إن كلمة مبدع وموهوب ومفكر... إلخ، لم تعد تطلق إلا على رويبضة هذه المجالات الأدبية مقارنة بما هو أهم منها، وهو الدين الذي حاربوه قبل غيرهم في رواياتهم وأعمالهم التافهة إلا ما رحم الله (وكان بإمكانهم على الأقل مناقشته بحيادية لكن لجهلهم به حاربوه وحسدوا أهله ووصفوهم بالجهل والتحجر)..
وانظر لحالنا اليوم أصبحت الشهرة الفنية تضع الجاهل بدينه المحارب له في مصاف العظماء، فرأي الفنان والمؤلف أصبح يعتد به في القضايا الوطنية الصغرى والكبرى (وتأمل فيما تعرضه الصحف والقنوات)!!، وهو محبوب متبوع!! أما الشيخ والداعية والملتزم بدينه فمكانهما مزبلة التخلف والرجعية والتطرف حتى وإن قالا الحق، فالحق عند البعض قديم ويمت للأعراب المتخلفين وللصحراء بصلة، أما الحضارة فمنبعها بلاد الرقي والعهر الباردة، بلاد الغرب المتحضر !!
أصبحت هذه الموهبة الغبية - موهبة الكتابة الروائية - أداة عند الكثيرين في السخرية من الدين والمتدينين، بل ومن خالقهم في رواياتهم ومقالاتهم ! -، بل أيضا من اللغة العربية فأغلب الروايات يحاول كتابها إرغام القارئ على تقبل اللغة العامية كبديل أوضح تعبير من العربية الفصحى، أو كلمات دونية سخيفة يدسونها بالعنوة في مؤلفاتهم للتشويش على لغة القارئ !..
أصبح الطفل موهوبا إذا رسم رسمة أو ألف قصة أو قصيدة سخيفة، أما عندما يحفظ القرآن ويركز على دينه، فتلك الطريق التي لا تجدي شيئا عندهم (طريقة شعبة O عندنا سابقا)، وهو في نظر أولئك المثقفين متطرف يستحق أن تؤلف الروايات المبينة لحاله تحذيرا للمتحضرين منه !
وتأمل انحراف كاتب رواية "الحرافيش" الذي وصلت به الجرأة الإبداعية إلى الخالق عز وجل وأنبيائه الكرام ! غفر الله لنا وله..
ويظن هؤلاء الكتاب - مثل الأغبياء الشعراء - أنهم يكتبون ما يضاهي القرآن الكريم حسنا وبلاغة ! وما يكتبونه مجرد تفاهات وخزعبلات، خصوصا إذا تضمن انحلالا وسخطا على الدين وعلى تقاليد المجتمعات المحافظة (وهذا هو اكثر ما يكتبون طمعا في جوائز شياطين الغرب التي لا توهب إلا لمن فجر وفجر أخلاق غيره بقلمه، حتى أنني أذكر أن السينما التونسية والمغاربية كانت إلى عهد قريب لا تناقش غير العهر والفجور، وتحتفي بها المحافل الغربية، ولا أدري هل ما زال الأمر كذلك أم لا)..
لقد تتبع أكثرنا رموز هذه الكتابات من أهل الإنحلال والإنحراف الذين تشهد كتاباتهم على ما في أجوافهم من خمور.. وتركنا تعلم الدين، فضاع الوقت هباء..
تتبعنا باستماتة هؤلاء الرويبضة في نزع ورقة التوت التي تغطي بها الحياة عورتها، في محاولة مستديمة لإظهار كل ما هو مستور، فهل ناقشت الحياة - في الواقع - أو عرضت ما يفعله المرء بزوجته أو وهو في المرحاض ؟ أبدا، لم تناقش ذلك ولم تتقصد إظهاره، ولكن هؤلاء التافهين فعلوا..
لقد كان أدباء وفلاسفة أوروبا المتحررين لجهلهم بالدين الصحيح، وتعرضهم لأذية الدين الكنسي الظالم، معذورين في هجمتهم على دينهم الظالم الفاسد! فلماذا تبعهم كتابنا المسلمون ؟ أبسبب الجهل والبدع المشؤومة التي تفتك بالأمة ؟
لقد تم قبولهم من طرف كل من يزعم أنه من الطبقة الراقية المتحضرة - على غرار تحضر الغرب الماجن -، ولفظهم السواد الأعظم من الشعوب المستكينة لخالقها الرافضة لكل ما يتعارض مع فطرتها السليمة، فتحولت المجتمعات في البلدان الإسلامية إلى طرفي نقيض، الأول قلة من المثقفين - بثقافة الغرب طبعا - تضم الأغنياء وأصحاب المال والتحرر والفجور، ولا هم لها إلا العب من شهوات الحياة وترك آثار ذلك البائسة خلفها، أما الطرف الآخر فتمثله أكثرية فقيرة مؤمنة متمسكة بفطرتها، تحاول الفئة الأولى التأثير عليها بكل ما أوتيت من وسائل الإشهار الشيطاني والدعاية له (ولا زالت محاولات التأثير تلك كثيرة، نراها على كل المنابر حتى اليوم، والله وحده العاصم من شياطينها)..
لقد رأينا المتحررين في أفلام الخمسينات (والسينما امتداد أو جزء من الأدب الروائي) يعيشون في كوكب غربي، يعربدون، ويزنون، ويتزيون بالزي الأوربي في محاولة لفرض ذلك على مجتمعاتهم، وتقبلتهم الطبقة الثرية التي اتسمت بالرقي وهي بعيدة منه، فسار الجميع في طريق إبليس فلم يتقدموا خطوة واحدة ولم ينهضوا بالأمة شبرا واحدا !..
إخوتي.. إذا قرأنا مثل هذه الروايات التافهة التي لا تزيدنا شيئا لا في الدين ولا في التجربة، فلنقرأها كقصص نتسلى بها في أوقات فراغنا، والأهم من ذلك كله - وهو يكفي في ملأ الفراغ -، أن نتعلم ديننا الصحيح المبني على الإتباع وعدم الإبتداع، ومطالعة كل ما يتعلق به وبعلمائه الحقيقيين، والعكوف علة ذلك فهو خير من العكوف على هذا الغثيان الأدبي والسينمائي والتلفزيوني المستمر.