الهزال السياسي , وتردي مستويات الممتهنين للشأن العام والمقتاتين على الشعارات منذ اللحظة الأولى من عمر الدولة الموريتانية , أمور حددت كثيرا من معالم الطيف الذي تمور به الساحة هذه الأيام بطريقة أربكت المشهد الوطني بكل فعالياته .
ولكن الزبد ذهب جفاء ومكث في الأرض ما انتفع به الناس !, فاستشاط سماسرة السياسة غضبا ودارت عليهم دوائر الخيبة
وتشظت أفئدتهم كمدا , حين استوي قطار الأمة على سكة المستقبل والبناء , وسدت الأبواب أمام الأفاعيل , والمآمرات الصادرة من أناس خلفهم المستعمر متشبثين برقاب الناس , فثبتوا أركانهم ,ووخزوا أوتاد بناياتهم في قلب الوطن واستحلوا خيراته واستلذوا غلاله وجاسوا خلال دياره الطاهرة بقاذورات الوساطة والزبونية وحفر الآبار وإقامة المنتزهات ل"الرموز" , والإستقواء بالمناصب للمحافظة على التمكن من الرقاب , وصرف المال والنفوذ لدراسة الأبناء في الخارج وتقسيم العقارات على الأقربين , فأشاعوا معجما يحتضن ملَّتهم : "بلتيك" و "الدولة العميقة" و "صفوة المجتمع" و..., من الذين وصلوا عنان الشهرة بالسرقة والتفنن في صرف مال الشعب على المادحين والمخنثين , لسمعتهم وسمعة عيالهم وأهلهم وقبائلهم ! .
سنوات وسنوات يا أهل المنتدى تتنادون بالألقاب ,الوزير ,المدير ,القيادي , المناضل والمعتصم والمعتضد ...
أسماء مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد
نعم جعلتم من الشعب خرافا مهضومة , يا أسد النفوذ والمال , ويا "شبيحة" العشائرية والجهوية والعرقية والجاهلية !!
لن تؤمنوا بالحوار لأنكم لا تعرفونه , فلو كان المجال بيع الضمائر والغدر بالشريك قبل الخصم لظفرتم , ولكن الله سلم!.
فالرئيس منتخب , ولا شيء يجبره على دعوة أمثالكم للحوار, إلا إيثاره لوطنه ومستقبل أمته , واحتضانه لجميع أبناء الوطن مهما كان مروقهم !!, نعرف أن انشغال الرئيس بوطنه يضحككم لأنكم ببساطة لا تعرفون الانضباط ولا الالتزام , ولا تعرفون معنى الفروسية !!, فالالتزام عندكم ضعف والفروسية تهور , والمحاباة والمغالطة وصناعة الشائعات تسيس , إنها مدرستكم !! .
فلماذا لا تذكرون في فريتكم الأخيرة "الأيادي" التي عبثت بماضي الأمة ؟!,أم أن الماضي لا دور له في معاناتنا ؟!!,هل كنتم وأنتم في السلط المتتالية تحضرون بشرف لمستقبل البلاد ؟! كيف ذلك ؟!!, كنتم " بطارين" الأمة , و "الكفطه"!!.
ما الفرق بين "الانقلاب على الدستور" والتعديلات الدستورية ؟! أم أنكم تريدون دستورا جامدا جمود قادتكم على قيادة "أحزابهم" , جمود تصوراتكم , وركونكم إلى اللاتطور , وهروبكم إلى الوراء , الحاضن الطبيعي لتفكيركم !, فالشعب لن يهرب معكم إلى الوراء لأنه ملكم ومل أراجيفكم , فالآن الأمام له إمام والوراء يعني له التقهقر والرجعية والهراء.
ألم يكن نظام محمد ولد عبد العزيز مسئولا حين انتشل البلاد من هاوية الهوان والضياع , أيام تباشرتم بأن الهدف قد تحقق , وصارت السلطة بيد من لا يعصي لكم أمرا , فتداعيتم رغم أن أغلبكم لم ينتخبه , فتحكمت دوافع القرابة والجهة والماضي المشترك والتاريخ والجغرافيا والتربية المدنية !!.
هددونا بحرق البلاد ,فأنتم تعرفون الحرق , كان الأكثر إزعاجا لنا لو هددتم بالانهماك في البناء والتعمير والتوعية ومساعدة الناس ََ!! ,حينها سنعرف أنكم تغيرتم وننشغل بالبحث في أسباب تغيركم !! , نحن نعرف أنكم إذا متم من الظمأ ورفض الشعب لكم فلا نزل قطر التنمية والرخاء على موريتانيا , التي طالما اعتبرتموها "خبرة عر" !! , ولكنها بالنسبة لنا شيء عظيم نفديه بأرواحنا وخشونتنا التي خلقنا الله لها , فاحتفظوا بنعومتكم التي جعلتموها شعارا ورمزا للدعة والفضل !!.
من يختطف البلاد يا أهل المنتدى يكون مثل أسوتكم المستعمر لا يعمرها بالطرق والجامعات والمدارس والمستشفيات والمطارات ..., ولا يبني لها جيشا قويا يرد المعتدي عن تورين والقلاوية ولمغيطي !!!.
من يختطف البلاد لا يحتضن الفقراء بل يتأفف منهم , ويشجع سياسة السكن بعيدا عنهم والتميز عنهم في البنايات والسيارات والتعليم والصحة و...!!!.
من يخطف البلاد لا يحرص على حصولها على اكتفائها الذاتي في مجال الحبوب والألبان والخضروات واللحوم والفواكه !!.
من يختطف البلاد لا يعاديه مختلسوها ومصاصو دماء ضعفائها وخيراتها !! , من يختطف البلاد لا يكرهه سماسرة السياسة وأكلة المال العام , بل يحتضنوه , ولعلكم تعرفون ذلك أكثر !!.
ماذا فعلتم لإسعاد المواطن حين كنتم في مفاصل الأنظمة السابقة ؟!, يا للنسيان !! اسألوا آدوابه والأرياف البائسة والبعيدة هل كان يصلهم "الأمل" واسألوا الكزرات والكبات إن وجدتم الآن لهم أُثرا ؟!.
نعم دكاكين أمل تحل مشاكل الفقراء إن كنتم لا تشعرون !!, من كرس تهميش المواطن إذا ؟! ماذا فعلتم مع العبودية والفآت المهمشة أيام كنتم "سادة البلاد" ؟َ! أين القوانين ؟! أين محاكمة الاستعباديين ؟َ! أين سجون المفسدين ؟َ! قد لا تتذكرون لسبب غفوتكم الحضارية ولكن الشعب لن ينسى !! , شيء واحد لن تنسوه أنكم لجمتم عن مال الأمة الذي صنع ماضيكم الحافل بالخواء و"اتشعشيع" !
من فتح أبواب الأمل على مصراعيه في مثلث الأمل وأخواته ؟! ودكاكين الأمل وأخواتها ؟َ! وقمة الأمل وأخواتها ؟!, هل كنتم تشتغلون على أمل أكثر من ذلك ؟!.
ويا لفساد الأخلاق يوم كانت شواطئ نواكشوط موطنا للدعارة والتفنن في أنواع العهر قبل أن تقيم فيها دوريات الشرطة الأخلاقية !!, أم أنكم نسيتم احتضانكم للصهاينة واحتفالكم بأعياد رأس السنة ؟! أين كل ذلك الآن ؟!! وماذا عن لقاءات عشاق النافذين وأعوانهم من المخنثين والقوادة في لاسبالماس وباريس ودبي و...؟!!!!.
هل شرطة البلاد تعذب المواطنين الآن مثلما كنتم تفعلون أيام الزنزانات وجكوار وصعق الكهرباء ؟! وهل كان أفراد الشرطة يعاقبون ويفصلون لظلمهم للمواطن قبل هذا النظام ؟!! ألم تعد شرطة مهنية وجيدة السمعة ؟!هل وجدت في الماضي معارضة أكثر بذاءة منكم واعتماد على الشائعات؟! فما الذي يمنع الرئيس من التنكيل بكم سوى إيمانه بالحرية مهما استُغلت ؟!.
كان الأولى بكم أن تذهبوا خارج نواكشوط وتبتعدوا عن جنبات القصر الرئاسي وتختلطوا بالمواطن في القرى والأرياف , وتخبروه أن السلطة دُولة بين الناس تذهب من شخص إلى آخر بطريقة سلسة وبانتخابات شفافة شهدتم قبل غيركم بنزاهتها , قبل أن يستيقظ فيكم ضمير المرارة والإحساس ب"الزمكة" .
لا تراهنوا إذا على شعب قرر الانطلاق إلى المستقبل ورفض الاستدراج إلى مهاوي الكذب وصناعة الإفك التي درجتم على التفنن فيها.