هناك حلم قديم يراود إيران للسيطرة على البلاد العربية ، فخلال الحكم "الأخميني "في القرن السادس قبل الميلاد احتل الفرس في زمن ملكهم " قورش" العراق والشام ، ثم اتسعت امبراطوريتهم غربا حتى شملت مصر وليبيا في العام 500 ق.م، وامتدت جنوبا حتى خليج عمان والبحر الأحمر .
أما في العصر الحديث فقد احتل الفرس سنة 1925 إمارة الأحواز العربية الغنية بالنفط التي يقول عنها تركي الربعي في مقال بعنوان : ( الأحـواز ستـتحرر ولكن بـشروط ) " منذ انتصار المسلمين على الفرس في القادسية وإقليم الأحواز تحت حكم الخلافة الإسلامية ويتبع لولاية البصرة إلى أيام الغزو المغولي ومن بعد نشأت الدولة المشعشعية العربية واعترفت بها الدولة الصفوية والخلافة العثمانية كدولة مستقلة إلى أن نشأت الدولة الكعبية (1724-1925م) وحافظت على استقلالها حتى سقوطها على يد الشاة بهلوي ".
وقد أوغلت إيران في استعمارالاحوازوالتنكيل بشعبها ، وحاولت دون جدوى طمس هويتها ، واستخدمت أراضيها معبرا عندما تبنى قادة الثورة الإيرانية عام 1979 سياسة تصدير الفكرالفارسي المشحون بالكراهية والطائفية البغيضة ، لتحقيق مرامي إيران السياسية ، بإحياء أمجاد الدولة الصفوية ،والإمبراطورية الفارسية إلى الأقطارالعربية ، حيث تم إنشاء العديد من الأحزاب والحركات السياسية الشيعية في العديد من الدول العربية ، بغية خلخلة وضعها الأمني، وإحداث البلبلة فيها وتفكيك بنيتها ، لتصل بعد ذلك إيران إلى العمق العربي عن طريق القيام بتشكيل المليشيات وخلق الزعامات والمرجعيات الموالية لها ، بالتنسيق مع إسرائيل التي قدمت لإيران الكثيرمن الدعم خلال الحرب العراقية الإيرانية التي شارك فيها الاحوازيون الأبطال إلى جانب أشقائهم العراقيين، دفاعا عن العرب ، عندما شكل الجيش العراقي جدارا قوياً في طريق المد الصفوي حتى اضطر الخميني لتجرع كأس سم الهزيمة في القادسية الثانية بقيادة صدام حسين وحزبه ، رغم أن حجم مبيعات السلاح الاسرائيلي لإيران وصل إلي عدة بلايين من الدلارات ، حسب ما أسفرت عنه فضيحة "إيران غيت " سنة 1986 .
كما أن الدراسة التي أعدها مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية حول تاريخ العلاقات “الإيرانية– الإسرائيلية أكدت : "أن التعاون بين العدوين اللدودين للعرب ظل قائما بعد قيام ثورة الملالي في العديد من المجالات ، أهمها التسلح حيث كانت إسرائيل المصدر الأول لسلاح إيران في الفترة من 1980 إلى 1985، مع أن الروابط الاقتصادية لم تتوقف بين البلدين ، حيث تستورد إيران من إسرائيل بصورة غير مباشرة قطع غيار للمعدات فيما تستورد إسرائيل النفط الإيراني بطريق غير مباشر من أوروبا " .
ونتيجة لهذا التعاون الخبيث مع إسرائيل ، والتشحيع الغربي المفضوح للفرس ، والعوامل الدفينة الأخرى ، فقد تغولت إيران في المنطقة ، و باتت تسيطر على عواصم عربية عريقة ،كان آخرها لحد الساعة عاصمة اليمن السعيد صنعاء، التي احتلها الحوثيون التابعون لإيران طائفيا وعسكريا ،وأصبح الاحتلال الإيراني لليمن، باعثا للاعتراف الرسمي بأن المنطقة باتت تحت سيطرة إيران، التي ترى أن العراق "محافظة إيرانية " تتناوب في أجوائها الطائرات الإيرانية والأميركية وحلفائها لضرب المقاومة العراقية التي تساند القضية الاحوازية ، وأجبرت الولايات المتحدة الأمريكية على الهروب قبل عدة سنوات ، تاركة العراق بيد حلفائها الإيرانيين ، الذين اسقطت عنهم المقاومة الحجب ومزقت دثار شعاراتهم سوى دثار الطائفية الأقبح .
ومع ذلك فقد أعتبر بعض المحللين أن سبب التغول الإيراني ، ناجم في المقام الأول عن السلبية المفرطة التي عاملت بها الانظمة العرببة الاحتلال الفارسي ، مع غياب أبسط الرؤى الاستراتيجية لديها فيما يتعلق بالقضية الاحوازية ، فضلا عن صمت المواطن العربي ، وعدم اكتراثه بما قامت به إيران من بطش وتنكيل بإمارة الأحواز، حيث يقول الدكتور ابرهيم خلف العبيدي في كتابه (الاحواز أرض عربية سليبة ) الصادر سنة 1980 في بغداد إن على الانسان العربي أن" يرفع صوته مستنكرا ما تقوم به السلطات الفارسية من سفك للدماء واضطهاد للحريات ، إذ أن صمته وعدم اكتراثه شجع السلطات العنصرية لأن تطالب بأقطار عربية أخرى غير عربستان "
غيرأن الجمهورية الإيرانية بهذا المنهج التوسعي قد جلبت لنفسها عداوة الأمة الإسلامية كلها، وأصبحت منبوذة في المنطقة مثل الكيان الصهيوني ، بعد ما كانت ترفع شعارات معاداة الاستكبار العالمي وغيرها من الأكاذيب التي تم تصديقها من طرف البعض ، في نفس الوقت الذي أوضحت فيه صحيفة "كيهان" الرسمية الإيرانية المملوكة للمرشد العام الإيراني على خامنئي " أنه بعد اليمن ونجاح الثورة في صنعاء سوف يكون الدور القادم على سقوط حكومة آل سعود وتفكك ما وصفته بـ (الدولة المفروضة على الحجاز)"، ومعلوم أن هذا تهديد خطير لمقدساتنا الإسلامية ، واستفزاز غير مقبول لواحدة من أهم الدول في الوطن العربي .
وعليه فإن أي تحرك عربي جاد يقصد من ورائه هزيمة إيران ووإفشال مخططاتها في المنطقة يجب أن يتعاون بشكل كامل مع القضية الاحوازية ويتبنى نهجها في الدفاع عن عروبة الخليج ، ويلبي مطالب أبنائها المشروعة ، التي يتم التعبير عنها باستمرار من خلال الرسائل والبيانات الموجهة للجامعة العربية ، ومجلس التعاون الخليجي الذي يتحسس القطر الاحوازي جميع قضاياه المصيرية ، باعتبار أن للمنطقة مصيرا مشتركا ، وعدوا خطيرا يسعى للسيطرة على الخليج العربي ، بعد أن احتل إحدى دوله مع العديد من جزره ، لذلك فقد جاء في بيان لجنة التنسيق والتشاور للقوى الأحوازية حول الاعتداء على سفارة المملكة العربية السعودية في طهران بتاريخ 4-1-2016 ما يلي : " ..تعلن لجنة التنسيق والتشاور للقوى الأحوازية عن وقوفها الكامل الى جانب المملكة العربية السعودية في مواجهة الخطر الإيراني .
ايها الاشقاء نحن نجزم انه آن الآوان ان تلتف الدول الخليجية الشقيقة الى المطالب المشروعة للشعب العربي الأحوازي ممثلة بقياداتها الأحوازية ؛ وذلك بالاعتراف بالقضية الأحوازية كدولة عربية خليجية محتلة من قبل ايران ، وليكن للاحواز دورا فاعلا في مواجهة الخطر الايراني ؛ وهذا الامر لا يتم الا بتبني القضية الأحوازية في المحافل العربية وفي طليعتها مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية وذلك لنيل الشعب العربي الأحوازي حريته الكاملة فوق ارضه وعلى وطنه "
وبالرغم من أن طموحات طهران للتوسع والسيطرة على المنطقة العربية باتت معلومة للجميع ، إلا أن ثمة عوامل مهمة جديرة بالتنويه ، وهي أن أسباب القوة التي يملكها العرب في صراعهم التاريخي مع الفرس كثيرة، وأبرزها في الداخل الإيراني ، حيث أن الأحواز هي الجبهة الأمامية للتدخلات الفارسية ، وسيتأكد أن هذه الإمارة إذا تحررت ستكون السد المنيع أمام النفوذ الايراني في الوطن العربي ، لأن ذلك سيحرم إيران من استغلال هذا القطر الحيوي لأغراض عدائية تجاه الأمة العربية ، كما سيحرمها في نفس الوقت من ثروة الأحواز الهائلة ، وقد يشجع ذلك بعض الأقاليم المقهورة الأخرى على الثورة والتمرد ، وهذا حتما سيشغل إيران في نفسها عن التوسع في البلاد العربية .
غير أن هذا لن يتحقق إلا إذا تبنى العرب القضية الاحوازية بوصفها أهم حلقة في مواجهة التغول الفارسي ، الذي يحتل دولة الاحواز برمتها مع أربع عواصم عربية أخرى ، واستشعروا كذلك أن الخطر الإيراني في شقه التوسعي أعظم من الخطر الإسرائيلي لعدم تداخل الخنادق مع هذا الأخير ـ على الأقل ، حيث يرى الخميني الذي تعاونت بلاده مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من أجل احتلال العراق وأفغانستان واليمن وسوريا ولبنان أن التعامل والتعاون مع أعداء الإسلام واجب إذا كان في ذلك مصلحة لمذهبه ، واستشهد في هذا المجال ببطولات الوزيرين ابن العلقمي ونصير الدين الطوسي !، اللذين تعاونا مع "هولاكو" من أجل احتلال بغداد وتدميرها سنة 1258 م .
وبما أن القطرالاحوازي جزء من الوطن العربي ، ويتعرض منذ ما يزيد على تسعين سنة لأشد أنواع الظلم والقهروالترويض الممنهج لسكانه الأصليين وتشويه قضيتهم ، فإنه أصبح من واجب العرب الآن :
1ـ الاعتراف بالأحوازكدولة عربية خليجية محتلة من قبل ايران .
2ـ الاعتراف بالمناضلين الاحوازيين كممثلين شرعين للشعب الاحوازي .
3ـ طرح القضية الاحوازية في المحافل الدولية .
4ـ فتح مكاتب للاحواز في العواصم العربية .
5ـ منح الاحواز مقعدا في جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي.
6ـ تخصيص ميزانية سنوية ضخمة للقضية الاحوازية تضمن للمناضلين العمل بحرية داخل وخارج القطر الاحوازي .
7ـ تنطيم الندوات والمؤتمرات للتعريف بالقضية الأحوازية .
8ـ قبول أبناء الأحواز في المدارس والمعاهد والجامعات العربية .
9ـ قطع العلاقات مع إيران وعدم التعامل معها بأي شكل من الأشكال .
10ـ مقاطعة البضائع الإيرانية ، لأنها مسروقة من أموال الاحوازيين وملوثة بدمائهم ، وتستخدم لزرع الفتنة في الوطن العربي ، ولتحسين وجه إيران القبيح ، وتصدير الطائفية البغيضة ، والفكرالفارسي المشحون بالكراهية .