حقوق الإنسان في موريتانيا / شيخنا محمدي الفقيه

كرَم الله عز وجل الإنسان ونص على مكانة الإنسان الرفيعة في القرآن الكريم، وكفل الإسلام للإنسان حقوقه منذ أربعة عشر قرنا. لقد تعددت وتنوعت لائحة الحقوق لتشمل قائمة كبيرة من الحقوق على رأسها الحقوق التالية: وهي الحق في الحياة والحق في الكرامة والحرية والتعليم والتدين والمعرفة 

و والعمل والملكية والتصرف إلخ. وتطورت نظرية حقوق الإنسان في عالمنا المعاصر خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية وظهرت فئات جديدة من الحقوق منذ عقد الستينات وخلال عقد التسعينات من القرن الماضي.
لقد واكبت الجمهورية الإسلامية الموريتانية هذه التطورات المتسارعة وحافظت على وتيرة مقبولة للالتزام بهذه الحقوق، فقد تبنت بلادنا منذ استقلالها ومن خلال دساتير (1961 ومواثيق اللجان العسكرية ودستور 1991 وتعديلاته في عامي 2006 و 2012) تكريس مبادئ الحرية والمساواة وعدم التمييز على أساس العرق أو اللون ونبذ الكراهية واحترام الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية والمدنية الاجتماعية ورسخت العمل بذلك من خلال المؤسسات والآليات المعاصرة التي تكفل نيل هذه الحقوق وتقي الإنسان من الاعتداء على سلامته أو حريته.
إن من أهم القوانين الدولية التي صادقت عليها بلادنا والتي تتطرق لهذه الحقوق نذكر هنا ما جاء به الدستور الموريتاني من رجوع إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومن المصادقة على الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري (1965)، والاتفاقية الدولية الخاصة بوضع اللاجئين (1951) العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966) و إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة سنة 1967 و اتفاقية  حقوق الطفل سنة 1991.
لقد جاء في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 أن هذه الحقوق تعني الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، مما يشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم. في هذا الإطار فإن لهذه الحقوق في وقتنا الراهن خصائص على رأسها أنها ملزمة للدول وهي غير قابلة للتجزئة ولا للانتزاع وأنها تشمل الأفراد والجماعات وأنها مكفولة دوليا ومحمية قانونا كما أنها عالمية.
وفي سياق العناية بحقوق الانسان قامت السلطات العليا في موريتانيا باتخاذ اجراءات هامة تجسدت بالإضافة إلى اتخاذ القرار بعودة آلاف اللاجئين الموريتانيين من السنغال في إيواء عشرات الآلاف من اللاجئين من مالي و إنشاء مفوضية خاصة بحقوق الإنسان والعمل الإنساني وفي تصفية ملف الإرث الإنساني وفي وضع ترسانة قانونية وآليات مؤسسية تحمي هذه الحقوق وترسخ مكانتها.  وفي هذا المجال تنزل إجراء التعديل الدستوري للعام 2012 حيث خصصت مادته 13 الجديدة لإشكالية مخلفات الاسترقاق، وقد جاء في فقرتها الأولى: "" لا يجوز اخضاع أي أحد للإسترقاق أو لأي نوع من انواع تسخير الكائن البشري او تعرضه للتعذيب أو للمعاملات الاخرى القاسية او اللاإنسانية أو المهينة وتشكل هذه الممارسات جرائم ضد الانسانية ويعاقبها القانون بهذه الصفة''.
وفي المادة 97 من نفس التعديلات رفع الدستور من مكانة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان واعتبر أنها هي الهيئة الاستشارية المستقلة لترقية وحماية حقوق الإنسان.كما أنشئت وكالة التضامن في سنة 2013 وتم اعتماد خارطة الطريق لمحاربة مخلفات الاسترقاق في مارس 2014، كما تم إنشاء محاكم لمكافحة مخلفات الاسترقاق (ديسمبر 2015) وصادقت بلادنا على الاتفاقية الدولية للوقاية من التعذيب (2012) وقامت بإنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب (القانون 034-2015 بتاريخ 10 سبتمبر 2015).
نستخلص من ذاك أن حقوق الإنسان في موريتانيا عرفت اهتماما كبيرا خلال السنوات الماضية تجلى ذلك فيما ذكرناه آنفا. و لاشك أن صيانة وتعزيز تلك المكاسب يحتاج إلى مساهمة الجميع من أفراد وجماعات وحكومة ومجتمع مدني سبيلا إلى إعلاء مكانة الإنسان الموريتاني ورقيه. ومساهمة في تحرير طاقاته وتمكينه وتحقيق مساهمته في عملية البناء الوطني وخدمة البلد والشعب.

15. سبتمبر 2016 - 17:47

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا