لا وصاية ﻷحد على لحراطين / محمد ولد الدحان

على لحراطين أن يثقوا في أنفسهم، وأن يعلموا بأن قضيتهم هي قضية عادلة، وعليهم  أن يعتزوا  بأنفسهم كحراطين  وأن يدافعوا عن حقوقهم دون وصاية من أي كان سواء جاءت تلك الوصاية من البيظان أو من الزنوج.
صحيح أن قضية العبودية تستحق نضالا وطنيا واسعا تشارك فيه كل شرائح ومكونات المجتمع، 

ولكن دون أن يعني ذلك أن تكون هناك أي وصاية من أي شريحة على هذا النضال.
إن العلاقة المشبوهة التي يود البيراميون نسجها بين الزنوج  ولحراطين على أن أصلهم واحد وأن معاناتهم واحدة وأنهم جميعا سود فهذا فيه لعب على عواطف لحراطين، وهذه جريمة لا تقل خطورتها عن جريمة استعبادهم من طرف البيظان في السابق، أو تهميشهم لهم في الحاضر.
إن كل القرائن  التاريخية والدراسات اﻹنتربولوجية تكذب فرضية اﻷصل الواحد، أما من حيث المعاناة والتهميش فإنه لا يمكن الجمع بين لحراطين و الزنوج.
وإذا ما  افترضنا جدلا بأن الزنوج  و لحراطين من أصل واحد، وأن القضية هي حسب اللون :
فلماذا لم يفد لحراطين سواد بشرتهم في أحداث 1989 في السنغال، وذلك مع العلم بأن السنغال هي الدولة التي كانت تقف وراء تأسيس حركة أفلام؟. ولماذا لم يقف اﻹخوة إفلان آن ذاك مع إخوانهم لحراطين في وجه المجازر والمحارق التي تعرضوا لها على أيدى الزنوج  السود في السينغال وبتحريض من مثقفي إفلان؟
ألم يمارس الزنوج  السنغاليون على لحراطين أبشع أنواع التعذيب وذالك بحرقهم أحياءا في أفران المخابز وبتر أعضاء البعض وهم أحياء مع  قطع أثدية النساء المرضعات وتركهم يمتن نزفا.
فأين كان إفلان آن ذاك ومن بعد ذالك من قضية لحراطين؟
وهل السنغال التي حدثت فيها كل هذه الكوارث ضد لحراطين هي غير السنغال التي يقيم اليوم فيها بيرام؟
أما طمس هوية لحراطين السينغاليين (لبزوكه ) الثقافية والحضارية وتهميشهم في الدولة السنغالية فهو أمر لا يحتاج إلي أي دليل رغم أن نسبتهم في السينغال هي نسبة معتبرة .
إن الزنوج، وخاصة من مكونة (إفلان)، قد وجدوا  في موريتانيا من الحقوق ما لم يجده أبناء عمومتهم في الدول اﻹفريقية المجاورة، فكان منهم الوزراء والسفراء و كبار الضباط و اﻷساتذة واﻷطباء، وقد احتلوا كل المراكز الحيوية في البلاد، وذلك على الرغم من كونهم أقلية في البلدلا يمثلون إلا  نسبة10% في أحسن اﻷحوال من إجمالي سكان البلد.
وظل الأمر على ذلك الحال إلي أن أتت المحاولة الانقلابية في العام 1989، وهي المحاولة التي اتخذت طابعا عنصريا، ولم يكن  لحراطين  ليسلموا من نتائجها، بل كان من المتوقع لهم أن يكونوا أول ضحاياها، وعلى الرغم من تلك المحاولة، وعلى الرغم من النسبة القليلة التي يمثلها افلان من مجموع سكان البلاد،  فإن عدد اﻷطر والموظفين  من أقلية إفلان  لا يزال وحتى اليوم  أكثر بكثير من أطر لحراطين، وذلك على الرغم من  أن نسبة لحراطين تتجاوز 40% من إجمالي سكان البلد.
ينضاف إلى ذلك أن السفارات الغربية والمنظمات الدولية لا تساعد ولا تشغل إلا الزنوج، ولا تدعم إلا المشاريع الزنجية الموجودة في ولايات الضفة، وذلك على الرغم من أن أغلب سكان هذه الولايات هم من لحراطين  (آدواب ).
إن  نضال إفلان من أجل لحراطين  ليس إلا مجرد كذبة  لن يصدقها من يعرف طبيعة عقلية إفلان  االمتعالية  على كل القوميات الافريقية التي يتعايشون معها أحرى لحراطين  ( عبيد البيظان) كما يسمونهم . الأخطر من ذلك أن  نزعة التعالي في المجتمع الفلاني تتعدى الحياة إلي ما بعد الموت، إذ أن مقابر الأسياد لا يدفن بها العبيد.
إن مجموعة إفلان التي تظهر مع حركة إيرا في مظاهراتها ليست إلا مجرد مجموعة من الساعين إلى الحصول على تزكيات من طرف رئيس حركة إيرا، أو الباحثين عن صور يلتقطونها وهم يواجهون الشرطة الموريتانية، أو صور أخرى وهم في الحالات المستعجلة في المستشفى،  وكل ذلك من أجل استخدام تلك الصور والتزكيات في ملفات للمطالبة بمنح اللجوء لهم إلى أوروبا أو في أمريكا.
يحدث ذلك في وقت يتعرض فيه شباب لحراطين المناضلين الصادقين الطيبين لكثير من الاضطهاد دون أن يجدوا  أي مساعدة تمكنهم من اللجوء إلى أوربا  أو أمريكا.
فيا شباب لحراطين أفيقوا فإن برام يريدكم أن تكونوا عبيدا ﻹفلان بعد ما عشتم قرونا عبيدا للبيظان!
 

21. يونيو 2016 - 12:54

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا