تستعد موريتانيا لتنظيم القمة العربية في دورتها 27 التي تقرر تنظيمها بنواكشوط لأول مرة 25/26 يوليو القادم..
ويبدو أن المجتمع الموريتاني لم يعط بعد لهذا الحدث الجلل الاهتمام الذي يستحق خاصة وأن الدولة ولموالاة والمعارضة من جهة مازالت على حالها في لعبة كسر العظم ...
وحدث مثل هذا يتطلب منا جميعا وقفة رجل واحد خاصة بعد ان اصبحت الكتابات المتهكمة والساخرة ترد من هنا وهناك في عدم اهليتنا لتنظيم القمة وهذا ما يستوجب على الغيورين على هذا الوطن وقفة استراحة من التجاذبات السياسية الى مابعد القمة وهذا سيعطي انطباعا حسنا لدى الضيوف...
كما يجب الاهتمام بالجانب البروتوكولي والتعبئة الشاملة في الأوساط الشعبية والاهتمام بالجانب الإعلامي...
فهذه القمة تعد فرصة مثالية لتقديم موريتانيا في ذاتها المتصالحة وخصوصيتها الثقافية إلىالضيوف ..
ومما يثلج الصدورافتتاح المطار الدولي الجديد في العاصمة قبيل موعد القمة لاستقبال الضيوف في ظروف جيدة. والأعمال الجارية من شق الطرق وتجهيز العمارات اليومية..
وبعيدا عن السياسة والمصالح النفعية الضيقة فإننا تجمعنا موريتانيا جميعا وتهمنا سمعتها خاصة بعد اقتراب ميعاد القمة ولاحل يلوح في الأفق للأزمة الحالية..
فموريتانيا معروفة منذ الأزل بحسن الضيافة واكرام الضيف.. فالكرم متأصل في العقلية البدوية ،فهم يشتهون إكرام ضيوفهم ويخافون العجز عن معاملتهم..
وشعارهم دائما :الجود بالموجود .. عندما ينزل بساحتهم الضيوف.. ومن أديباتهم : الخاطر حتى يغادر.... والخاطر هو الضيف عندما يحل نزيلا على الحي فتبيت نارهم تجتهد له على أحسن القرى..ومن الأشياء المدانة عندهم الازدراء بالضيوف..
فإذا جلب الأفق ضيفا ..استنفرت الأسرة أفرادها ولاحت الفضيحة مهولة كثيفة مخوفة ،فيعلن التأهب أقصاه ،وتستدعى شيمة السخاء منتهاها حتى يرحل..
أما اذا كان هناك الكثير من الوافدين فان كل خيم الحي(لفريگ) تتعاون على قرى الضيوف....
وقداخترع العقل الجمعي لصيرورة هذه العادات نظاما اجتماعيا متكاملا قاعدته القبيلة، وقد نشطت المهارات الإبداعية في هذا المجال فاخترعت ضمانات أخلاقية، واجتماعية، للحيلولة دون تلاشي هذه العادات فمثلا:
عبارات (وخْيراتْ، ووْرخَستْ) قد تطورت هذه العلاقات حتى اتخذت مكانة مرموقة في عرف المجتمع الشنقيطي. ولعل كلمة (وخْيراتْ) لما تبعثه في شخصية الموريتاني هي الدافع الأساسي الذي حمل المجتمع على عدم التنكر لهذه العادات، وهذا ما يفسر وجود عدد كبير من الناس في بيت كل موسر من سكان المدن الموريتانية، وقد يصل الأمر إلى حد تضرر الشخص ماديا وأدبيا بسبب التكاليف الباهظة التي يجرها عليه تواجد هؤلاء حوله. ومع ذلك تأبى عليه تلك الروابط أن يبدر منه أدنى تبرم، لأن ذلك يعتبر ضعفا في المروءة وروح الشرف (أمْحيلي)....
إن روح الشرف المرتبط بقيم البطولة والإباء والحكمة هي الدافع إلى التضحية لصالح المجتمع والباعثة على التنافس الخلاق ( التفاييش) بحيث إذا اجتمعت جماعة من الناس من طبقة اجتماعية معينة، في السعي لتحقيق غاية، واستطاع أحدهم أن ينالها، فإن الأفراد الآخرين سيستسهلون الصعب حتى يفعلوا مثله ولا شك ا ن التنافس على اكرام الضيف هي ديدان هذا المجتمع كما تقدم آنفا..
وانتقال الموريتاني من البادية إلي المدينة لم يؤثر علي إكرامه للضيف وحسن معاملته بشكل كبير بل مازالت تلك الصفة ملازمة له أينما حل ....
فمجتمعنا مثل كل المجتمعات يقف بكل فئاته حارسا على قيمه وأعرافه، وهو مستعد لإقصاء من يخرج عليه ونبذه، ولذا فإن من المصادر الأساسية لمقاومة التغيير الخوف من الابتعاد عن القوانين التي يبنيها المجتمع....
واذا فرضنا أننا مازلنا مسكونين بروح بداوتنا الأصيلة على حد قول العلامة حمدا ولد التاه وأننا مازالت تربطنا أواصر مشتركة كالنسب والثقافة والتاريخ والمصلحة العامة..
فانه أصبح لزاما علينا أن نجد جسورا آنية أو دائمة نقف عليها جميعا حتى نودع الضيوف القادمون.!