إنها قمة أمل.. أمل لبلدنا الرائع المصنف عالميا من بين أفقر دول العالم رغم وفرة ثرواته !
أمل للعرب الذين هم اليوم مركز اهتمام العالم ومحط أنظار أعداء دينهم العظيم !
أمل للبشرية في أن تحطم مدينة نواشكوط سابع المستحيلات وتصبح مدينة سياحية جميلة بعد انعقاد القمة بقرن من الزمان !
أمل في أن لا يرجع الموريتانيون إلى "لخيام" بعد انتهاء القمة إلا وهم مصرون على مواصلة النهج الذي انتهجه رئيسهم حتى تصبح لديهم مدن مشرفة لا يستنجدون في ظل وجودها بالخيام وأهل الخيام..
هي قمة أمل لنا ولإخوتنا العرب.. فبالنسبة لنا نحلم بأن تكون لنا واجهة مشرفة جميلة، وهذه فرصة ذهبية من أجل تحقيق ذلك الحلم البعيد. أمل في أن نحس بواقعنا المزري، وكفانا كذبا على النفوس. وأن يحس إخوتنا العرب – الذين فقد أغلبهم الإحساس - بنا، ومدهم ليد المعونة إلينا كما قال الوزير اللبناني..
أمل في أن يقل خداع النفوس الذي أصبحنا نمتهن، وأن نعترف جميعا بأننا في أمس حاجة اليوم إلى البناء، وأول ما يبنى في أي بلد هو مدنه لأنها واجهته وعلامة تحضره وسقوطه !
إنها أمل في أن يقل هذا النفاق البغيض، وأن يرفض الصادقون كل كم يتلفظ به (وتلك هي العلامة الأولى للتحضر، إذ لا يمكن للمرتزق في الدول المتحضرة أن يتكسب بالكذب والنفاق كما يفعلون عندنا، حتى صار "متن لوجه" أهم عامل للنجاح في هذا البلد).
يجب أن نعرف حقيقية مدينتنا وأسباب فشلنا، فنحن للأسف لم نعمل على مدى عشرات السنين على البناء، وكان بإمكاننا ذلك، لكن ما كان يبنى في هذا البلد هو الدور المنعزلة والكروش..
لم نفكر يوما في أن نتحضر مثل دول قريبة منا تتمتع على الأقل بمدن تتوفر على المواصفات اللازمة لإستضافة الوزراء اللبنانيين. وللعلم أرى أن تعليق بعضهم على حالة مدينتنا لا غبار عليه بل الغبار على من يعترض عليه وعلى مدينته، فيجب تقبل النقد الصادق لأنه بمثابة الهدية المحفزة على الإصلاح، ولا يرفضه إلا المفسدون أو العاجزون عنه..
إن المشاهد لأماكن التي اختارتها الحكومة المسكينة المغلوبة على أمرها سيعجب من صبرنا على شكل هذه العاصمة المخجل والمؤسف.. ومن شاهد وجه الرئيس داخل الخيمة الكبيرة يستطيع الجزم بأنه حلم ولو للحظة بأن تكون له عاصمة أكثر تشريفا وإمكانيات. وإني لأعجب من شجاعته في استضافة ما لا قبل له ولا لنا به إلا "بلعفيس"! وإن كنت أرى في ذلك الكثير من الإيجابيات وأهمها أن يرى العرب بلدنا ويقررون مساعدته إلى جانب مساعدة أنفسهم بطبيعة الحال في تكوين كيان قوي يتصدى للمؤامرات التي تحاك لهم ليل نهار في هذا الزمان..
إن هذه القمة أمل في أن ينتبه إخوتنا العرب لأنفسهم فهم اليوم محط أنظار أعدائهم الذين يستهدفونهم بكل الطرق المباشر منها وغير المباشر، فعلى العرب أن يدركوا أن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصي منها، وقد أكل العراق وليبيا وسوريا وكاد أن يأكل مصر وتونس، ولم يعد ينفع الزعماء تحالفهم مع الغرب لأن الأهداف أكبر من أشخاصهم، الأهداف تحطيم بلدان بأكملها، لذا لم ينفع الحكومة العراقية كل ما قدمت من تعاون وأدلة على أنها بريئة من الإرهاب، من وصمها بالإرهاب وقتل رئيسها ! فليكون الزعماء العرب كيانا موحدا قويا يقف في وجه الدول المتدخلة في شؤون المسلمين، ويقول لكل من يستهدف بلدا أز زعيما: قف عند حدك فأنت تستهدف الأمة كلها..
ليصنع الزعماء – ولن يقدروا بسبب العواطف الساذجة - اتحادا حقيقيا له عملة موحدة، وحدود مفتوحة أمام كل مواطنيه، وعملية تنمية موحدة تضع نواكشوط والرياض وكازابلانكا في مرتبة واحدة، وجيش موحد قوي جاهز لحل مشاكل بلدانه الداخلية بدل انتظار الحلول الأمنية الدولية المخربة..
ولو كان عندنا مثل هذا الإتحاد القوي لما كانت نواكشوط على ما هي عليه اليوم، ولما فكر أحد في دخول ليبيا، بل لما كان العرب على ما هم عليه اليوم من الضعف والإستهداف من قبل جميع أعداء دينهم (وأقول دينهم لأنه سبب سعادتهم وابتلائهم في نفس الوقت)، ولما تدخلت أي دولة أجنبية في سوريا والعراق وليبيا، ولما تظاهر ناعق واحد من هؤلاء الشباب الطائشين الذين أعجب من عقولهم، ألا يرون نتيجة هذه المظاهرات في مصر وتونس وليبيا وسوريا؟ ألا يعقلون؟ إلى متى هذا التمسك الأرعن بالخراب العربي الذي يسمونه ربيعا وهو جحيم على كل الدول التي أشعلها؟..
فلتكن هذه القمة قمة أمل في وحدة المسلمين وعزتهم، تتخطى المصالح الأنانية للأفراد وتوحد الجميع وتصلحهم وتقويهم وتعزهم، وإلا فعلى الأمل السلام.. لن يعكس جمال نواكشوط إلا جمال الوضعية العربية المزرية..