المعارضة الموريتانية : من الذبول إلى الموت السريري .. / الشيخ المهدي النجاشي

كانت المعارضة في موريتانيا إذا تحدثت أسمعت , وإذا انتقدت أثرت , وإذا سكتت كلمت , لكنها في السنوات الأخيرة حرقت كل المراكب وباتت تعيش على الهامش بعد طوافها  المكوكي من مسجد المغرب إلى  ابن عباس , ومن حديثها عن صناديق أكرا إلى تازيازت , ومن عجز الرئيس إلى الباء الطائرة,  ومن صبا صبا إلى فبركة بوكوحرام .

كانت المعارضة في موريتانيا  كأي كائن وديع يحلم بالديمقراطية والحرية والعدالة , لكنها أصبحت الآن عبئا ثقيلا على إشاعة ثقافة التعددية والديمقراطية والإنصاف والتناوب السلمي , حين أصبحت تشترط في الحوار الوطني الشامل أن تحل قضية فلان أو علان , أو أن تنهى أزمة مجموعة فلان أو فلان على حساب قوانين الجمهورية وضوابط المؤسساتية  .
كانت المعارضة قبل سنوات جميلة في طرحها , في نضالها ,  في تصوراتها ,  في مطالبها , لكنها اليوم  ذبلت سياسيا وضاعت جماهيريا وماتت سريريا  فلم يعد لها من الذكر سوى زمرة من الشيوخ وقليل من الشباب العامين الذين لا يفقهون سوى التجريح والتلاعب بالألفاظ وعبارات فارغة من المنطق والعلمية وكأنهم يريدون بذلك أن يحرقوا تاريخ تجارب ما تزال من بينهم تحاول جاهدة إسماع صوت  يريد لموريتانيا كل الخير رغم أخطاء التصحيح والمقاطعة .
كانت المعارضة في موريتانيا إذا تحدثت في سنوات مضت تضرب مثالا للعار بالعلاقات مع إسرائيل وتذكر أحداث إرهاب مرت من هنا ذات يوم , وعن تضيق في الحريات كان  ذريعة لحبس الصحفيين وصناع القرار .
كانت المعارضة  إذا تحدثت تحكي بكل إنسانية عن واقع الفقراء وأحياء الصفيح , تماما كما تحكي عن عجزنا الدبلوماسي وطموحنا الإقليمي والقاري والعربي وملفات كثيرة كانت من خلالها تلامس هوى في نفوس الجماهير .
لكن تلك الصورة الوديعة والجميلة للمعارضة ذبلت وضاعت في زحمة الإنجازات الكبيرة التي حققها رئيس الجمهورية السيد : محمد ولد عبد العزيز  حين قرر تحويل نقاط الإحباط واليأس في خطاب المعارضة إلى جملة انجازات مشرفة في تاريخ الجمهورية فحول حالة التذمر من العلاقات مع إسرائيل إلى أفراح وأكاليل زهور حين قطع العلاقة مع الكيان الصهيوني في وضح النهار  ولأول مرة في وتاريخ العرب .
كما استطاع رئيس الجمهورية أن يحول الهاجس الأمني لدى المعارضة إلى انتصار ينضاف إلى أرشيف الجمهورية حين نجح في وضع إستراتجية أمنية وفكرية للقضاء على الإرهاب والتطرف والغلو بعد أن كان يقتل فينا في " لمغيطي " و " تورين " و الاك " وتفرغ زينة " بملاحقة الإرهابيين عسكريا ومحاورتهم فكريا ومواجهتهم علميا  بإذاعة القرءان والمحظرة وطباعة المصحف محققا بذلك انتصارا عالميا وإقليما بشهادة الجميع وكذا الشركاء الدوليين .
كما برهن رئيس الجمهورية على تعزيزه للحريات وحرية الكلمة في موريتانيا بتحريره للقضاء السمعي البصري لأول مرة في تاريخ البلاد ,
كما فتح الحريات العامة وحقوق الإنسان وألغى حبس الصحفيين لإلغاء الوصاية ومقص الرقيب الذي كثيرا ما تحدثت عنه المعارضة واعتبرته خرقا سافرا للحريات ليكون بذلك رئيس الجمهورية قد حقق واحدة من أكثر ركائز الديمقراطية والتعددية ,  في حين لا يوجد أي تتناوب سلمي في أحزاب المعارضة . إضافة إلى أنه لا يوجد أي سجين رأي سياسي داخل سجون الجمهورية مما ينضاف هو الآخر إلى أسباب الموت السريري لخطاب المعارضة في موريتانيا .
وفي أولى خرجاته بعد الحركة التصحيحية وفق تعبير رئيس حزب التكتل السيد :  أحمد ولد داداه تعهد رئيس الجمهورية السيد : محمد ولد عبد العزيز أمام سكان الحي الساكن بالقضاء على ظاهرة "  الكزرة  " وتحويلها إلى أحياء سكنية بمقومات عصرية وهو ما تحقق فعلا في " دار النعيم " وتوجنين " وعرفات " بشهادة السكان المحليين وكل من له عين ترى أو أذن تسمع . وبذلك استطاع رئيس الجمهورية ان يغيب الفقراء عن المعارضة ويقتل خطابهم المتغاضي عن الحقائق .
كانت معارضتنا تحكي باستمرار عن فشل في دبلوماسيتنا وحضورنا القاري والإقليمي والقومي وكانت كثيرا ما تصفه بالتافه وغير المبرر لكن تجربتنا في رئاسة الإتحاد الإفريقي ووساطة رئيس الجمهورية في ليبيا ومالي وكوديفوار ووسط افريقيا واستضافتنا للقمة العربية ورئاستنا للجامعة العربية أيضا  كلها تجارب كانت تحمل في طياتها رسائل لمعارضتنا العاجزة بأن هناك نظام يعمل وحكومة تسهر على انجاز مكتسبات مشرفة تحت يافطة موريتانيا الجديدة , موريتانيا التغيير البناء , وأن المعادلة السياسية المحلية والدولية لم تعد بالتنظير السياسي وإطلاق جملة من الأحكام والأرقام الوهمية وإنما بالممارسة السياسية المحكمة وليست المزايدة في القاعات المغلقة لتحريك الحماس الشبابي أحيانا  والدفع بهم إلى التهلكة على طريقة " اذهب أنت وربك فقاتلا إن نحن هاهنا قاعدون " وإنما بالاعتراف بالإنجازات الوطنية الكبرى والانتقاد البناء لبناء هذ الوطن الذي يسع الكل " .
وبين هذ وذاك تكون المعارضة قد قطعت عدة أشواط من الذبول والانصهار في اللاشيء نتيجة مغالطتها للشعب وعدم انصياعها للغة الواقع التي لا تنكر هذه الإنجازات الملموسة والتي بلاشك تسير  بالمعارضة  نحو الموت السريري  .

7. أغسطس 2016 - 13:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا