ملاحظات على هامش القمة / منى بنت الدي

فضحت قمة نواكشوط مستورنا و سلطت الأضواء الكاشفة على مواضع الخلل عندنا و أظهرت أن ثرواتنا المتنوعة و الضخمة لم تطعم شعبنا و لم تبن دولتنا و لم تصن ماء وجوهنا عن التسول المهين و لم تحفظ ذكرنا من الذم و القدح فأصبحنا مثارا لسخرية الكتاب و الصحفيين.

دولة غنية بمواردها شعبها فقير ليس لديها ما يقري ضيفها تتسول من الضيوف ما تستضيفهم به و في النهاية يعزف الضيوف عن الحضور لأن أموالهم لم تصرف في أماكن مناسبة لإيوائهم و لا قاعة لانعقاد اجتماعاتهم و لم تقنعهم إجراءات الأمن أيضا ما جعلها قمة تضرب الرقم القياسي في غياب الزعماء و تضرب الرقم القياسي في اختصار الوقت كأن ضيوف القمة يريدون الهروب بأرواحهم من مجهول نواكشوط الذي يعتبر نزول الغيث فيه مهددا لسلامة الضيوف و تنظيم اجتماعهم فكيف يكون الأمر بالنسبة للمنغصات الأخرى.
كان الجوهر الذي تجتمع عليه أمة العرب غائبا فالتنافر و الانقسام و التناحر هو السمة الغالبة اليوم لذلك جاء بيان القمة إنشاء رديئا لا قرار فيه و لا موقف.
تغيبت الأكثرية و كان لغياب مصر و فلسطين أبلغ الأثر حيث إن فلسطين لم تتغيب عن قمة قبل قمة نواكشوط و غياب مصر كان سابقة لأن الرئاسة يجب أن يتسلمها الرئيس الجديد للجامعة من الرئيس المنصرم خاصة أنهما إخوة في العسكرية و الإنقلابات.
قبل قمة نواكشوط كان العرب يجتمعون ليختلفوا و اليوم عجز العرب عن الإجتماع.
تقرر في القمة أن يكون الاجتماع المقبل في اليمن عند الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي لا يستطيع دخول اليمن و لكم أن تتصوروا مستقبل القمة في المنحدر الذي بدأ في نواكشوط.
كشفت القمة أزمة النخبة عندنا فقد سجل الكثير من كتابنا ارتياحه لنجاح القمة حيث اعتبروا نفاد الضيوف بجلودهم نجاحا و اعتبروا انحباس المطر يوم القمة نجاحا و تناسو أن القمة لو امتدت ليومها الثاني لكان نزول المطر أفشلها. كما أن الحساسية المفرطة اتجاه النقد أو تبيين الواقع أدخلت هذه النخبة في مهاترات تشي بالضعف و ضيق الأفق فلم تسلم لبنان و شعبها الكريم من هجوم أقلامنا رغم الاعتذارات و تقريع النخبة الإعلامية في لبنان للحكومة و الوزير أبي فاعور. و لم يسلم الإعلامي المتميز  فيصل القاسم من سهام طيشنا عندما امتدحنا بالفصاحة و قوة اللغة و استنكر أن يكون رئيسنا بهذا الضعف اللغوي الفاضح. كان على النخبة بدل هذا التهافت أن تخلص إلى ضرورة التخلص من هذا النظام الفاضح و السعي لتغيير حال البلد.
غابت جميع دول المغرب العربي مما يعني أن تنسيقنا الإقليمي ضعيف و علاقاتنا بالجوار  مأزومة و يعني أن قمة نواكشوط لم تكن مقبرة للجامعة العربية فقط بل كانت مقبرة لاتحاد المغرب العربي أيضا.
كشفت القمة أيضا زيف الديموقراطية عندنا و أظهرت تقييدنا لحريات الأفراد و الصحافة فاختطف النظام شباب المعارضة و زج بِه في المعتقلات كما حرمت أكبر صحيفتين موريتانيين و أكثرهما مصداقية من تغطية القمة.
كشفت القمة أيضا مدى فساد النظام و جشع رأسه الذي أخفى أموالها و التهم النزر القليل الذي أخرج لتنظيمها في صفقات فاسدة لمقربيه و سماسرته و حرم جميع الفاعلين الاقتصاديين من كل صفقاتها.
أظهرت القمة أن للشعب الموريتاني إخوة يحبونه و يقدرونه رغم حاله التعس مثل أمير الكويت الذي تجشم عناء الحضور و المبيت بين إخوته في موريتانيا رغم السن و المرض و مثل الأمير تميم الذي مر من هنا مرور الكرام فجاء في أسطول من الطائرات و الصحفيين و المسؤولين و رجال الأعمال ليبدي لموريتانيا حبه و مساندته لها. 

27. يوليو 2016 - 19:35

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا