وجاء شهر الرحمات / محمد ولد بلال

نستقبل بعد أيام قليلة بإذن الله ضيفا عزيزا على قلوب جميع المسلمين ، إنه شهر السكينة والرحمة والوقار شهر رمضان المبارك ،شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هذا شهر رمضان جاءكم تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه 

أبواب النار وتسلسل فيه الشياطين وقال تعالى "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينّات من الهدى والفرقان " وقال تعالى: 
"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" وفي الأثر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد درجات منبره فقال: آمين ثم صعد الثانية فقال آمين، ثم صعد الثالثة فقال: آمين، فقال أصحابه الكرام بعد الخطبة يا رسول الله على ما أمنت ؟ قال عليه الصلاة والسلام جاءني جبريل فقال لي: رغم أنف عبد أدرك والديه فلم يدخلاه الجنة فقلت: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية فقال: رغم أنف عبد ذكرت عنده فلم يصلي عليك فقلت: آمين، ثم صعد الدرجة الثالثة فجاءه جبريل فقال: رغم أنف عبد أدرك رمضان فلم يغفر له.
فشهر رمضان إذن مناسبة جليلة لفعل الخيرات وترك المنكرات ،ففيه تضاعف الأعمال وهو مدرسة عظيمة للرجوع إلى العزيز الرحيم ،ومساعدة الفقراء والمتحاجين ، ومواساة المرضى والمعوزين .
إن علينا جميعا أن نتجاوز تلك العادات التي تجعل من نهار رمضان وقتا للنوم والكسل واللهو بما لا ينفع الناس ويمكث في الأرض ،ومن ليله وقتا للتمتع بأشهى وألذ الأكلات والانشغال وقتل الوقت بما لا يجدي.
فقدوتنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم وبقية السلف الصالح كانوا يستغلون هذا الشهر أحسن استغلال، باعتباره منحة ربانية سنوية موفق من من الله عليه بحضورها ورزق صيامها وقيامها.
وفي شهر رمضان الكريم ليلة القدر العظيمة التي وصفها الله تعالى في كتابه العظيم بالليلة المباركة "إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين"
وقال تعالى في مدح هذه الليلة أيضا "إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر"
ومن أجمل ما قيل عن هذا الشهر الكريم قول الشاعر:
يَا ذَا الَّذِي مَا كفاهُ الذَّنْبُ في رَجبٍ    حَتَّى عَصَى ربَّهُ في شهر شعبانِ
لَقَدْ أظَلَّكَ شهرُ الصَّومِ بَعْدَهُمَا         فَلاَ تُصَيِّرْهُ أَيْضًا شَهْرَ عِصْيانِ
وَاتْل القُرانَ وَسَبِّحْ فيهِ مجتَهِدًا          فإِنه شَهْرُ تسبِيحٍ وقُرْآنِ
كَمْ كنتَ تعرِف ممَّنْ صَام في سَلَفٍ    مِنْ بين أهلٍ وجِيرانٍ وإخْوَانِ
أفْنَاهُمُ الموتُ واسْتبْقَاكَ بَعْدهمُ     حَيًّا فَمَا أقْرَبَ القاصِي من الدانِي
إنه فرصة عظيمة لتجديد العلاقة مع الله والتغلب على كل الشهوات والمنكرات ، كما أنه موعد لعمل الخيرات وتزويد أرصدتنا الأخروية بما نحتاجه من الحسنات ،لذلك اليوم العظيم،" يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم"
وفقنا الله وإياكم لصيامه وقيامه وتجاوز عنا وعنكم السيئات والمنكرات.

4. يونيو 2016 - 1:14

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا