تستعد وزارة الزراعة لإطلاق ثلاثة مشاريع بهدف إنقاذ مصنع ألبان النعمة ،والذي يعاني من نقص حاد في التموين بالحليب، بالرغم من الجهود الجبارة التي بذلتها وزارة البيطرة ،وسنركز في هذا المقال علي أحد هذه المشاريع وهو مشروع زراعة الأعلاف في انبيكت لحواش، نظرا للمخاطر الكارثية التي قد تنجم عنه.
تعاني جهود التنمية في بلادنا من ضعف أداء منظومة التخطيط و استجابتها العمياء لكل سياسي حالم، فهي جاهزة لتبرير أي مشروع اقترحه الساسة ،بل تنبري للدفاع عنه وتبنيه ،دون أن قادرة علي لفت نظر المعنيين للمخاطر التي قد تنجم عن تلك المشاريع ،وعندما يحدث الفشل تبدأ في البحث عن حلول اقرب إلي الداء منها إلي الدواء.
إن انجاز المشاريع يكون عادة بعد إجراء سلسلة من الدراسات، وامتلاك خطة بديلة لسيناريو الفشل ،والأهم من ذلك التدرج في حجم الاستثمار، فمعظم المشاريع الناجحة تبدأ صغيرة أو متوسطة لتصبح كبيرة مع مرور الوقت دروس لا تعيرها منظومتنا أي اهتمام.
زراعة الأعلاف في الصحراء !
تتجه منظومة التخطيط لإقامة مشروع لزراعة الأعلاف في انبيكت لحواش علي مساحة تقدر بحوالي 150 هكتار، وذلك لتوفير أعلاف خضراء ضرورية لتغذية قطعان الأبقار ،حتي تبقي جنب المصنع وبالرغم من أن هذه المساحة لن توفر إلا احتياجات عدد قليل من الأبقار، إلا أن هذا المشروع سيستحق بجدارة لقب أسوأ مشروع ينفذ علي التراب الوطني للأسباب التالية:
• سيقام المشروع في منطقة صحراوية علي تخوم المجابات ألكبري، و ذات مناخ قاس وغير ملائم للزراعة، كما أن الدروس المستقاة من تجارب مشابهة في المنطق الجافة تنبأ عن فشل ذريع ،فلم يعد هنالك من يهدر المياه الجوفية لإغراض الزراعة في القرن الواحد والعشرين، ويمكن الاستفادة من تجربة المملكة العربية السعودية خصوصا أنها من سيمول المشروع؛
• سيعتمد ري المشروع علي بحيرة الظهر الجوفية والغير مستدامة ،مما يعني هدرا غير مسبوق للمياه الجوفية، حيث تقدر احتياجات المشروع لحملة سنوية واحدة مدتها أربعة أشهر، ما يناهز 1,2 مليون متر مكعب والذي يعادل الاحتياجات السنوية ل 163000 نسمة من سكانة الريف؛
• سيكون من شبه المستحيل ضخ كل تلك المياه بمضخات غاطسة ،وان حدث ذلك فستكون تكاليف المشروع هائلة ،ولن تستطيع الدولة تحمل أعبائه لفترة طويلة ،خصوصا أن عدد الآبار سيزداد وستصبح أعماقها اكبر مع تناقص البحيرة؛
• سيكون نقل الأعلاف لمحيط المصنع مكلفا نظرا لوعورة المسافة الفاصلة والمقدرة ب160 كم.
إن مشروع زراعة الأعلاف في انبيكت لحواش غير قابل للتحقيق نظرا للمصاعب الفنية المتوقعة، وغير مبرر اقتصاديا لكلفته العالية ،و هو علاوة علي ذلك تبديد لثروة مائية لا تقدر بثمن في بداية قرن يعتقد أن حروبه ستكون بسبب الماء.