و أسدل الستار على السابعة و العشرين / الولي ولد سيدي هيبه

اسدل الستار بعد كسب رهان التنظيم يوم أمس 25/07/2016 على القمة العربية السابعة و العشرين وقد جرت في ظروف أمنية صحيحة. و لما أن تنظيمها لم يشك هو الآخر أي ضعف فإن الضيافة كانت على قدر أهل الحدث فقد حملت الخيمة القصر في رمزيتها كل الدلالة التاريخية و الشحنة العاطفية

 التي أريد لها أن تكون تعبيرا عنه في جمع أهل الانتماء الواحد و اللغة المشتركة و المصير المرتبط جغرافيا في كل لا يتجزأ من إطلالتيه الاستراتيجيتين على المحيطين الأطلسي و الهندي و حوض الأبيض المتوسط و شطي بحره الأحمر و بحره الميت و خليجه العربي و باب المندب الاستراتيجي من دون يدرك البعض من الضيوف ذلك نظرا لعوامل المد الثقافي الحديث الذي فك منذ قرنين على الأقل الارتباط مع شحنات المميزات و الخصوصيات التاريخية القديمة في بعدها المادي الذي ليست له قيمة الأثر الحضاري المدني كالحصون و القصور دور العبادة و قنوات الري و الطرق الحجرية لمرور العجلة وكل ما يدخل في جملة الآثار الخالدة بما حملت ذات تاريخ في وجه الزمن من علامات القوة و الصمود.
و لو أن هؤلاء تريثوا قبل إطلاق الأحكام المسبقة لأدركوا أن الخيمة التي انعقدت تحتها القمة أكثر فخامة و اتساعا و استيعابا للوسائل الحديثة و أبلغ تأثيثا من أية بناية أخرى من الخرسانة، و أن  اقتنائها كلف من الأموال ما يستحقه مؤتمر الضيوف.
و لما أن القمة نجحت إذا بمقياس التنظيم الجيد و الاستقبال الرفيع المستوى وكرم الضيافة و الأمن المشهود، فقد كان جدول أعمالها و كافة أوراق ملفات المؤتمر هي من عمل و إعداد و تقديم وزراء البلدان العربية و المختصين و المستشارين و الخبراء المعتمدين من الجامعة و كذا مندوبي دولها الذين عكفوا جميعهم منذ فترة على الإعداد و التحضير على خلفية التشاور و الاستقصاء و التدارس والتبادل لمجمل الاهتمامات و الخلافات و المتطلبات و اهتمامات القادة وتطلعات و طموحات الشعوب العربية سبيلا إلى الخروج من واقعها المتأزم و الملطخ بالحروب و عبث الإرهاب.
كما أن إدارة أعمال القمة كانت على مستوى عالي من الانسيابية والتحكم فتتالت الكلمات حاملة كلها اهتمام بلدانها و رؤساءهم و مقترحاتهم حول القضايا التي تمت ملامستها و حول القضايا المتعلقة بالتعاون الاقتصادي و الصحي و بالأمن الغذائي و الشأن الثقافي.
و إن لم تكن القمة قد خرجت كسابقاتها ببيانات و إعلانات عن التوصل إلى تسويات محل إجماع للقضايا الكبرى كالحروب المحتدمة في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا و كمسألة إنشاء قوات عربية مشتركة في إطار الدفاع المشترك فإنها شهدت ـ و الأمر يحسب لها ـ مرونة غير اعتيادية في تناول هذه القضايا و جنوحا إلى لغة التهدئة و تجنب الصدام و إذكاء نيران الخلافات.
و فيما غلب طابع البكاء على الماضي البدوي القاسي بشح وسائل الراحة و بعد مصادر الإبداعات الجمالية بخيامه و ترحال أهله المضني على تسويق موريتانيا ثقافيا و سياحيا للأشقاء العرب و لم يستثمر هذا الوجه الذي فات سياقه الزمني بوسائل و آليات الحداثة كما تفعل مصر بتراثها الفرعوني التي بنت له قرية حية تستدر المال من زيارتها و ليس من البكاء على المعيتها حضارة ذات ماضي، فقد كان الأمر مختلفا من ناحية ما يتوفر عليه البلد من قدرات هائلة على استجلاب الاستثمارات العربية و غيرها حيث أبرزت وزارة المالية بالنشر و التوثيق المرئي بعض أهم جوانب ما يتوفر عليه من إمكانات و قدرات هائلة من شتى معادن نفيسة و أراضي زراعية خصبة على ضفاف النهر و ثروة سمكية فريدة و أخرى حيوانية بملايين الرؤوس من الأبقار و الإبل و الاغنام و من البترول و الغاز برا و في شواطئ المحيط.
و مهما اختلفت القراءات حول القمة السابعة و العشرين التي تمت على أديم موريتانيا بعد كسب رهان تنظيمها و حول نتائجها التي صيغت فيما أصبح يعرف بإعلان نواكشوط من ناحية و حول ما ستؤول إليه رئاسة الجامعة لعام مقبل، فإن موريتنيا قد سجلت في سجل تاريخ انعقاد القمم العربية محطة اتسمت بحضور تمثيل نوعي و مجريات قمة هادئة و ذات اهتمامات تجاوزت السياسي إلى قضايا التعاون و التكامل. و يبقى على العرب أن يتبعوا القرارات بالعمل لقطع خطوة أخرى من الألف ميل إلى الامام.

26. يوليو 2016 - 18:38

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا