للإصلاح كلمة تتعلق بالقمة العربية في انواكشوط وماذا يجب أن تناقش ؟ / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح هذه المرة تريد أن تستقبل هذه القمة المباركة إن شاء الله بهذا  المقال الذي تنصح فيه قادة هذه الأمة العربية بما هو خير لها في الدنيا والآخرة .
فهؤلاء القادة عليهم أن يعلموا أنهم مسلمون أولا قبل أن يكونوا عربا في الحياة الدنيا لأنهم في الآخرة مسلمون فقط وليسوا عربا بل سوف يكونون تحت طائلة قوله تعالى 

(( إن أكرمكم عـند الله اتـقاكم )) .
ولاشك أن ما من مؤتمر سيصل إلى انواكشوط لحضور القمة سواء كان ملكا أو أميرا أو رئيسا أو غير ذلك إلا وقد دفن كثيرا من أسلافه وذهبوا عنه مباشرة إلى الآخرة ، ولاشك أيضا أن أسلافهم الآن يتمنون ألا يكونوا قد تـقـلدوا تـلك المناصب لأنهم إذا كان الله قد تجاوز عنهم فهم الآن في أحسن حال من أحوال الدنيا مئات المرات وإذا كان الله قد أخذهم بذنوبهم فهم يتمنون ألا يكونوا ولدوا أصلا بل يختارون أن يكونوا نسيا منسيا في الدنيا قـبل ما هم فيه .
وبناء على هذه الحقائق فإن هذه الآية موجهة الآن إلى هؤلاء القادة المجتمعين يقول تعالى : ((استجيـبوا لربكم من قبـل أن ياتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجإ يومئذ وما لكم من نكير)) .
ونحن الشعوب العربية الآن عندنا تاريخ أو حاضر أسود ومازال يزداد سوادا كل يوم فتاريخنا المنظور والذي بعضه مازال قائما يحدثـنا أنـنا كنا في هذه الدنيا على النحو التالي :
أولا: زعماء منا اختاروا أن يرفعوا شعار العروبة ويعلنون أفعالهم تحت ظلها وهؤلاء هم الزعماء الثلاثة المعروف مصيرهم لدى أهل الدنيا جميعا ونـتمنى لهم من الله أن يكون ما وقع لهم أمام العالم كفارة لما عملوا في قيادتهم ، وأن يجعلهم الآن في أعلى عليـين من الجنة بعد أن يتجاوز عنهم لأن الله علمنا أن  نقول دائما : ربنا أغـفر لنا ولإخوانـنا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربـنا إنــك رؤوف رحيم .
القسم الثاني من قادة العرب أختار أن يتـترس بالدول غير المسلمة ومكنها من جميع خيرات الشعوب المسلمة بل وجه هذه الدول غير المسلمة ضد إخوانهم في العروبة على الأقـل حتى آلوا إلى ما آلو إليه بمباركة من هؤلاء القادة العرب .
القسم الثالث فهو الذي استحوذ الشيطان على تفكير قيادته العربية الإسلامية وجعل لهم مكانها وبقوة أفكار الحقد والكراهية الهالكة بين شعوبهم المتجاورة والمتحدة في الأصول العرقية وفي الدين وفي اللغة ليفـتـقدوا نتيجة ذلك كله ولمدة خمسين سنة عندما زرع الشيطان بين قادتها حقدا على حقد وكراهية على كراهية بدون مردودية فائدة واحدة لا على القادة أنفسهم ولا على شعوبهم.
ومعروف عـند العالم أن هذا القسم الأخير هم قادة شعوب المغرب العربي ونعني بالذات المغرب والجزائر اللذين هما أعظم وأكثر وأعمق تشابها وتلاحما في المصلحة لو رعيت في شعوب تـلك المنطقة .
وبناء على هذه التقسيمات الواضحة فإنـنا شاهدنا أن جميع هذه التقسيمات العربية الإسلامية لم تلجأ يوما ما إلى الإسلام ولا سيما إلى هذا القرآن الذي حفظه الله لهذه الأمة ولم تلجأ لتوجيهاته الكثيرة في التحذير من الظلم وما جاء في ذلك ، ولتوجيهاته في النصح وطلب الصفح عن المذنبين وتوجيهاته في تـنـفيذ جميع أحكامه على عباده فوق أرضه وكذلك توجيهات رسول هذه الأمة صلى الله عليه وسلم المبين لهذا القرآن بأحاديثه الواضحة المبني والمعنى التي تركت للعرب والمسلمين محجة بيضاء واضحة ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .
وكم رأينا نحن المشاهدين كثرة الزائغين عنها وكيف هلكوا لأنهم جعلوا الإسلام وكل من يطالب بتطبيق توجيهاته هو العدو الأول لها لا يفرقون في ذلك بين دعوة ودعوة وكأن الإسلام يكفي فيه رفع الآذان في المساجد وصوم رمضان وكأن قوله تعالى (( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)) لا تعنى إلا الصحابة والتابعين .
فمن المعلوم أن المعروف تعنى كل معروف وعلى رأسه الرجوع في التحاكم إلى الله ورسوله وطبقا لما أنزل الله وما حدث به الرسول صلى الله عليه وسلم وما وصل إليه اجتهاد العلماء العاملين في معاملة كل المسلمين سواء الخارجين أو المحاربين أو البغاة من المسلمين  .
بل إن جميع الدول العربية سواء المنادين بالعروبة أو الذين تـتـرسو بالغرب حيث أعطوه الولاء الكامل بما في ذلك ضرب إخوانهم في العروبة على الأقـل وكذلك  الذي جعل مكان الأخوة الحقد والكراهية في المغرب العربي الجميع كرس نفسه لمحاربة كل من يرفع صوته بأن في الإسلام حل متكامل لمشاكل الدنيا ومأمون العاقبة في الآخرة .
فالجميع فعل بكـل من تـكلم بالإسلام أفاعله المرئية للجميع والمكتوبة عند الله تحت عنوان        (( اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب )) وعند العسكريين الجزائريين الخبر اليـقين في ذلك ( ولا سيما لو سألوا من مات منهم)  .
وبناء على أن ما وقع في الدنيا لا مرد له من الله كما قال تعالى (( ما أصاب من مصيـبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قـبـل أن نبرأها إن ذلك على الله يسـيـر )) فعلى قادة هذه الأمة الإسلامية العربية طريحة الفراش منفوذة المقاتـل لأن إصابتها في بطنها : الشام والعراق ومصر ، وفي الأطراف اليمن وليـبـيا فإنني أطرح على هذه القمة العربية مناقشة ما يلي :
أولا : المرض معروف وهو أن هذه الأمة التي خصها المولى عز وجل على علم بآخر رسالة أنزلها الله على واحد منها وأنزلها بلغـتها وذكر أن هذه منة منه على هذه الأمة يقول تعالى (( لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعـث فيهم رسولا من أنفسهم منهم يتـلوا عليهم آياته )) الخ الآية وفي آية أخرى  (( هو الذي بعـث في الأمـيـين رسولا منهم )) إلى آخر الآية  .
ومع هذه الخصوصية كلها فقد ابتعدت هذه الأمة عن مضمون هذه الرسالة وهو ما جاء فيها من أحكام وابتعاد عن موالاة غيرهم والتضامن فيما بـيـنهم ولابتعاد عن الظلم إلى غير ذلك من ما جاء في تلك المعجزة الكبرى التي اشـتـكى رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه من ابتعاد هذا الجزء من الأمة وهو الجزء العربي من المسلمين عن تـنـفيذ كل ما جاء عن الله في هذا القرآن يقول تعالى (( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ))  
ومعلوم أن هجرانه يعنى عدم الأخذ به وعدم اتباعه في كل ما جاء في أوامره ونواهيه وجوبا أو حراما مندوبا أو مكروها إلى آخر توجيهاته .
وهنا أصرح بأني أعرف آن فحص المريض لتشخيص ما به يؤلمه ولكن بعـده الشفاء العاجل إن شاء الله ، فالمرض سببه هو ما تـقدم جرثوماته وبكترياه كالآتي :
أولا : حكومات انقسمت إلى الاعتزاز بالعروبة ومحاربة كل من رفع صوته بالرجوع إلى الإسلام ثانيا : حكومات أخرى اعتصمت بغير المسلمين واتخذتهم بطانة لها حاربت بهم ومعهم الإسلام وحاربت بهم ومعهم الحكومات الرافعة لشعار العروبة .
أما الجرثومة الثانية فهم شباب ضعاف العقول سفهاء الأحلام قرأو القرآن فلم يجدوا أحدا من المسلمين تهمه أوامره ونواهيه وقرأو ما فيه من السعادة يوم القيامة التي أعدت لمن ضحى من أجلها فنذروا أنفسهم للإستماتة من أجل ذلك ولكن الشيطان تـلقاهم بجميع ما أمره الله به من الجلوس على الصراط المستـقيم وأجلب عليهم بخيـله ورجله حتى أهلكهم بتـكفير غيرهم وزين لهم ما بين أيديهم وما خلفهم من قـتـل الأبرياء والانـتحار إلى غير ذلك من ما نشاهده يوميا من الانحراف عن الجهاد الذي أمر الله به ونشر السكينة والطمأنينة بين المسلمين .
أما الدواء الذي على القمة العربية في موريتانيا أن تـناقـشه فهو كالتالي :
أولا: فأول نقطة على القمة العربية أن تـناقشها هي التقوية الكاملة لخطة بدأت في المملكة العربية السعودية في أول هذا العام من تكوين جيش للدول الإسلامية الذي سموه التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب فنعم التسمية ونعمت الفكرة  والتي نواتها ظهرت في تحالف اليمن على الطائفة الباغية ، ولكن عليهم بمجرد تكوينه أن  يعلنوا وبصوت جهور وحازم أن على جميع الدول الأوربية وغير الأوربية بمعنى جميع غير المسلمين أن يرفعوا أيديهم عن قــتل المسلمين فوق أرض الإسلام مهما كانت حركاتهم واعتـقاداتهم مثـل القاعـدة وداعش وطالبان  وغيرهم من الخارجين من المسلمين على الإسلام ويتولى الجيش الإسلامي قـتـالهم بعد استدعاء العلماء العارفين لمقاصد الشريعة والمتضلعين من فقه القواعد الأساسية للإسلام وهم الذين يفتون لكم ويفـتون فيكم وليسوا أولئك العلماء الذين يفتون لكم ولا يفـتون فيكم ، حتى يتبـين بجلاء حكم الإسلام في معاملة أولئك الشباب الذين يدعون الإسلام ويكفرون غيرهم ، لأنهم إما أن يكونوا مرتدين أو بغـاة أو قطاع طرق وكل هؤلاء موجودة أحكام قتالهم أو المعاملة معهم في الإسلام .
فأي خيانة أكبر لقائد إسلامي أن يأمر جنوده أن يقاتـلوا المسلمين مهما كان خروجهم على القادة جنبا إلى جنب مع غير المسلمين ليذهب الجندي إلى الله في الآخرة وهو متـلبس بهذه الجريمة ويبقى قائده الآمر له بعـده ينـتـظر الآخرة ليستمعوا جميعا إلى قوله تعالى (( ولن ينفعكم اليوم إذ ظـلمتم أنكم في العذاب مشـتركون )) بمعنى أن التحالف الذي يضرب الآن في العراق أو في سوريا هو خيانة عظمى للمقاتـلين فيه من المسلمين فلم يقـل بذلك أي عالم مسلم ، والجميع ينـتـظر قوله تعالى ((ولله عاقبة الأمور )) .
ثانيا : على القمة العربية أن تعين حكماء منها يحطون رحالهم بين قادة الجزائر والمغرب ولا يبرحون عنهم حتى يزول هذا الخلاف العبثي المزمن الضار بشعوب المنطقة والذي يظهر فيه احتقار القادة لشعوبهم فبين المغرب والجزائر يسكن 100مليون نسمه أرضهم متجاورة ولغـتهم ودينهم واحد ومع ذلك محرومون من التواصل فيما بينهم ، إن هذه لهي الدكتاتورية في أجلى صورها .
وبما أن قضية الصحراء من أهم الخلاف فعلى موريتانيا أن تكون من الحكماء لأن الشعب الصحراوي جزء من موريتانيا أو موريتانيا جزء منه ويمكن أن تكون عندها الحل الذي ينهي معاناة 40 سنة من الصراع العبثي بين الشعوب ذات الأصل الواحد والدين واللغة الواحدة ولا عبرة في من عاشت تحت ظـل حكمه من المسلمين   .
ثالثا : على القمة العربية أن لا تـتـفرق من انواكشوط حتى تـنقـل مقر الجامعة العربية إلى جمهورية السودان العربية المحترمة لأن ظروف نـقلها الآن من القاهرة أكثر إلحاحا من زمن السادات فالسادات عنده مساحة عقل تمكنه من الوقوف عند حد من التقرب لإسرائيل، أما رئيس مصر الحالي فإن الدول العربية التي جاءت به قد ظهر لها الآن أنها لم تـفـتش عن حكيم لقيادة مصر من قواتها المسلحة الأخرى فوجود مقر الجامعة العربية في مصر الآن يعـد مذلة وإهانة لجميع العرب أمام العالم .
فزعماء العرب الثلاثة الذين كانوا يرفعون شعار العروبة كانوا يتمسكون بخصائل عليا معروفة عند العرب وهو: الإباء والشجاعة والاعتزاز بالنسب العربي الذي اختارها الله على علم أيضا لتبـليغ رسالته الأخيرة للبشر .
فهم وإن كانوا اشـتـغلوا بحرث الدنيا باسم العروبة إلا أنهم استفادوا في الدنيا من سمعة ما في العروبة من الخصال المتـقدمة وأحيوا ذكرها وتمتعوا بذلك حتى حين فنرجو من الله أن يبدل سيئاتهم حسنات حتى يدخلهم في عباده الأبرار .
أما قادة مصر الحالية فلم نراهم رفعوا أمام العالم إلا المسكنة والتذلل لأعداء الله المبعدين بلعنـته عليهم إلى يوم القيامة وجعلوا مكان ذلك مذلة إخوانهم في العروبة والإسلام والجوار .
رابعا : إن قضية فلسطين مع أن الله متولي أمرها بالرغم من الجميع فعلى قادة العرب أن يعدوا أنفسهم لتحمل أمانتها أمام الله قبل أن يستبدل قوما غيرهم ثم لا يكونوا أمثالهم .
خامسا : وأخيرا فالله خاطب المؤمنين بقوله تعالى (( ألم يان للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق )) فعلى قادة العرب أن يعلموا أن هذا الخطاب موجه إليهم الآن والحق لا يكون إلى في اتباع ما نزل في القرآن لأنه هو الحق كما قال تعالى (( فورب السماء والأرض إنه لحق مثـل ما أنـكم تـنـطقون )) .
وعليه فـليـتـيـقـنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أن لا تزال طائفة من أمته ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم أو من خذلهم حتى يأتي وعـد الله فـليـبحثوا عن هذه الطائفة ليكونوا قوة الإسلام الضارية لأعداء الإسلام ولا يـبحثوا عنها ليتأولوا سلوكها وليكونوا حربا عليها من غير بديل بل إلى لا شيء .
فإن علماءهم الحاليين يهرعون أمام الإفـتاء بالفكر الذي يرضى القادة قوله في جميع تحرك باسم الإسلام من غير فرز للتحرك الذي يطلبه الإسلام والذي يرفضه .
فالمسلمون لا يتميزون بوصف البشر لهم بوسطيـين أو مـعتدلين أو إرهابـيـين إلى آخره بل يميزهم تـفـتـيش العلماء العارفين لسلوكهم ولمنهجهم فإذا كان طبقا للقرآن والسنة فهم الطائفة المعنية أعلاه وإلا فهم الطائفة الخارجة أعلاه أيضا ولكن لابد من وجود طائفة  تسـتـقر على الطريق المستـقيم تصديقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، والسؤال للقادة الآن : أين هذه الطائفة في نظـرهم ؟  
وهنا أختم بالآية التي قالها مؤمن آل فرعون (( فستـذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد )) .   


       
 

12. يوليو 2016 - 23:55

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا