لهذه الأسباب يجب أن تراجع الدولة معايير دعم الصحافة الخاصة / سعدبوه ولد الشيخ محمد

شكل قرار الدولة تخصيص مئات الملايين من الأوقية لدعم الصحافة الخاصة في موريتانيا تلبية لمطلب ملح لممتهني مهنة المتاعب، والعاملين في حقل الإعلام عموما، وخلال السنوات الماضية تخلت الدولة تماما عن مسؤولية توزيع ذلك الدعم، وتركت المهمة للجنة من الصحفيين أنفسهم، يضعون معايير 

الاستفادة، والإقصاء، والزيادة، والنقصان، فأهل مكة أدرى بشعابها، ولكن مع الطفرة الكبيرة في مجال وسائل الإعلام، وتزايد أهمية الدور الذي تلعبه إيجابا، وسلبا، بدت الحاجة ملحة لمراجعة معايير استفادة الصحافة الخاصة من المال العام، ولعل من أهم ما ينبغي وضعه كشروط أساسية لاستفادة الصحافة الخاصة من مال الشعب ما يلي:
أولا: ألا تكون تلك القناة، أو الإذاعة، أو الموقع، أو الجريدة قد نــُشر عبرها ما يمكن أن يشكل إساءة لموريتانيا كدولة، وشعب، أو يهدد وحدتها، وتماسك شعبها، وبعبارة أدق، ألا تكون وسيلة الإعلام تلك قد أضرت بالمصالح العليا للوطن، فمن غير المنطقي أن تكافئ الدولة من مال الشعب من يعمل ضد مصالحها العليا، وهنا ينبغي التمييز بين "مصالح الوطن" ومصالح النظام الحاكم، فالأخيرة لا يعتبر الإضرار بها جريمة، بل قد يكون حقا مشروعا، أما الأولى فهي مقدسة، ويجب على الجميع احترامها..
ثانيا: ألا تكون وسيلة الإعلام تلك قد تم استدعاؤها من قبل القضاء في قضايا قذف، وسب، وتشهير، ومعلوم أن هذه المصطلحات واضحة المعنى، قطعية الدلالة القانونية، والشرعية، ولا يعقل أن تدعم الدولة من يمتهن مثل هذه الأمور حتى لو تـدثـر بصفة الصحفي، أو تمترس خلف شعار حرية التعبير، والنشر.
ثالثا: ألا تكون وسيلة الإعلام المستفيدة من المال العام قد مارست "الابتزاز" من أجل الحصول على المال، سواء كان الابتزاز ضد مؤسسة، أو موظف، أو مواطن بسيط، ف"الابتزاز" نوع من التلصص، وليس جنسا من أجناس الصحافة، ولا هو وسيلة تكسب مشروعة، ومعلوم أن القاعدة الفقهية تقول:" إن المأخوذ حياء، كالمأخوذ غصبا" والأكيد أن الابتزاز يدور بين الحياء، والغصب، وهو إلى الأخير أقرب.
فإذا كانت الدولة تدفع من المال العام لمن يمارسون "الابتزاز" فهي بذلك تشجع هذه الممارسات السلبية، التي بدأ خطرها يستفحل، ودور الدولة ينبغي أن يكون محاربتها، لا تشجيعها، ومكافأة ممارسيها من مال الشعب.
أعتقد أن هذه المعايير، والشروط ينبغي وضعها في الحسبان، قبل اعتماد معايير "أليكسا" أو المقروئية، فليس كل ما يقرأ أكثر يصلح أكثر، فمواقع الرذيلة، والجنس هي أعلى المواقع نسبة مشاهدة، ومع ذلك الكل يحاربها، فمعيار الاستفادة من المال العام في النهاية يجب أن يكون مدى انسجام وسائل الإعلام مع رسالتها السامية، ولعب دورها النبيل، في التثقيف، والتنوير، والنقد البناء، ونشر الخبر، والتحليل، وممارسة دورها كسلطة رابعة لا غنى عنها في أي بلد ينشد التنمية، والديمقراطية، فكل ما اقتربت وسيلة الإعلام مع هذه المبادئ كلما كانت استفادتها من الدعم آكد، وآكد، والعكس صحيح.
 

12. سبتمبر 2016 - 6:32

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا