يَعبرونَ الجِسرَ في الصبحِ خفافًا
أَضلُعي امتَدَّتْ لَهُم جِسْرًا وطيدْ
مِن كُهوفِ الشرقِ, مِن مُستنْقعِ الشَرقِ
إِلى الشَّرقِ الجديدْ
بين رشوح وتسخين الذاكرة للأساتذة العرب الكبار يلفى أرباب المنكب البرزخي أنفسهم خارج اهتمامات أبناء العمومة الموقرين.
ففي كل سانحة ائتلاف تدب بين جوانحنا موجدة عظيمة ومناحة أليمة تمور بالامتعاض والأسى، تتكسر النصال فيها على النصال، عندما يجود علينا الأساتذة الكرام بكرمهم المعهود ورعايتهم الجليلة حيث يجدون لنا "مكانة"بين أدوات عطفهم، تلك العطوف التي تستفتح عادة بمقديشو وتنتهي بأسمرا.
أيها الأساتذة الكبار لن أستلهم فضائل التاريخ ولا قيم العدل والانصاف، ولن أقف أمام قبس قوافل الموسوعات العلمية ولا العامل المشترك دينا ورحما وآصرة.
لن أنفق كثيرا من الزمن على قصة كتيبة الأصفار المسطرة على اليمين لما بات يعرف في هذه الربوع بأرض المليون شاعر، بل لن تستهويني إشكالية الأطراف والمركز، ولن أحفل كثيرا بمتعة المغامرة الاستكشافية لمثلث الصعلكة المتعلق بالخيمة والنوق والصحراء.
فقط أود وبكل اتزان أن أشير إلى أن موريتانيا لا تحتاج إلى قسيمة مُزكاة من طرفكم أيها الكبار، لأنكم ببساطة تتسع ذاكرتكم لألقابوتراتيب آيات الله ولون ملاءاتهم أكثر مما تدركون من تاريخ: زفر بن الحارث وهمام بن مرة وربيعة بن المكدم.
لم أك أحجو أن الإساءة للشعوب إبداع عربي حديث يضاف إلى سلة الانجازات والابتكارات التي يتحفوننا بها الأشقاء الكبار من حين لآخر، خصوصا عندما يتعلق الأمر بأريج محابر ومداد العاصمة بيروت، وهنا سأقاطع نفسي قليلا لأصدع بأن بيروت الكبار التي عرفت هي: "يا ست الدنيا يا بيروت" لنزار قبان، مرورا ب"يعبرون الجسر خفافا" خليل الحاوي، ... "إلى أمي" لبلند الحيدري، "نشيد الرجال" لمحمود درويش و"سأخون وطني" لمحمد الماغوط.
وأأوب لأقول إن الصفات "المتنحية" التي عرفت والصفات "السائدة" التي شاهدت للأساتذة العرب الكبار هي مزيج من العجز والثرثرة والفكاهة السمجة، فنتوءات وجهامة "المونوبوز" بكل تقاسيمها تبدو جلية على سحن الأساتذة الكبار.
اليوم تحتضر "لاذقية كنعان" في خرقة حقيرة مسجاةفي يوم من أيام العرب.
فلا كان العرب ولا كانت أيامهم يا بيروت.