هل يكفي إعلان الرئيس حول "المأمورية الثالثة" لانضمام المعارضة للحوار/ إسماعيل الرباني

أقام مكونان رئيسيان في المعارضة الموريتانية الدنيا ولم يقعداها، بسبب ما قالا إنه ترتيبات يقوم بها رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز لتغيير الدستور بغرض بقائه في السلطة لمأمورية ثالثة مخالفة لنصوص الدستور الحالي.

لقد دأب تكتل القوى الديمقراطية، الذي يرأسه أحمد ولد داداه،

 والمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، الذي يضم أحزاب المعارضة الراديكالية، على الترويج لفكرة نية الرئيس البقاء في السلطة دون أن يكون لديهما ما يؤكد تلك النية لا تصريحا ولا تلميحا.

غير أن ولد عبد العزيز اختار اللحظة المناسبة لتفنيد تلك المزاعم، حيث أكد في حديث صحفي لوسائل إعلام غربية أنه لن يغير الدستور ولن يبقى في السلطة يوما واحدا بعد انتهاء مأموريته الحالية، بل إنه أكد أن احترامه للقسم الدستوري الخاص بتنصيبه رئيسا منتخبا يظل أقدس لديه من أي التزام قد يقدمه للمعارضة اللاهثة خلف الأكاذيب ومحاكمة النوايا.

لقد اختار التوقيت بعناية فائقة، وذلك قبل أيام من موعد إطلاق الحوار الذي دعا له في خطاب النعمة مطلع الشهر الجاري، وذلك بغرض تشجيع أحزاب المعارضة الراديكالية على المشاركة فيه، بعد أن ظل هاجس المأمورية الثالثة يطاردها ويمنعها من الاستجابة لطلبات الرئيس المتكررة للحوار.

تصريح الرئيس أسقط القناع عن الممانعين الذي اتخذوا أكذوبة "المأمورية الثالثة" مطية لتمرير وتبرير رفض الدخول في حوار مباشر وصريح مع السلطة، وطي صفحة الأزمة السياسية التي طال أمدها، وهو ما يعني في النهاية تفرغ الجميع لبناء الوطن كل من موقعه الدستوري، تنفيذا ورقابة.

لا يعول المراقبون كثيرا على استجابة فورية وجماعية لقادة التكتل والمنتدى للدخول في الحوار المرتقب، إذ أن أجنداتهم الخاصة ومكابراتهم المعهودة ستبقيهم في مربع الرفض لكل ما من شأنه أن يؤدي لتهدئة السجال السياسي، غير أن التوقعات تشير إلى أن تصريح الرئيس بخصوص الدستور والمأمورية الثالثة سيزيد من الشرخ العميق الحاصل بين مكونات المعارضة التقليدية، وهو ما سيتجلى في اقتناع المزيد منهم بالانخراط في الحوار زرافات ووحدانا، لتزداد عزلة التكتل والمنتدى تفاقما، خاصة إذا انتهى الحوار إلى نتائج من شأنها أن تشرك المزيد من الفرقاء السياسيين في العملية السياسية، ربما من خلال انتخابات محلية وتشريعية مبكرة.

ولم يقف حديث الرئيس مع الصحافة الغربية على الشق السياسي، بل إنه تحدث عن العبودية في موريتانيا، نافيا أن موجودة في الوقت الراهن بشكل رسمي متعارف عليه، مؤكدا أن ترسانة القوانين الخاصة بها تجرم ممارستها، وخاصة قانونيْ 2007 و2015، والقانون الأخير اعتبر ممارسة العبودية جريمة ضد الإنسانية.

وأوضح ولد عبد العزيز أن ما يوجد من العبودية ينحصر في مخلفات الرق، مشيرا إلى أن الدولة تسعى إلى القضاء على تلك المخلفات، "وهو جهد كبير وطويل وهناك دول كبيرة ما زالت تكافح مخلفات الرق حتى الآن مثل الولايات المتحدة الأمريكية"، بحسب تعبيره.

وأكد الرئيس أن حكومة الوزير الأول المهندس يحي ولد حدمين جادة في مكافحة آثار الرق ودعم الطبقات الهشة، موضحا أن ذلك هو صمام الأمان للوحدة الوطنية.

ويأتي حديث ولد عبد العزيز عن الرق في وقت تحاول المعارضة الراديكالية تحريف مضامين خطابه في النعمة الذي شخص فيه الوضع الاجتماعي غير المنظم للأسر الموريتانية باعتباره عائقا أمام التنمية بصفة عامة، وأمام التغلب على آثار العبودية بشكل خاص.

وحظي الجانب الأمني بقسط وافر من حديث الرئيس للإعلاميين الغربيين، معبرا عن تثمينه للجهود التي بذلت في هذا المجال خلال سنوات حكمه، وهي السنوات التي عرفت تحديث وتكوين الجيش وضبطه للحدود التي كانت مسرحا لعصابات الإجرام والإرهاب، والتي كانت معاركها تصل إلى قلب العاصمة نواكشوط.

وكان الحديث الصحفي مناسبة استعرض فيها ولد عبد العزيز المشاريع الكبرى التي شهدتها الدولة في ظل حكمه، والتي ذكر منها، على سبيل المثال، مطار نواكشوط الدولي الجديد.

كانت المقابلة شاملة وتطرقت لأهم القضايا التي تشغل بال الرأي العام المحلي، ولا شك أنها ستحدث هزات قوية في جسم المعارضة المتهالك أصلا.   

30. مايو 2016 - 1:16

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا