أما آن لهؤلاء المزورين أن يكفوا؟! / د.محمد المختار دية الشنقيطي

محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا أفشلت خطة الغرب، وكشفت زيف الديمقراطيين العلمانيين والقوميين العرب، وفضحت دعاوي الديمقراطية والمدنية وحقوق الإنسان في الغرب وفجور الشرق السوفيتي ، وأظهرت ضحالة  فكر وحقد العبرانيين من السياسيين والمنتسبين للصحافة والتحليل والكتابة والتنظير 

في عالمنا العربي المبتلى بسيطرة أوليك الذين ينطبق عليهم قول الله عز وجل{أولئك كالأنعام بل هم أضل}، فقد أظهر الانقلاب أن بعض عرابنا وأعرابنا القوميين والعلمانيين المنتسبين زوراً إلى الحداثة والديمقراطية قد وصل بهم الحقد القومي والعداوة السياسية والجهل المركب إلى الدرجة العليا من طمس البصر والبصيرة وفقدان أبسط مقدمات الموضوعية وإلى ذلك الدرك الآسن من الخبال السياسي والعته القومي الذي يتأفف عنه حتى المجانين في بلاد العم سام، ف يا أعراب القرن الواحد والعشرين مالكم كيف تحللون وتفكرون وتحكمون، أين بصائركم وأبصاركم وقلوبكم وعقولكم إن كان لها وجود أصلاً؟!
فما جرى في تركيا يا معتوهي العرب بكل بساطة هو محاولة انقلاب دبر تحت سمع وبصر الغرب تماماً وكما دبر الانقلاب في مصر لكن الشعب التركي غير الشعوب العربية المقهورة والمغلوبة على أمرها،كان أوعى وأقدر على الفعل، وحكومته أنظف يدا وأكثر تمثيلاً لشعبها وصلة به،  وقائدها الذكي الناجح بما يملك من عطاء سياسي واقتصادي وبناء مجتمعي وشجاعة إيمانية كان على قدر التحدي والمسؤولية، وقدر بكسبه وعطائه وشجاعته على المواجهة، فنزل للميدان مع أفراد حكومته وشعبه المدرك تجربة وممارسة لخطورة الانقلابات والأحكام العسكرية فواجهوا الانقلابيين بصدورهم العارية إلا من الإيمان بقضيتهم، وفي ملحمة من المواجهة والرفض قل أن يوجد لها نظير في التاريخ، متحدين جميعاً في رفض ذلك الانقلاب وبشكل جازم وقاطع، جماهير وسياسيين امستقلين وأحزاب وإعلام ومؤسسات أمن، مواقف لا قبل لكم بها، وعصى عليكم استعذابها، فهل هذه الجموع يا مفترون غاب عنها حقيقة ما جرى من مكر وخداع وتخطيط الزعيم الإسلامي أو لإخواني كما تقولون رجب طيب أردوغان وأدركتموه واستوعبتموه أنتم يا مغفلون، ما لكم كيف تحكمون وتحللون، وأعظم أنواع المصيبة ما كان من جنس خبال من يدعي التحليل وقيادة الرأي العام وشر البلية ما يضحك؟!
ومن غرائب السياسة عندنا نحن أبناء البلاد السائبة والمنكب البرزخي أن  المحامي عن انقلاب الكتيبة البرلمانية الانقلابية سيد محمد ولد محم وحزب الاتحاد من أجل الجمهورية يدينان الانقلاب في تركيا بعد فشله، كما يدعمان الانقلاب العسكري في مصر بعد نجاحه، ويتهيئان اليوم لاستقبال مدبره وقائده خادم إسرائيل وعدو المصرين والفلسطينيين قزم طغاة فراعنة مصر السياسي المشارك في جنازة قمة عرابي العرب في نواكشوط، التي يصدق فيها مثل الشعبي، المخبر عن تحرير ذلك الرجل لجاريته بعد ما سقطت منه في البحر فقال لها: صرت حرة لله، فبعد ما سجي العرب صنيعة أبريطانيا الجامعة العربية على نعش الفشل والخيبة، قالوا لها أو لقمتها لتنعقد اليوم أو لتغسل وتكفن وتدفن ودون صلاة في عاصمة  القصية والتي استعصى دخولها فيها وهي يظن لها الفعل والانجاز أما اليوم فتعقد فيها بعد ما رفضتها المغرب التي كانت ترفض دخولها لها من قبل ؟!
يقول الحق جل في علاه وقوله الحق عن حال الظالمين والفاسدين والمستبدين والمستكبرين:{ فاستخف قومه فأطاعوه}، ترى هل حقاً حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في موريتانيا يستنكر ويدين الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا وعلى لسان رئيسه الأستاذ سيدي محمد ولد محم وهو أحد زعماء الكتيبة البرلمانية الانقلابية، التي حركت وقادت الانقلاب على الرئيس المنتخب ديمقراطياً في بلده سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، المرشح أصلاُ في تلك الانتخابات من قبل ولي نعمته ومؤسس حزبه وفي حركة هي أشبه تماما بما تقوم به اليوم حركة فتح الله جولن في تركيا، فهل هذه الإدانة يا أستاذ الفلسفة والمحامي سيدي محمد توبة من الذنب وتكفير عن الظلم، والمعروف عند الفقهاء عن شروط التوبة أنه  لابد من الاعتراف بالذنب والندم على الفعل والإقلاع عن الظلم ورد الحقوق والمظالم إلى أهلها، أو هو مجرد الاستخفاف بالقارئ وتناسي التاريخ القريب واللعب على الشعب والضحك على المواطنين ؟!
لقد ادعي الانقلابيون في تركيا في بيانهم السفاح اليتيم الوحيد الحرص على الديمقراطية وحقوق الإنسان وعلمانية الجمهورية، أهدافاً لتحركّهم؛ الأمر الذي يذكرنا في العالم العربي والإفريقي ببيانات الانقلابيين في بلادنا في القرن الماضي وفي بداية هذا القرن وفي انقلاب مؤسس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وهي بيانات عسكرية تدين فساد السياسيين وتعدّد قبائحهم من عمالةٍ وخيانة، وتؤكد تمسّكها بانجاز المشاريع الوطنية وتحرير فلسطين كأهم قضية قومية وإسلامية؟.
لكن الشعب التركي العظيم الواعي بتاريخ الانقلابات، والملتزم بقضاياه الوطنية ومشاريعه السياسية، لم يستمع لتلك الأكاذيب والترهات، والوعود المنكوثة، فلم يلقي بالا لكلمة واحدة من ذلك البيان، فلم يهتم كثيراً بما يقوله هؤلاء، فكان الأمر الوحيد المهم عند المواطنين الأتراك وذو العلاقة هو أن البيان صادر عن انقلاب عسكري على حكومةٍ منتخبة، فهو إذا الأمر السيئ الذي يجب أن يثار عليه، والمهم الثاني الذي يجب الاستماع له والتنفيذ لما فيه هو ما يقوله الزعيم الشرعي والرئيس المنتخب السيد رجب طيب أردوغان، الذي قاد تركيا نحو التحرر من ثقافة الانقلابات، وعمل على نشر الديمقراطية وبسط مظاهر التنمية الاقتصادية الجالبة للتقدير والاحترام والإعجاب، في ظل اقتصاد عالمي ينهار وفي منطقة مضطربة ينهار فيها كل شيء الدولة و السياسة والأخلاق و القيم!!

20. يوليو 2016 - 10:38

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا