في الكلام إبانة عن النفس ، وتجلية وصقل للتأملات الفردية ذلك انه يوضع في شكل جمعوي يتيح للكثيرن من أهل الريادة النظر في الأخطاء وتصحيحها ، وعادة ما يكون الحديث مرتبط بما هو شائع سياقيا ، ونحن الآن كوطن عربي بصدد الإحتفاء بإستقبال قادة عرب ، ظلت أغلبية شعوبهم لا تعرف
إسم وطننا في لائحة الدول العربية ،ونحن الذين عارض شعراؤنا شعراء الجاهلية الذين كانو مفخرة العرب
اليوم كلنا إنتظار وترقب ، إشتياقا لتقارير العالم العربي عن بلدنا الفتي ،اليوم ستتحدث القنوات العربية عن موريتانيا ، فهل في الأمر شئا مهما ، نعم إن عقدتنا الكبرى كانت ولا زالت هي الإنتماء لذلك الدوح العربي ، على الأقل نتجاوز هذه العقدة ، ونرى ماذا يعني ان نكون عربا؟
أن تتحدث عن موريتانيا بصفتها دولة عربية سياسيا بعدما أثبت علماؤنا وشعراؤنا أنناعرب اللسان والأفعال ، وهذا الحدث هو أمر مهم بالنسبة لهذا الوطن وبالتالي مهم بالنسبة لنا كمواطنين غير متمين لأحزاب سياسية إذ يصبح الإشكال ماهي الآفاق التي سنستقبل فيها ضيوفنا ،؟
مما لايخفى ان الزخارف ليست من سيمنا الحضارية ، فنحن شعب بدوي صحراوي ، ورثنا البداوة عن العرب ولم يكن لنا إرتباط بالفرس والروم ، لكن هذا لا يعنني اننا معدمون كلا ، فبالرعم من اننا ليست لنا زخارف إلا أن شعراءنا نسجو من الشعر زخارف لم يستطع شعراء الورود ان ينسجوها رغم لطف أجوائهم وروعة مناظرهم ،
لنا الكرم ولنا حسن الضيافة الذي ظللنا مشتهرين به !
لذلك توجب على من يؤمن بهذا الوطن أن يساهم في إنجاح هذه القمة ليس من ناحيتها السياسية فقط بل من ناحيتها الإجتماعية ، وان نحرص على أن يأخذ الأشقاء العرب عنا إنطباعا يليق بما قدمه الآباء في التاريخ ،رغم أنه من المؤلم ان نرقص في أثناء حتراق روما ، لا شك انه مؤلم أيضا ان نحتفي بالضيوف ونحن تنتشر فينا الطبقية والجهوية ، وفقرائنا أبناء جلدتنا يقفون على مفترقات الطرق ، لكن الوطن أعلى من كل شيء وبهذا الصدد أقترح ان نلملم جراحنا ونصبر حتى نتلقى هؤلاء الضيوف ثم نعود لأمرنا وسكرنا
كما لا يفوت على أحد ان هذا الجهد الديبلوماسي الذي قامت به حكومة موريتانيا يذكر فيشكر ، وأجدها فرصة مؤاتية لكي أذكرهم أن بناء الأوطان أصبح ضرورة عصرية ولاشك انكم كنتم ستكونون اكثر راحة لو كانت لديكم بنية تحتية صالحة فلماذا تنتظرون دائما فرصا كهذه ضيقة لكي تبنو أوطانكم ، ؟
ليس في الأمر تخوينا بقدر ما ان فيه توقعا لسوء الفهم إن هذا الوطن الأغبر لنا جميعا وسيكون من الكرم بناؤه وصنع وجهه الحضاري له خارج تفرغ زينة وداخلها ،
رغم كل ذلك يبقى الحديث مجرد تعرجات على قطعة ورق ، لا يفيد شيئا ، ودائما ما أتسائل لماذا يكتب الناس وهم ليسو معنيين مباشرين بالمشاكل التي يطرحونها ، وهل قيمة الكتابة تكمن في وضع المشكل ، أرى عكس ذلك ان الكتابة تؤخذ مأخذ الحديث منه الصدق ومنه الكذب ومنه التجييش والتشجيع ولكل جانب مصطلحاته ولغته الخاصة ، ولكل كاتب صغيرا كان اوكبيرا الحق كل الحق في أن يبدي رأيه في أمر حقير أو جلل
وإستنادا إلى ماسبق (كما يقول القضاة) فإن هذه القمة قمة موريتانيا ذلك البلد الذي مازال ابناؤه يفتشون في الظلام عن مفتاح سحري لبنائه ، ولا بناء له إلا بالأخطاء والخطوات الشجاعة ، وأن تكون هناك نخبة تنبه على الخطإ وتشجع الخطوة ، رغم ضعف إمكانيات المواطنين البسطاء أرجو منهم ان يرددو هذا البيت :
بلادي وإن جارت علي عزيزة
وأهلي وإن ضنو علي كرام