توطئة
إن "مشروع مجتمع" الذي نحن بصدده عبارة عن مشروع مجتمعي بأسلوب التخطيط الإستراتيجي المتبع في بناء الدول والكيانات الاجتماعية للتأطير والتأصيل لمفاهيم علمية حديثة تتجاوز انساق وبني الحداثة المعرفية بغية انتشال المجتمع والدولة الموريتانية من براثن التخلف والجهل والمرض إلي السلم الاجتماعي والي آفاق المدنية الرحبة حيث العلم وآلياته
هما المقود والقاطرة لأي مسعي تنموي يراد به تجاوز الواقع الراكد ومواكبة روح العصر شكلا ومضمونا كأبرز التحديات الوجودية في زمن العولمة المتسارع الأنفاس والمتلاحق الوتائر.حيث أدرك المخططون الاستراتجيون أن التراكم المعرفي الهائل في وقتنا الراهن وصل حد الفيضان حيث غدت المفردة العلمية تتجدد كل سبع ثواني! في حين كان يلزم لحدوث ذلك عقود من الزمن(عشرات السنين) خلال القرون الخمسة الماضية والمسماة بالعصر الحديث ووصل دفق المعلومات كمًا يصعب معه الحصر أو الإحاطة حيث ولي وللأبد عصر المثقف الموسوعي لاستحالة مثل هذا النعت أيامنا هذه! بسبب الطفرة المعلوماتية التي جاءت كنتاج للثورة الهائلة في عالم الاتصالات والتي جعلت العالم بحق قرية كونية وغيرت مفهومي الزمان والمكان التقليديين حيث قرا في وطرنا كمفهومين ثابتين ذي أبعاد ثلاث في مخيالنا الجماعي ليحل محله زمكاني افتراضي سايبيري (ذي ابعاد أربعة شديدة التداخل) يوغل في بسط نظمه وأنساقه المعرفية دون هوادة.هذا المعطي الاستثنائي غير المسبوق في تاريخ الاناسة قد أحدث تبدلا في ماهية الابيستيمولوجيا ذاتها الشيء الذي جعل مفاهيم وأنساق وبني الحداثة وما بعدها تنداح وتتصرم وتتواري بتؤدة الراحل الوجل من مسبغة أو المنهك جراء مقارعة سيزيفية دون تناص مع الواقع الذي فقد مع مجتمع المعرفة دثار التدرج والرتابة الابيقورية ليؤسس ليوتوبيا جديدة قوامها المؤثرات الميدياتيكية التي شظت حميمية التداول المباشر وهزت يقين الوعي التراكمي للموجات الثلاث التي عرفتها البشرية علي حد قول "آلن توفلر" لتطال تخوم الميتافيزيقا التي توشك علي الأفول كبريق سرمدي!!