لا احد يتقدم الى المنون حين تكشف نوائب الدهر عن انيابها ، تعلل المغرب بما له من أشياء وله مبرراته ، لكن وحين جاء الدور على نواكشوط لم تترد فى اخذ دورها ، نعم اخذ دورها، حينما انقسم المشرق ما بين مجزء ومنقسم الى اجزاء ، اجزاء تجزأت اطرافها الى عناقيد تنفجر فى الكويت وفى البلد الحرام
، وفى مصر ، وانقسمت و تجزأت سوريا واليمن والعراق ، واما لبنان فقد تَقَمَّمَ فى قُمامة اقميت لها مهرجانات وشاع صيتها وفاحت روائحها حتى خرج الشعب فيها يقول لحكومته ان روائحهم اصبحت تزكم الانوف ، كل هذا ولما تندمل بعد جروح فلسطين و الصومال ،
ومن القُمَّةُ تكممت افواه الساكنة العربية من مشرقها الى مغربها ، مغربها الذى اصبح غريب التشكل غير متحد كما كان يزعم ، تهاوى فيه الاتحاد، ونخر في جسده الوهن حتى اصبحت كل فتاتات الاتحاد فيه منهارة (اتحادات العمال ، النقابات...الخ) كلها تأدلجة واصبحت تسحب كل شيئ الى جزرها المعزولة عن باقى الجسد والروح المغاربية ،
وحدها نواكشوط كانت بادية العرب اليها ينتجعون وبها اقيمت خيمة العرب الكبرى ، ففى القمم الماضية كانت تعقد الجلسات فى فنادق ومنشاءات لا تمت بصلة الى اصالة و تقاليديها العربية الراسخة ، وحدها نواكشوط اقامت خيمة سيجتمع العرب تحتها كما كانوا ، نعم ستقام القمة تحت خيمة معالى الوزير.
معالى الوزير توجد فى نواكشوط فنادق خمس واربع نجوم بحسب النظم والمعايير الدولية ، ومنها من حصل على شهادات الايزو بذالك ، لكن لا توجد فى صالات استقبالها نساءات عاريات لجذب من يبحث عن الشهوة ، بل يوجد بها اشخاص محافظين ملتزمين بقيمهم الثقافية والدينية و العربية الاصيلة ، نعم هذه بيئة لم تتعودوا عليها فى لبنان ، هذه بنية فوقية ينظر اليها امثال التويجري الامين العام للمؤتمر الاسلامى ، فوقية فى أعالى القِمم ، من يريد النظر اليها عليه ان يصعد فى سلالم الصحة النفسية ، صحة ليست صحة تحتية ، تنظر الى ما تحت الخاصرة ، نعم لا توجد بنية تحتية معالى الوزير ، نحن لدينا فقط بنية فوقية.
عندما غزا الرومان ومن بعدهم الافرنجة بلادكم معالى الوزير داباتم على المبيت بين احضان البُنيات التحتية ، واشتهر بذالك من زراكم ، ومن اقام بينكم ، ومن انتجع بلادكم ، وليس هذا من البنية الفوقية للعرب بل من البنية التحتية ، بينما اتخذ اجدادنا نحن من ظهور العيس بنية فوقية وشيدوا عليها كتاتيب ، نأصل فيها تقاليد العرب والاسلام والبادية وكل ما له صلة بالثقافة التى تجمعنا كعرب ، تجمعنا تحت خيمة واحدة ، نعم معالى الوزير، من هنا جاءات فكرة خيمة نواكشوط التى ستنعقد فيها القمة ، وان فضلت انتم المبيت فى ديار اخرى فى بُنية تحتية اخرى ، فلكم ذالك ، ولكم ان تاخذو صورة تذكارية وفكرة عن البنية الفوقية فى المقيل الذى ستقيمونه تحت خيمة العرب قبل رجوعكم الى البنية التحتية.