تمر الشعوب من حين لآخر بلحظات فارغة من تاريخها الذي تتعاطاه دائما مرحلتا الانكسار والانتصار , الذي يفرض عليك الوقوف للتقييم والإشادة ومقارنة الحاضر بالماضي للوصول إلى مستقبل تنعم فيه كل الأجيال بالسعادة والرفاهية , التي طالما بحثت عنها الشعوب في كل الأزمنة.
وقد كانت موريتانيا من أمم شهت في السنوات الماضية نهضة شاملة أسفرت عن تغيرات جذرية
وتطورات هائلة على جميع الأصعدة , وفي أقل من عقد من الزمن استرجعت فيها البلاد هيبتها ومكانتها المميزة في المنطقة والعالم , تلك المكانة التي أشرفت على شفى الخطر في السنوات الماضية ,بترنحها في مآزق متشعبة ألهمت كل الغيورين عليها استجماع القوى وأخذ زمام المبادرة , فكانت هبة القائد محمد ولد عبد العزيز , التي انتشلت الأمة من حافة الفوهة , وعبرت بها إلى بر الأمان في فترة قياسية ملؤها الصراعات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والإرهابية بمختلف أنماطها , وفي لحظة تتعرض فيها المنطقة لهجمة شرسة من أعداء السلام والأمن والازدهار, فساد جو الحرية والأمن والاستقرار والأمل , أمل التغيير , و التطور , و البناء.
ولم يمنع ذلك جهات سياسية تراهن دائما على فشل الدولة , وتنزعج من أي انتصار لمؤسساتها من محاولة نسف الحقائق واللعب بالأرقام والمعطيات, ففي الوقت الذي تلملم فيه جميع القوى السياسية خلافاتها للدخول في حوار يؤسس لمستقبل البلد يصدر بيان -من حزب سياسي طالما اعتبر "الممانعة" خصوصية له ينبغي ألا يضايقه أحد فيها –يحرض على كل الإنجازات التي لا يمكن حجبها ويتنكر لثورة وطنية في جميع نواحي الحياة, فهو ينكر قيمة مطار أم التونسي ! وينكر قيمة برنامج أمل ! ويعتبر قوانين تجريم الرق عبثا لا يستحق الذكر ! وينكر قيمة فتح فرصة لغير الجيل القديم من رجال الأعمال! ويفضل التوقف عن مكافحة الفساد ! وتزعجه وضعية الجيش الوطني الجديدة والمشرفة بحق! ويغيظه حضور موريتانيا في المحافل الدولية ! ويخلط أوراقه بناء شبكة كبيرة من الطرق في وقت قياسي ! أما الاستراتيجيات الوطنية في مجال القطاع الخاص, والقطاع المالي, والصناعي, والبحري, والريفي,واستراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك 2016-2030 فلا يريد أحدا أن يعلم بها , بل وأكثر من ذلك يبيح لنفسه التطاول على رمز الأمة وقائدها ويزعجه ذكر حقيقة ارتباطه المالي والسياسي بجهات أجنبية معروفة , إنه الارتباك الصارخ فعلا !!.
فرغم التحديات الماثلة والأخطار المحدقة والأزمات الاقتصادية الخانقة تجاوزنا كل الصعاب بفعل المقاربات الواعية والجسورة, مقاربات حصنت الثغور والحدود الموريتانية بجيش من الأشاوس المدججين بالإيمان والعزم وأحدث الأسلحة والخبرات القتالية , وبجاهزية أذهلت كل المتتبعين , وفتت في عضد المتربصين , حتى أصبحت المقاربة الموريتانية في مجال الأمن مضرب المثل في شبه المنطقة والعالم , وصارت ملاذا للباحثين عن الأمان في عالم يسوده القلق والخوف , ولم تكن المقاربات الاقتصادية والاجتماعية بأقل حظا , فقد شهدت على نجاعتها المؤسسات الدولية التي لا تمتهن التنكر للحقائق وليست من الموالاة !! , عند ما أقرت بتسجيل بلادنا تحسنا معتبرا في مجال مؤشر التنمية البشرية (IDH) , وأظهرت كل المسوح تراجع مستويات الفقر بنسب مهمة , وفق رؤية استشرافية طموحة شكلت رافعة لكل الاستراتيجيات التي جعلت الأمل يدب في النفوس من جديد ويسترجع المواطن كرامته واعتزازه بوطنه , وليست مكافحة الفساد وأهله ومحاربة التلاعب بمقدرات الشعب والوقوف أمام استنزاف موارده وخيراته الطبيعية إلا تجسيدا لتلك الرؤية الواضحة والجادة ,والتي ترجمت بوضع برنامج اجتماعي طموح احتضن الجميع وخاصة الفقراء والطبقات الهشة في المجتمع الموريتاني , وذلك بمراعاة خصوصيتهم التي لا تحتمل التأجيل , فسنت قوانين تجريم الرق وأنواع الظلم والإطهاد , ووضعت برامج وخطط لدعم ذلك المجهود من : دكاكين الأمل ,إلى توزيع الأسماك ,إلى وكالة التضامن, إلى عودة المبعدين وحل مشاكلهم ..., مع استحداث خطط ناجعة متوسطة وبعيدة المدى لمعالجة مخلفات التهميش , بتعزيز الترسانة القانونية واستقلالية القضاء ,وتحرير الفضاء السمعي البصري (الأحسن عربيا) , والعمل على مرتنة الوظائف ..., ولم تقتصر معالم التأسيس الجادة على ذلك , فقد أصبحت موريتانيا ورشة نشطة لبناء الطرق والمطارات والمستشفيات والمعاهد المهنية والمدارس والمركبات الجامعية الحديثة, و بناء منشآت الطاقة , والمياه ومصانع الألبان وتطوير البنية الزراعية (اكتفاء ذاتي في مجال الأرز) , وإنشاء مناطق التبادل الحرة التي جعلت من بلادنا قطبا تنمويا فريدا وجاذبا للمستثمرين....
أما على المستوى الدبلوماسي فإن موريتانيا أصبحت محورا فاعلا , حيث ترأست في فترة وجيزة الإتحاد الإفريقي والقمة العربية والكثير من المنظمات الدولية والقارية وساهمت في حل النزاعات السياسية والعسكرية في المنطقة .
إنجازات شاهدة لا تحتمل المزايدة , وعمل حضاري ستظل الأجيال تذكره , وتذكر أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز عمل بجدية وفعالية وتبصر على تطوير حياة المواطن بصفة عامة والمواطن البسيط بصورة خاصة , في زمن يعيش العالم والمنطقة من حولنا على وقع أزمات وهزات إقتصادية عاصفة قل من نجا منها.
وهنا نستغرب تقصيرنا في الإشادة بكل تلك الجهود والمكتسبات النادرة والثمينة بأن نصونها ونحتضنها وندافع عنها خدمة لوطننا ورئيسنا !!.
أما المشككون فالأولى بهم أن يذكروا ويتذكروا ما كانت عليه البلاد وكيف صارت , بدل اعتماد الخيال لسرد الأحاديث التي لا تعني من الحقيقة إلا إفلاس مشروعهم السياسي واتكاءهم على الرهانات المغلوطة والخاسرة !!! .