الثورة لجورج صيدح والكتاب الأخضر للقذافي أو رجب بدبوس وشيخه الكتاب الأحمر لا فرق وكذلك كتابات المصرين الآخرين التي لها تأثيراتها في الثقافة والفن والأدب ككتابات العقاد وطه أحسين والمنفلوطي وشوقي والبارودي، فما الفرق يا ترى بين أثرهم وتأثيرهم في مجموعة من الموريتانيين نفسياً وفكريا ووجدانياً وفنياً وبين من استفاد وتأثر من كتابات سيد قطب ومحمد قطب وسيد سابق والقرضاوي ومحمد الغزالي وكل أولئك المصرين منتم لمدارس وأيديولوجيات حاملة لخصوصيات الانتماء المجتمعي وتشكيل السياسي لتلك الفلسفات والمدارس بل والبيئات المجتمعية أو الأمر من باب حلال على وحرام على ؟!
والتواصليين أو الإخوان المسلمين كما يحلوا للبعض أن يسميهم ويصفهم جماعة من هذه البلدة من كل مكوناتها فمنهم الفقهاء والحفظة للقرآن والأئمة والصالحات القانتات والشباب المعلقة قلوبهم بالمساجد والناشئون في طاعة الله، ومنهم كذلك من دون ذلك من العصاة وحتى الفجار، والمنافقين والمخابرين، وهم جميعاً ومن دون شك متأثرون علميا وتربويا وسياسيا بحركة الإخوان المسلمين، وهم جماعة لها تاريخ في هذا البلد مشهود ومفحوص في أفرادها ودعوتها وحراكها وطريقة تشكيلها وانتخاباتها الداخلية وتعين أشخاصها في مسؤولياتها التنظيمية والدعوية، ولا معرفة ولا علاقة لهم يا سادتي بتلك الطقوس والخزعبلات التي تقولون إن كانت موجودة أصلاً وأنتم تعلمون كعلمكم لآبائكم أغلب أفراد الحركة الإسلامية الموريتانية والتي شهدت في تاريخها تنصيب أمراء فقهاء عدول وفي زمن السرية ومازالوا أحياء يرزقون منهم من هو في دواريكم السياسية اليوم ومنهم من هو خارجها، وخدمة مني لكم بما تعرفونه في مخابراتكم وتعلمون أني لم أكن من أعوانكم في يوم من الأيام ولم أقدم لكم خدمة ولا تعاونا في هذه الدنيا، فمن الأفراد الذين انتخبوا أمراء للحركة:  محمد الأمين بن الشيخ عبد الرحمن والشيخ محمد الأمين ولد مزيد والشيخ محمد فاضل ولد محمد الأمين والشيخ بومية والد أبياه، فهل رأى أو سمع أحد منهم بما تقولون فسألوهم وهم يفتون ويحللون وينظرون وينقبون ولن يكتموا وأنتم تسألونهم فيجيبون وتصدقون وقطعاً حين تسألونهم فلن يكتموا ولن يكذبوا على ربهم؟
وفي مكاتبهم مثلا: محمد عبد الله ولد حمدي والحسن ولد مولاي أعل وأبو بكر ولد أحمد وأحمد ولد الراظي وخطري ولد حامد، فسألوهم جميعاً ولهم علم كامل بالحركة في زمانها السري، أما بعد ذلك فقد أصبحت ظاهرة بارزة مكشوفة للبحث والتمحيص والتدقيق والتحقيق ، فلن تجدوا عند واحد منهم لا علامة ولا صفة ولا معرفة ولا علم كما هو حال عموم أفراد الحركة بما تفترون وتبهتون وتهذون تماما كما لا صلة  لهم تنظيمية لا في الماضي ولا في الحاضر بالحركة التي تعنون بتنظيم الإخوان، وإنما هي فيما هو واضح ومكشوف من فكر وعلم مبثوث في الكتب؟!
ومن ما لم يقولوه كذلك عن تواصل وهم يعلمون أن السياسة عندهم ليس فيها عمل للآخرة، ولا تقام فيها صدقة السر، وتواصل قدم لهم وفي الأوقات الحرجة لهم  ما لم يقدمه غيرهم وذلك باعترافهم وعلى طبق من ذهب في السياسة وبلا ثمن وعلى جناح السرعة ، الاعتراف بنتائج الانتخابات المخادعة ما بعد دكار والمشاركة في تلك الأخرى المهددة و كل ذلك كان في عملية تناقض صارخة مع رؤية منهجه وقناعات أنصاره،واستراتجيات عمله وسياساته، وفي عملية لم تدفع ضررًا، ولم تجلب منفعةً،للحزب ولا للوطن في التخفيف من تأزم الحياة السياسية بفعل النخبة الفاسدة الحاكمة، وربما بسب الثقافة القبلية العسكرية الحافل تاريخها بحالات تولي زمام الحكم والإدارة بالعنف والتزوير والاستئثار بالسلطة وقهر من يتولي السلطة للناس باسم المصلحة، وشيوع وهيمنة النظام الاستبدادي والإملائي الطاغي، والذي يريد ناعقوه أن يقولوا وبغير الرسائل السياسية المشفرة للتواصليين أن المطلوب منهم اليوم هو الخضوع والقبول بل والعمل على المشاركة في إنجاح عملية تعديل الدستور أو انتظار الحل والقبور السياسية السرية لا القصور الرمادية وساحات العمل المفتوح ؟.
وأن عليهم أن يفهموا أن هذا المجتمع ما تزال مسائل القبيلة والولاء للسلطة طاغية فيه هي التي تقرر مصائره، وأن الدولة العميقة ما تزال هي الفاعلة والمخابرات هي المحركة وفيه مازال الفرد المخالف وفي زمان ديمقراطيته خائف لا يطمئن على ماله ونفسه وحريته، وعلى أساس ذلك تعرف فيه السياسة بأنها استعمال فواعل ووسائل الدولة لاكتساب القدرة على التأثير بغية تحقيق الأهداف المعينة المحددة والتي لا يسمح بتجاوزها، وإن كل شيء فيه مُسيَّس بهذه الطريقة في الحياة والمجتمع والدولة في كل المؤسسات الرسمية والمجتمعي .
وهذه هي السياسة التي تُمارَس في العائلة والمدرسة والشركة والجمعيات الخيرية والسوق ومنظمات المجتمع المدني ولا يسمح لأي منها بالخروج عن هذه المقاسات، ولأجل إيجاد التأثير السياسي وممارسته تُستعمل مختلف جوانب نشاطات الحياة، بالأزمات، وتتمثل إحدى الطرق لمعالجة ظاهرة التوق الشديد لدى كل فئات المجتمع إلى اكتساب القوة السياسية في أن تنشأ في المجتمع ومن طرف عملاء الدولة وتكتسب وظائف ومهن كثيرة بها، فيكتسب المرء بنيلها وطرق الوصول إليها وممارستها المكانة الاجتماعية والسياسية العليا والحظوة عند من يختطف سلطة الدولة، فهل فهم أهل تواصل الرسالة والمشكلة وما هو مطلوب منهم على الدوام في السياسة وثمن الترخيص للممارسة السياسية الممنوح لهم ؟!!.
والله يقول وقوله الحق:{ ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء توتي أكلها كل حين بإذن ربها }.

19. مايو 2016 - 21:45

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا