لقد ظلت هذه الأرض على مدى العصور سكنا آمنا لكل ذي قلب سليم و فطرة صحيحة و اعتقاد قويم و ملاذا دائما لكل هارب مما يخدش حرمة العقيدة و سلامة المرتكز الديني ، فمالكيتنا كانت و ستظل كفيلة بالحفاظ على ترتيب البيت الداخلي و إجلاء الشُبَهِ و الأباطيل و ترويض (المناكفات الفقهية) التي بها
يتذرع البعض كي يخرج عن حدود المنطق و المعقول ... و ما الفكر الداعشي -المتسنن جورا- في هذه السياق بأقل خطرا و لا أندى عودا و لا أسلم مسلكا من التطرف الشيعي المقيت !
لسنا معنيين في هذه البلاد بصراع المجندين و لا بحروب الوكالة بين الضفتين المتصارعتين الآن و في نقاط مختلفة من العالم الإسلامي صراع بقاء أفنى الأمة و شرذمها و جعلها أشلاء ممزقة !
لا شيء في هذه البلاد يمت بصلة للفكر الداعشي الذي يستقوي بالمال و المرجعية السعودية و لا بصلة للتطرف الشيعي الذي يستمد قوته من الزهو و التبجح و التمدد الإيراني !
إن الذين يخوضون هذا الصراع اليوم أو أريد لهم أن يكونوا جزء منه لا يمثلون سوى أنفسهم و أطماعهم و مصالحهم الضيقة و التي غالبا ما تكون سحابة صيف لا ظل لها و لا ظليل و لا سقيا رحمة !
صراع بليد ، و لا أقول عقيما لأنه ليس كذلك ، بل يَلِدُ في الغالب كرها و ضغينة و شحناء قد تتحول إلى تكفير ثم استباحة دم فاقتتال أهوج لا دين له و لا عقل !
و للتصحيح فإن الإمام ولد لمرابط ليس مفتيا للجمهورية و لا توجد في موريتانيا هذه الصفة مطلقا ، و إذا كان من شيء يقرب لهذا اللقب فينبغي أن يكون مؤسسة الفتوى و المظالم التي يرأسها الفقيه محمد المختار ولد امبالله ، مع أنه لا يُلقب بمفتي الجمهورية ، هذا اللقب الذي يروج به البعض خطابه و يسوِّق به موقفه و يعزز به حظوظه في صراعه مع طواحين الهواء المتشيعة بزعانة المتسكع بكار بكار و التي لا تقل تلبيسا هي الأخرى عن أختها ، فالصفوف الأمامية من زمرة المتشيعين نفاقا و متاجرة لا تخلو ، بل و مدججة بمخادعين و متلاعبين و خونة همهم الوحيد هو الظفر بما تجود به إيران البخيلة أصلا ، تعرفهم في لحن القول يتسكعون على أبواب التشيع الكاذب لاهثين خلف السراب !
علينا أن نعود أدراجنا قليلا ، و أن نستجمع قوانا العقدية و نجمع شتات أطماعنا البائسة كي لا تكون فتنة و حسرة !
الصراع السياسي قد تكون له وجاهته و أسبابه و مبرراته ، لكن أن يجب أن يظل صراعا سياسيا له حدوده و معالمه و ساحاته الوسخة و مكباته العفنة بعيدا عن استعمال المقدسات كآلات نفخ و ذبح و سلخ !
لا مصلحة للبلاد في اصطفاف عقلائها و لا حتى سفهائها مع أي طرف من الجماعات المتطرفة على الضفتين ، فكلا الفريقين سواء الداعشي و المتشيع ، يمثلان ظلمة حالكة و زيغا تعاني الأمة ويلاته في كل مكان ؛ تشويها و تكفيرا .
من يريد أن يخوض حربا بالوكالة عن السعودية أو إيران فعليه أن يكون شجاعا و يتأبط شره و يرحل إلى سورية أو اليمن فيثبت صدقه مع نفسه و أوليائه هناك و إلا فليخرس !