سِيًاسِيُو المَاءِ الفُرَاتِ / المختار ولد داهي

حدثتُ أحد أولي الطول في  الخبرة والتجربة السياسية الوطنية عن استغرابي من  السلوك السياسي لبعض الأقوام الذين يمضون السنوات تلو السنوات في  عضوية الهيآت القيادية للأحزاب السياسية الكبيرة و الفاعلة دون أن يسجلوا موقفا علنيا واحدا  قاطعا من مستجدات المشهد الوطني حتي في فترات 

"الزحف" والتجاذب السياسي  عَالِيِ درجة السخونة  و الخشونة و الاستقطاب،....!!
فأخبرني "صاحب الخبرة" أن هؤلاء الأقوام من السياسيين موجودون بقطبي المعارضة و الموالاة و إن كانوا أكثر تواجدا و أشد صمتا و أوفر حشمة و حياء في صفوف الموالين و أنهم بسلوكهم السياسي  هذا يحرصون علي اتخاذ مواقف "باردة"،كالماء البارد الفُرَاتِ، لا تنفع حليفا مواليا و لا تضر خصما معارضا حتي يكون في مِكْنَتِهِمْ المَيَلاَنُ مع رياح السلطة و القوة و النفوذ حيث مالت.!!
و زاد محدثي بأن "المواقف الباردة" لهذا الصنف من السياسيين  تجعلهم أشبه بما يعرف في التراث الفرنسي"بأطباء الماء البارد الفرات" "Les Medecins d’Eau Douce "الذين يمكن اختصار تعريفهم " بانهم الأطباء الذين يعالجون المرضي بأدوية محايدة لا تنفع و لا تضر" كما كان بعض الأطباء القدامي يعالج  المرضي من الأمراء-حذرا من الخطإ الطبي- "بالماء العذب  الفرات" الذي و إن كان لا يشفي فإنه لا يزيد المرض.!!
و يصنف الكثير من المعلقين "سياسيي الماء الفرات" في خانة "النفاق الأصغر" و "التًقِيًةِ الصغري"  تمييزا لهم عن فئة "النفاق الأكبر" و "التقية الكبري" التي تُنْمَي إليها زمرة المداحين مِلْءَ حناجرهم و "المصفقين بأيديهم و أرجلهم" الذين أثبتت التجارب أنهم لا يجدون حرجا من الدوران مائة و ثمانين درجة مع دوران عقارب ساعة  السلطة والنفوذ و النقود.!!!
و سعيا إلي محاربة ظاهرة "سياسيي الماء الفرات" التي تستبطن و تُبَيِتُ نيات الجاهزية "للترحال الحزبي" و "الولاء الموسمي" و "الجشع السياسي"  فلعله من المناسب في أفق الحوار السياسي المقبل -الذي أفتأ أكرر صلاتي و دعائي أن يكون إجماعيا و أن يكون موطأ المواضيع- اقتراحُ تعديلات علي القانون المنظم للأحزاب السياسية علي النحو التالي:-
أولا:  اشتراط تغيير الخط السياسي للأحزاب ( من الموالاة إلي المعرضة أو العكس) بموافقة ثلاثة أخماس( 3/5،60%)الهيئة المداولة للحزب تعسيرا لشروط الترحال من قطب سياسي إلي آخر و ترسيخا لثقافة المغالبة  و التنافس الديمقراطي ؛
ثانيا:تحريم الانتساب إلي الهيآت القيادية لأحزاب أخري علي المسؤولين الأول للأحزاب( الرؤساء أو الأمناء العامون أو ما يعادلهم) لمدة ثلاث سنوات ابتغاء تشجيع  الاحترافية و التمهين السياسي؛
ثالثا:حظر العمل السياسي الحزبي علي أعضاء الهيآت التنفيذية الحزبيةالمستقيلين من أحزابهم لمدة سنة كاملة و ذك تشجيعا لاستقرار  المؤسسات الحزبية و كبحا "للولاء الموسمي" و "الانتجاع السياسي"؛
رابعا:اشتراط انتساب المنسحبين من الهيآت القيادية الحزبية الجهوية أو المقاطعية إلي أحزاب أخري بتعهد مكتوب بعدم الانسحاب من الحزب الجديد لمدة لا تقل عن نصف العهدة البرلمانية أو البلدية.

30. مايو 2016 - 17:12

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا