سياسة الخيمة المفتوحة بوابة موريتانيا إلى العالمية / يربان الحسين الخراشي

إن الخيمة الموريتانية الصحراوية البسيطة المفتوحة من جهاتها الأربعة التي مكنت أسلافنا
من التكيف مع الصحراء، وذللت الصعاب أمامهم للعيش فيها رغم ما يكتنفها من عوامل مناخية وبيئية و اقتصادية قاسية، الخيمة التي شكلت مفهوما حضاريا و ثقافيا يجسد إطارا قويا 

لعلاقاتهم الاجتماعية.  الخيمة التي عاشوا تحتها، وتعلموا، وعلموا، وألفوا، وجاهدوا، وشيدوا صرح دولة المرابطين التي  أعادت رسم التاريخ البشري، ودانت لها مشارق الأرض ومغاربها  من الغابون حتى حدود فرنسا .
شكل الخيمة البسيط هذا شكلَ إلهاماً لبدوي في لحظة تأمل للإجابة على الثلاثة الأسئلة التالية:
1- نموذج سياستنا الداخلية في إدارة التنوع الإثني والثقافي ؟
2- نموذج  سياستنا الخارجية في سياق الأزمات؟
3-نموذج الاقتصادي المطلوب تطبيقه في بلادنا؟
(1)
أولا- على المستوى الداخلي :
على بلادنا أن تكيف نظام سياستنا الداخلية  لاحتواء خصوصية التنوع الإثني والثقافي باعتماد نموذج نصب الخيمة على ركيزتين، الركيزة الإفريقية، والركيزة العربية دون أن ننسى"احمار الخيمة"  الإسلام الذي بدونه قد تمزق  الركيزتين الخيمة وتسقط  على من فيها.
هذا النموذج سيحقق لنا المحافظة على انسجامنا الاجتماعي، ويساهم في تعزيز وحدتنا الوطنية،  ويقطع الطريق أمام دعاة الفتنة ومثيري النعرات العنصرية الهدامة، وهواة الصيد في المياه العكرة وتأجيج المشاعر وإثارة الفتن.

(2)
ثانيا- على المستوى الخارجي: 
على بلادنا وفي ظل تولي رئاسة جامعة الدول العربية أن تتبنى سياسة الخيمة المفتوحة لإدارة سياستنا الخارجية خاصة في ظل ظروف إقليمية، ودولية معقدة، وظروف عربية  يطبعها التشرذم والتمزق، والتحالفات الضيقة المتغيرة. سياسة الخيمة المفتوحة للكل، وعلى الكل هذه ستمكن بلادنا من مسك العصا من الوسط، وبالتالي نضمن الحياد الضروري للقيادة الفعالة في ظروف كهذه، مما سيمكننا من سهولة إدارة القضايا العربية المطروحة  بموضوعية، وبشكل توافقي قد يشكل سابقة في العمل العربي المشترك، كما أن سياسة الخيمة المفتوحة هذه ستسمح لنا بإضافة البعد الإفريقي في تناول القضايا العربية  مما سيشكل إضافة نوعية في معالجتها خاصة أن العرب الأفارقة يشكلون أكثر من 65% من العرب .
(3)

ثالثا- على المستوى الاقتصادي:

بحكم موقعنا الجغرافي، فإن فكرة النموذج الاقتصادي المطلوب تطبيقه في بلادنا مستوحاة من خيمتنا المفتوحة على جهاتها الأربعة،  إفريقيا، والعالم العربي، وأوروبا، وأمريكا.
نموذج الاقتصاد المنفتح عن طريق تحويل بلادنا إلى منطقة تصديرية تخزينية أولا، وتصنيعية ثانيا  تستهدف بشكل رئيسي  الأسواق الإقليمية ثم العالمية، مما سيمكننا من خلق  بيئة جاذبة، وحاضنة،  وضامنة لاستمرارية الاستثمارات خاصة في ظل التوجه العالمي الجديد الذي يسعى إلى تقليل الاعتماد على التجارة البحرية العالمية  لصالح التجارة القارية، والجوية  حيث يحمل النقل البحري  حاليا حوالي % 90 من تجارة العالم وعائده السنوي 500مليار دولار. هذا التوجه  بدون شك  سيخلق فرصة تاريخية للمناطق القارية الجيوإستراتيجية والتي تعتبر بلادنا احد أهمها إن لم تكن أهمها عالميا.

سياسة الخيمة المفتوحة هي طريق وطننا إلى حلحلة مشاكله الداخلية، والاحتفاظ بعلاقات خارجية حسنة مع الجميع، وانفتاح اقتصادي على الجميع،  وباختصار هي طريق بلادنا إلى التنمية، والعالمية.
عندها سيقبل القادة العرب المجيء والمبيت تحت خيمتنا لعلها تلهمهم بعض سحرها،وتوحي لهم بخفايا حكمتها خاصة أولئك الذين تمزق بلدانهم الصراعات الطائفية والمذهبية أو أولئك الذين اقتصادهم أحادي الجانب يقوم على مصدر شبه وحيد.

خيمة العرب في أنواكشوط  لتي احتضنت قمة العرب كان أبرز نتائجها إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية حيث تم الإجماع ولو لفظيا على أنها قضية العرب المركزية، لكن المتتبع لمسيرة تطور القضية  يدرك جيدا أن فرصة التخلص من إسرائيل قد ضاعت، وأن زمن الحلول السلمية قد ولى، بل أكاد أجزم أنه  سيكون علينا في المستقبل القريب العمل بمبدأ  التضحية بالرخ لإنقاذ الملك 
( give  up a rook to save the king) في لعبة الشطرنج الدولية الكبيرة هذه .
وليس الرخ أو بلون إلى فلسطين وقضيتها، والملك ليس إلى أحد ملوك الأنهار المائية أو النفطية .
لقد علمنا التاريخ  أن ضعف الأمة في قلبها يصاحبه دائما ازدهار في أطرافها فهذه فرصتنا نحن الموريتانيين علينا استغلالها ولنبدأ  بنصب خيمة الحوار الوطني المفتوحة للجميع والتي على الجميع أن لا يغادرها حتى يضعوا  مسار بلادنا السياسي والديمقراطي على الطريق الصحيح .

29. يوليو 2016 - 18:19

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا