لاأحد ينكر أن "الإسلاميين" أصبحوا قوة سياسية يحسب لها ساسة أهل هذا البلد حسابها. غير أن ما يعكر صفو هذه الحقيقة هو التخوف من إثمارها لنتائج عكسية في ظل الاهتمام الزائد لدى القوم هرما وقاعدة بالمجال السياسي على حساب الجوانب الدعوية والتربوية وهو اهتمام يتمثل أساسا في الإلقاء
بأغلب رحال الحركة الوازنين في الحزب، وإعطاء الهم السياسي مساحات معتبرة في الخطاب والاهتمام على حساب الساحة الدعوية ، قد يعصف الأمر ــ إن استمر الوضع على ماهو عليه.ــــ بمكسبات حزيلة. حصدها الإسلاميون حين كان النشاط المسجدي السلاح الإعلامي الأول للحركة الإسلامية، يدرك الإسلامييون جيدا أن ساحات الدعوة هي وحدها المنجم الخصب الذي يمد صفوفهم بطاقة متجددة، وهي المعول عليها في أي سباق انتخابي يخوضه الحزب. وهي التي بإمكانها تحريك الشارع حين ينكمش المجال السياسي المسموح لهم بالتحرك داخله، لكن المفارقة الغريبة أن توجها جديدا ارتسمت معالمه منذ دخول الإسلاميين مرحلة الحزبية وتأسيس جزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية " تواصل" جعل استزاف سوح الدعوة ضمن أولوياته. فهاجرت القيادات الوازنة التي تمتلك رصيدا في المجال إلى هيئات الحزب واستمرأت العمل السياسبي ولم يعد لها حضور قل أوكثر في اليليالي التربوية والمواسم الدعوية والمخيمات الشبابية، التي أصبحت بئة طاردة قي ظل تحول البوصلة، وحتى الطاقات الشبابية التي يفترض أن نكون الوقود المحرك للعمل الدعوي اجتذبتها فرص التوظيف في الخليج العربي فهاجرت طاقات شبابية مهمة تمتلك حظا من الخطابة ورصيدا من الجدية، تبدو الساحة في أمس الحاجة إليه
أما الناجون من "موسم الهجرة إلى الشمال" فهم مابين منشغل بالسجال السياسي العام والتفرد لمناكفة خصوم الجزب سياسيا و لانخراط في الجدل الدائر على صفحات التواصل الاجنماعي حول بعض القضايا العابرة التي تشعل الرأي العام بضع أيام ثم تختفى أو متفرغ للتحصيل في ظل حالة الرخاء المالي للإسلامين هذه الأيام
أخير ألفت انتباه المهتميين بالحالة الإسلامية أن عليهم رد الاعتبار إلى الساحة الدعوية الآخذة في التئاكل وتجديد مضمون الخطاب الدعوي الذي لايزال يدور حول قضايا دعوية عامة فضل "التوبة" "بركة الطاعة وشؤم المعصية"
التخفف من المواضيع الوعظية وتحويل النقاش إلى قضايا تمس واقع الأمة يحتاج هو الآخر إلى إعادة النظر. خلاصة القول أن على الإسلاميين أن يعودوا إلى المنابر فهي وحدها القادرة على تعويض الخسارة السياسة وأن يستفيدوا من ضعف الخصوم ومحدودية المنافس . وأن يدركوا أن "عطاء الدعوة أفقي متجدد، وعطاء السياسي آني وعمودي."