أنا الآن متحضر بل أكثر من متحضر.. أنا فوق الأمريكي والأوربي والصيني في كثير من الأشياء.. أتعرفون لماذا تقدم هؤلاء وتأخرتم أيها العباقرة ؟ لقد هاجرت أخلاقكم إليهم ولم يبق إلا التوحيد وأظنه يحزم حقائبه..
أنا في دولة بلا مدينة ! مهلا.. أعرف أنك ستقول إن "عاصمة العرب" أصبحت مدينة،
لكنك مخطئ ككل أعضاء الحزب الحاكم المـ.. تأمل حال العرب وواقعهم وستعرف لماذا أصبحت عاصمتنا عاصمة لهم (يعطيهم خيرها) !
في عاصمتنا الجميلة "عاصمة العرب" لا توجد أرصفة ولا زهور يانعة ولا حدائق مغردة..
في عاصمتنا لا يوجد غير الذباب والتراب ودخان السيارات المستعملة وباعة يبيعون كل شيء حتى أخلاقهم ! وعلى وجوههم وزبائنهم ألف علامة يؤس وشقاء رغم غنى البلد..
في عاصمتنا الجميلة عاصمة العرب والذهب والغضب.. الناس منقبون جائعون محتجون متظاهرون..
في عاصمتنا الكثير من المظاهرات والتساؤلات والإبتلاءات..
فيها عاصمتنا يُضرب المعلم والشرطي على خده بدل الإحترام والتبجيل، ويسب الرئيس في الأسواق وساحات السوء والإنترنت الخامر..
في عاصمتنا يكذب المسؤول ويسرق.. ويتسلل المتسللون إلى مراكز الدولة السامية بفضل وجاهتهم وقبليتهم التعيسة في الوقت الذي لا يجد في للعاطل راتب زبال يغنيه عن الكد والشقاء، ولا يجد فيه الموظف البسيط الذي سبق أولئك المتسللين بعشرات سنين لفتة انتباه..
في عاصمتنا يوجد رجل واحد، ومنجز واحد هو رئيس الفقراء والأغنياء والأشياء (بما فيها الطرق والأرصفة).. هو المصلح الأوحد والمنجز الواحد والضاحك المتوحد ! لا يوجد غيره في هذا البلد التعيس، فالآخرون إما منافقون تعيسون بلا أدنى فائدة أو وجود، أو معارضون طامعون في مقعده لا هدف لهم غيره وإن تغنوا بالوطنية المتعفنة وحب الخير للغير..
في عاصمتنا "عاصمة العرب" يوجد البؤس في كل مكان.. يوجد في العيادات والبنوك والبقالات.. يستقبلك الواحد – أو الواحدة – في تلك الثكنات – بعد طابور طويل، بتكشيرة إبليس وفرعون وأم جميل، والويل لك من الإستقبال وخدماته الركيكة التعيسة..
في عاصمتنا يوجد مكان (tvz) كان إلى عهد قريب مخصص للأغنياء يمتص الناموس منهم بعض الحقوق التي امتصوها من غيرهم بغير وجه حق..
أما الفقراء ففي أطراف العاصمة.. في ما يسمى ب"الترحيل" (اسم على مسمى)، يصرف الفقير الباحث عن لقمة عيش لقمة عيشه على المواصلات وحدها فقط من أجل الإقتراب من مركز العاصمة القبيح والعمل في أي شيء..
في عاصمتنا اليوم رصيفين ومطار.. إنجاز أفرح المطبلين المصفقين.. وأثارت لعنات الحانقين الحاسدين الطامعين..
في عاصمتنا اليوم ملوك ورؤساء فمرحى.. عاصمتنا اليوم عاصمة العرب.. فالويل لنا من تشدق المذيعين في الإذاعة والتلفزيون من كلمة "العرب"..
عاصمتنا عاصمة العرب فماذا سنعرض عليهم فيها غير وجوهنا الكالحة ؟ ما أنا على يقين منه أن شوارع رئيس الفقراء الجديدة لن تفوتهم فهي كنقطة بيضاء في جيفة بقرة سوداء..
نحن يا عزيزي في عام 2016، في بلد لا تجود فيه خدمة "الرمز البريدي" التي يمكن للمواطن المطحون من خلالها معرفة أقرب مركز بريد إليه.. نحن في دويلة لا يمكن للرسالة المرسلة إليك أن تصل إلى باب منزلك لأن العنوان والنظام والعمل غير موجود..
الوزراء يجتمعون في كل أسبوع فقط للتعيين والمصادقة على تراخيص المنقبين الغربيين الآكلين لخيراتنا الذين يعطوننا نسبة 3 بالمائة فقط في كل عام، وبعد عشرة أعوام نجدهم أكلوا حتى العظام (قصة البترول والذهب والنحاس قريبة)..
افرح فنحن في بلد لا تعترف البنوك الإلكترونية بخدمات بنوكه، ولا تتعاون معها، فيا لسوء حظنا بحكومتنا وشوارعنا المكتظة بالسيارات وشوماخيرات الذين يلعبون بها، وببضائعنا المنتهية الصلاحية وعياداتنا المتسخة ووظائفنا الغير مغنية..
نحن ببساطة في "عاصمة العرب" فمرحبا بالضيوف الكرام، وليتها تكون الخطوة الأولى في طريق إحساسنا بهذا السوء المتراكم، والعمل على تغييره وبناء وجه مشرف لنا.. ذلك الوجه الذي يبدو أن لا أحد يهتم به عندنا غير الرئيس..