رغم قول بعض من غابوا عن هذا الحدث المهم إنه "لا تمكن تسميته حوارا" واعتبار بعضهم له أنه "مهزلة" و"مسرحية".. ومحاولة بعض من حضروه تخريبه من الداخل وتحويله إلى مسرحية. ورغم ضعف تنظيمه وتأطيره؛ فإن حوارا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا كبيرا يجري الآن في قصر المؤتمرات بين أزيد
من خمسمائة فاعل سياسي واجتماعي من مختلف أطياف ومكونات ومشارب وأجيال الأمة الموريتانية. وسيفضي لا محالة - إذا ما حكم العقل والمنطق- إلى نتائج باهرة تصب في صالح موريتانيا وترقى بها إلى المعالي.
لقد تزاحمت العقول خلال أزيد من 10 أيام، وما يزال الجدل متواصلا.. فعبر الجميع عن آرائهم، واستمع بعضهم إلى بعض، وتعارفوا، وأدركوا أن ما يوحدهم أكثر بكثير مما يفرقهم. وهذا لعمري مكسب عظيم: الاتحاد من أجل الجمهورية وحلفاؤه من الموالاة، المعارضة المحاورة بجميع أطيافها وأشياعها وفي مقدمتها حزبا التحالف الشعبي والوئام، الشخصيات الوطنية المستقلة، النقابات ومنظمات المجتمع المدني.. إلخ.
وفيما يخص الأفكار والمقترحات على كثرتها وتنوعها، كان التوجه العام أن ما يجري هو حوار وطني وليس مؤتمرا تأسيسيا، وبالتالي يجب: الحفاظ على الثوابت الوطنية كاسم الدولة ونظامها الرئاسي وحيد القطب وعلمها وشعارها ونشيدها ولغاتها الرسمية والوطنية وعدد ومدة المأموريات الرئاسية فيها. وتباينت الآراء حول رفع سقف سن الترشح بين قابل ورافض ومقايض، وأخضعها آخرون لمبدأ الملاءمة فقالوا بضرورة رفع السقف مجاملة ومجاراة وتنازلا لبعض أحزاب المعارضة التي تجعل منها مطلبا. وتم التركيز على صيانة الوحدة الوطنية ومحاربة الفساد، وإصلاح القضاء والإدارة، وتطوير وتطهير الاقتصاد والتعليم والصحة.. الخ.
ولم يتمسك أحد ببقاء مجلس الشيوخ، ووردت مقترحات بناءة حول دمج وتعديل أو إلغاء بعض المؤسسات والهيئات الأخرى كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الإسلامي الأعلى والمجلس الدستوري ووسيط الجمهورية.
ولولا غياب بعض أحزاب المعارضة، وضعف التنظيم، وصولة بعض المهرجين، ودعوة بعضهم إلى مأمورية ثالثة لم يرد لها ذكر في جدول الأعمال، لكان ما يجري الآن في قصر المؤتمرات حوارا نموذجيا، ومدرسة سياسية واجتماعية ستؤتي أكلها ضعفين ولا غنى عن عقدها كل خمس سنوات.