لقد عرف عن شعبنا إكرامه للضيف وبذله ما في يده أداء لحق الضيافة والإحسان ولا شك أن انعقاد القمة العربية في نواكشوط يشكل فرصة نادرة ليعبر فيها بلدنا حكومة وشعبا عن ترحيبهم بضيوفنا سواء منهم أشقائنا العرب وغيرهم ممن سيحضر لسبب أو لآخر.
ولا يخامرني شك في أن شعبنا المضياف
سيقدم صورة ناصعة لكرمه العفوي الأصيل لكن ذلك في نظري لا يكفي لكي نزرع في نفوس ضيوفنا صورة إيجابية عن مجتمعنا الذي تفشت فيه مسلكيات سلبية جعلت الأجانب ينظرون إلينا بنوع من الاستياء.
وإنني من هذا المنبر أدعو إخوتي الموريتانيين أن يتحلوا بالأخلاق الحميدة التي هي ديدنهم وسجيتهم في التسامح مع الضيوف والصبر ورحابة الصدر وتحمل المشقة في ذلك فهو السبيل الوحيد لجعل هذه القمة ناجحة بكل المقاييس. فلكل منا مسؤوليته في ذلك ولا يظنن أحد أن المسؤولية تقع على الحكومة فقط.
نعم تتحمل الحكومة نصيبا كبيرا في الإعداد الجيد للقمة من حيث الاستقبال والضيافة وحسن سير القمة وراحة الضيوف وتوفير ما يلزم من تسهيلات لهم ولقد باشرت الحكومة تنفيذ مسؤولياتها بشكل ملموس من خلال ما نشاهده من أعمال صيانة ونظافة في العاصمة.
لكن كل ذلك لن يجدي نفعا إذا كان المواطن غير واع لمسؤولياته في هذا الموضوع ذلك أننا مهما بذلنا من جهود للنظافة والصيانة فلا يمنك أن ننافس فيها باقي الدول العربية والشيء الوحيد الذي يمكن أن يظهر حضورنا وجدارتنا وأصالتنا هو تلك الأمور البسيطة التي يمكن لكل واحد منا أن يقوم بها والتي يمكن أن نذكر منها المظاهر التالية:
• نظافة واجهات المنازل والشقق: فقد اضطرت الحكومة إلى اكتراء المنازل واستعارتها لإقامة مجموعات كبيرة من الضيوف فهم إذن سيقيمون بين أظهرنا لفترة معينة وعلينا أن نمتنع عن رمي القمامة في الشارع و وأن ينظف كل واحد منا محيط منزله وأن يتحمل تلك المسؤولية بنفسه.
• الالتزام بنظام المرور وخاصة الإشارات الضوئية ، التي يجب، بالمناسبة، أن يتم إصلاحها كلها وهنا أوجه دعوة خاصة إلى سائقي التاكسي بالالتزام التام بنظام السير ومراعاة حق الأسبقية ولعل الأمر يتطلب حضورا قويا لتجمع أمن الطرق الذي هو وحده المخول بفرض نظام حركة المرور.
• قد يكون من الضروري أن نهتم بإشارات المرور المختلفة وخاصة منها تلك التي تكون على جنبات الطريق كإشارات التوقف والحد من السرعة والأسبقية فإذا كانت لجنة التنظيم قد قررت الالتزام بوضع تلك الإشارات فمن الضروري أن تكون معربة فما أقبح أن تكون عاصمة العرب وحاضنة القمة العربية غير معربة المعالم والإشارات. ويجدر هنا التنويه إلى أهمية اللافتات المرورية أو الإشارات التنظيمية وهي لافتات توضع على جانب الطريق لتوفير المعلومات لمستخدمي الطريق وتحديد الاتجاه بحسب الوجهة المطلوبة. وعلى سبيل المثال أن نضع عند الخروج من المطار لافتة كبرى تحدد الاتجاه إلى نواكشوط عبر طريق الشيخ زايد أو إلى نواذيبو عبر الطريق السيار وهلم جرا.
• علينا كمواطنين أن نبذل الغالي والنفيس لضيوفنا لا أن نحاول ابتزازهم والإلحاف في سؤالهم فذلك مخالف لخلق الإسلام الحميدة ومن هذا المنطلق يجب علينا أن نحد من ظاهرة التسول التي تفشت في العاصمة وصارت مظهرا مشينا من المظاهر التي تعودنا على رؤيتها فلم تعد تثير فينا الشيء الكثير لكنها ستكون صادمة للضيوف إذا ما رأوا مظاهر البأس و الفقر الشديد على جنبات الطريق فما بالك إذا تحلق حولهم المتسولون عند إشارات المرور. إنه لمنظر مزعج لضيوفنا ومهين لمواطنينا. ولا شكل أن تجمهر ألئك المتسولين وسط الطريق وعلى حوافه هو مما يهدد سلامة المواطنين وأمنهم وعليه فهو بهذا المعنى يدخل في مهام الحفاظ على أمن الطرق وسلامتها،،، وإياك أعني واسمعي يا جارة.
• لألئك الذين سيضعون منازلهم وشققهم تحت تصرف لجنة الضيافة: الله، الله في الضيوف، لا تتركوا في منازلكم ما يمكن أن يعكر صفو إقامتهم ويجب الانتباه إلى نظافة المنزل وجدة الطلاء وسلامة النوافذ والأبواب والمصابيح وانتفاء جميع الحشرات الزاحفة والطائرة،،،.
• علينا أن نتعاون جميعا على حسن سير القمة وأن نكون في خدمة الضيوف وأن نبادر بتقديم ما يلزم من خدمات ومعلومات يمكن أن تساعد في إنجاح القمة.
• أيها التاجر كن خلوقا وسمحا وكريما مع ضيوف بلدك ولا يغادروا متجرك إلا وهم راضون عن معاملتك، بع بالمسامحة ويكفيك أنك قد خدمت بلدك بحسن معاملة الضيوف.
• من الضروري أن نتصدى لظاهرة تفشي الحيوانات السائبة وخاصة منها الكلاب والحمير التي باتت تنغص عليها حياتنا في العاصمة فما بالك بضيوف لم يتعودوا على الاحتكاك المباشر بها. إنه لمنظر مشين حقا أن ترى تلك الأسراب من الكلاب والأغنام والحمير وهي تنتشر في الأحياء بما في ذلك " تفرغ زينه" فلا أقل من أن نحد من هذه الظاهرة المشينة وأن تقوم " الحضرية" بما يلزم لتطهير المدينة من هذه الحيوانات السائبة.
هذه جملة من الأمور التي تدور في خلدي وأنا أفكر في ظروف إقامة ضيوف القمة العربية الذين سيشرفوننا بمقدمهم قريبا إن شاء الله ولا يفوتني أن أحث المواطنين على أن يكونوا عينا ساهرة و قلبا حنونا ونفسا كريمة " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ".