تعتبر الجنسية بمثابة العقد المشترك بين المواطن، وبلده، يترتب على طرفي العقد واجبات، وحقوق، يوفر الوطن لحامل جنسيته الرعاية، والخدمات الضرورية، من صحة، وأمن، وتعليم، .... الخ، ويسمح له بالترشح لأعلى المناصب، والتصويت... وغيرها من الحقوق، وفي المقابل يلتزم المواطن بحب
وطنه، والدفاع عنه، والسهر على أمنه، ورفعته، وتمثيله تمثيلا مشرفا، وعدم خيانته.
لكن عندما يخل أحد الطرفين بشروط العقد، يصبح غير ملزم للطرف الآخر، فمثلا عندما تسجن الدولة مواطنا ظلما وعدوانا، وتمنعه حريته دون وجه قانوني، وتقمعه، يصبح لاجئا في بلاد الله الواسعة، بحثا عن من يمنحه هذه الحقوق، وفي المقابل عندما يتآمر المواطن ضد وطنه، ويسعى جاهدا لضرب وحدته واستقراره، ويبذل جهده لتشويه صورته في الخارج، يصبح مواطنا "غير مرغوب فيه" ويحق للدولة أن تسقط عنه جنسيتها، لأنه ببساطة لا يستحقها، ولم يحترم شروط العقد.
إن ما يقوم به منذ فترة بعض المواطنين الموريتانيين من تصرفات مخلة بالعقد المقدس مع الوطن تجاوز كل الحدود، والأخلاق، والأعراف، والخطوط الحمراء، وبالمناسبة ليست هذه التصرفات حكرا على شريحة معينة من المجتمع، فمثلا يقوم بيرام ولد اعبيدي زعيم حركة إيرا بشتى أنواع العمالة، والتخريب، والسعي لتفتيت كيان المجتمع، لذلك تأخرت الدولة كثييييييرا في سحب الجنسية من هذا المواطن، وآن لها أن تفعل ذلك، قبل استفحال خطره.
كما أن هناك أشخاص ليسوا من شريحة "لحراطين" يقومون بأعمال قد ترقى لمستوى "الخيانة العظمى" عندما يعلنون ولاءهم صراحة لبلد أجنبي، ويبايعون ملكه، ويسعون لتكريس نفوذه داخل وطنهم الأم، فهذه الأعمال ينبغي ردع أصحابها، ولو بسحب الجنسية الموريتانية منهم، لأن موريتانيا غالية، عزيزة، وكريمة، لا تقبل أن يشرك المواطن معها غيرها في الولاء.
إن على أتباع فرنسا في موريتانيا، وأزلام المغرب، وشياطين أمريكا، ودعاة الفتنة، والتفرقة أن يرتدعوا، فلصبر الشعب حدود، وعليهم أن يعلموا أن الدول التي يتشدقون بها، وتوزع عليهم الجوائز لا تتوانى عن سحب جنسيتها من مواطنيها، والتنكيل بهم إذا هددوا أمنها العام، أو تعاونوا مع جهات خارجية ضد بلدهم، والأمثلة أكثر من أن تحصى.
إن على الدولة الموريتانية أن تنظر بجد في تنامي ظاهرة "العمالة للخارج" وتدرس سبل التصدي لها، وعلى الدولة كذلك أن تنذر السفير الأمريكي في انواكشوط، وغيره ممن يقومون بأعمال خارجة عن صلاحياتهم الدبلوماسية المتعارف عليها دوليا، فموريتانيا ليست دارفور، ولا نريدها أن تكون لبنان، ولا العراق، كل بلد له نصيب معلوم في سياستها، وشأنها الداخلي.
إن على دولتنا أن تمتلك الشجاعة في الدفاع عن مصالح البلد العليا، فدولة عربية أصغر منا حجما هي مملكة البحرين الشقيقة، فعلتها، وسحبت الجنسية من عشرات المواطنين، وعلى رأسهم زعيم ديني بارز في المنطقة، بعد ثبوت عملهم لتخريب وطنهم، وارتباطهم بدولة أجنبية، فلماذا نتقاعس نحن عن صون وحدتنا، ومنع عبث الأيادي الخارجية به.