في قرية اكجرت ( 40 كلم شرق مدينة لعيون) تاقت نفسي و انا طفل صغير للتحليق في الجو منفردا و ان اكون طيارا فحقق الله لي ذلك .. وفي قواتنا الجوية ساهمت كغيري بجهد متواضع في حق الوطن ..ساعتها كانت ظروف الجيش في اسوئ ما يكون عدة و عتاد و رواتب , كنت اتقاضي خمسة وعشرون الفا ,
وكان الضابط برتبة عقيد يتقاضى حدود الخمسين الفا, في حين كان نواب البرلمان يتقاضون زهاء الاربعمائة الف مقابل جلسات تظهر معظمهم نائمون كانت مهزلة الديمقراطية وكان الامر مزعجا و غير مريح مقارنة بظروف الجيش و ما يعانيه العسكر و رجال الامن ساعتها من معاناة صعبة ... تبلورت الي بعض الضباط رتبة (ملازم وملازم اول ) فكرة ارسال خطاب كرسالة تنبيهية و كتحذير أولي للنظام ولم يكن اولئك الضباط بصلة (من حيث الفكرة ) بالإخوة صالح و محمد ولد شيخنا و لا بالأخ محمد الامين ولد الواعر و لا بأي من الفرسان , وحدث لغط في تلك الآونة في بعض الاوساط عن رسالة تذمر من بعض الضباط الي رئيس الجمهورية .. الرسالة كانت تحت عنوان :" موريتانيا المؤسسة العسكرية تحتضر" موقعة باسم , الجندي المجهول ( نسختين عربية و فرنسية ) ذكروا فيها مسطرة رواتب الجيش من جندي الي عقيد واحصائيات تتعلق بالمعاشات اليومية وظروف عيش الجنود في الوحدات (نسخة من تلك الرسالة سلمت لأحد الفرسان البارزين ) .. بعد ذلك بشهرين قامت المحاولة التي جرد فيها الضباط الثلاثة الاخوة صالح و زميليه .. فهل كان لهذا علاقة بذاك ؟ لا , انما هو فقط تلاقي الافكار .. الشاهد هنا يا فرسان .. ان موضوع الاسبقية و من كان يقود و من كان صاحب المبادرة و متي كانت؟ و.. و عديد التساؤلات التي جرتكم لها قناة الجزيرة و دفعتكم للتلاسن الغير لائق , وانتم اكبر من ذلك .. فموضوع الاسبقية و غيره ,فالكل في الجيش كانوا متذمرون علي الاوضاع , لذلك فلا غرابة ان تتبلور مبادرات من هنا و هناك بعضها قديم و بعضها حديث .. فقد كانت غيرة علي الوطن و شعور تقاسمه الكل و بالتالي مسألة التوقيت و الاسبقية لا تستحق كل هذا الضجيج الذي اوقعتكم فيه الجزيرة , يا فرسان , انتم فرسان فابقوا كذلك , والكل يعترف انكم انتم فعلا من جسد الحراك علي ارض الواقع .. فليعذر بعضكم بعضا , كل واحد فيكم محق فيما ذهب اليه , ضحيتم وعانيتم فابقوا الرؤوس شامخة و اوقفوا عنكم ذلك التلاسن المشين .. خانت هذا او ذاك عبارة ام نسي ذكر فلان او علان , فالمقاصد شريفة و نبيلة , هكذا برهنتم كلكم لشعبكم فابقوا كذلك .. الاخ صالح نظيف و صارم وصادق له زلات كغيره فلكل منا عيوب , لكنه بعيد كل البعد من الضغينة والنبش في العيوب و اظهار نقاط ضعف الآخرين , الرجل اعرفه وهو من طينة طيبة.. محمد ول شيخنا اعرفه كذلك ونعم الرجل , الاخوة الطيار محمد ولد سعدبوه والنقيب احمد ولد احمد عبد و النقيب محفوظ ولد سيدي محمد عرفتهم واشتغلت معهم فأكرم بهم من رجال .. بقية الفرسان عرفناهم وعرفهم الشعب الموريتاني , فكلهم بمعنى الكلمة رجال صدقوا, اجتهدوا فأصابوا عند البعض واخطؤوا في نظر آخرين ..وبغض النظر عن النتائج فلا احد في الشعب الموريتاني يساوره شك ان قصدهم كان نظيفا , وهو انقاذ البلاد من تلك الحال لأحسن حال , وفقوا في ذلك ام لا ؟ تلك حركة التاريخ ولا احد يتحكم فيها سوى الواحد الاحد.. فيا عبد الرحمن يا ابن عوف و يا بقية الفرسان , ابقوا الصورة كما كانت في الاذهان , فرسان , تصالحوا فيما بينكم وليعتذر كل لصاحبه عن ماجري من تلاسن عبر الجزيرة و غيرها ..... ثم دخلت و غيري من الضباط الطيارين الحياة المدنية بعضنا استمر في الحرفة و البعض و انا منهم دخلت عالم " الشبشيب " و التجارة و الاعمال فوجدت انه اصعب من الطيران , لكن عرفت مجتمعي اكثر, فوجدته مجتمعا طيبا و يستحق علينا الكثير , صحيح فقراء وكنا في خيام لوقت قريب , صحيح كذلك اننا حديثي العهد بالبيوت و الشوارع و السيارات و الاسواق والمدنية الحديثة ..محمول علي الهودج و انا صغير صوة عالقة في الذهن لازلت اذكرها و جنبنا بقية القافلة و الوالد رحمه الله علي فرسه يسايرنا , لم تكن لدينا سيارات ,الحال كان صعب , ثم بدأت الامور تتغير لكن بشكل بطيئ, ولازال الفقر يعم البلاد , لكن الارض فيها خير ولاتزال بكرا للاستثمار وجلب المستثمرين .. و لذلك طرقت وغيري هذا الباب لعلي اجلب المزيد من الخير لهذه البلاد .