في ذكرى وفاة الرئيس المختار ولد داداه...(بورتريه) / عبد الرزاق سيدي محمد

يعتبر ولد ولد داداه أحد أبرز الوجوه السياسية الحديثة، وقد ناضل من أجل استقلال موريتانيا،حتي تحقق هذا الاستقلال و أصبح رئيسا للبلاد ،وهو مولود في 1924 في بوتلميت ودرس الابتدائية في موريتانيا وبعد ذلك سافر إلى فرنسا ودرس في معاهد ثانوية خاصة فحصل منها على شهادة الثانوية العامة 

عام 1948، ثم تابع دراسته في الحقوق في إحدى الكليات الباريسية حتى حصل على شهادة المحاماة، فكان أول موريتاني يعود إلى بلاده حاملا شهادة جامعية وانتسب إلى الاتحاد التقدمي الموريتاني الذي تأسس عام 1948، ويعد هذا الحزب ذو الاتجاه المعتدل أكثر الأحزاب الموريتانية قربا من الإدارة الفرنسية.

و عين ولد داداه رئيسا لمجلسه التنفيذي عام 1958 ،وقد عرفت الساحة السياسية الموريتانية في نهاية الخمسينيات تنافسا حادا بين دعاة الانضمام إلى المغرب (حزب الوئام بزعامة أحمدو ولد حرمة ولد بابانا أول نائب موريتاني في البرلمان الفرنسي)، وبين دعاة الانضمام لكونفدرالية غرب أفريقيا (العناصر الزنجية الموريتانية) فوقف ولد داداه في وجه الاتجاهين رافعا شعار «موريتانيا همزة وصل بين العالمين العربي والأفريقي».

في 1959أسس المختار حزبا جديدا عرف باسم حزب التجمع الموريتاني الذي خاض انتخابات محلية أدت نتائجها إلى تعيينه رئيسا للوزراء في حكومة تحت الاستعمار الفرنسي فأسس أول دولة موريتانية حديثة وشيد مدينة نواكشوط في1957 وفي 28 نوفمبر1960 عين رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية التي نالت في هذا التاريخ استقلالها عن فرنسا وقد طالبت المملكة المغربية بموريتانيا منذ نهاية الخمسينيات بضمها إليع=ها.

وقد وقف ولد داداه في وجه تلك المطالبات ولم يعترف المغرب بموريتانيا دولة مستقلة إلا في عام 1969، وفي 14 سبتمبر 1970 عقدت قمة نواذيبو التي استمرت ساعات قليلة و استضافها المختار ولد داداه وحضرها الملك المغربي الحسن الثاني والرئيس الجزائري هواري بومدين فأكدوا على ضرورة إنهاء وتصفية الاستعمار الإسباني من الصحراء وبعد خمس سنوات من لقاء نواذيبو تقاسمت موريتانيا الإقليم الصحراوي مع المغرب بموجب الاتفاق الثلاثي الإسباني المغربي الموريتاني الموقع عليه بتاريخ 14 نوفمبر 1975، وينص على خروج إسبانيا من الصحراء وتقسيمها بين الدولتين (الساقية الحمراء للمغرب ووادي الذهب لموريتانيا).

تحالفت موريتانيا مع المغرب عسكريا ودبلوماسيا في مواجهة البوليساريو وحليفتها الجزائر، فركزت جبهة البوليساريو هجماتها العسكرية على موريتانيا بوصفها الحلقة الأضعف في الصراع، واستطاعت قواتها أن تتابع الضربات تلو الأخري حتى هاجمت نواكشوط عاصمة البلاد في يوليو 1977 وقد أعطت استراتيجية البوليساريو العسكرية نتيجتها حيث دخل نظام المختار ولد داداه في أزمة اقتصادية وأمنية خانقة دفعت بالجيش الموريتاني إلى الإطاحة بحكمه  في 10 يوليو 1978، وتم اعتقاله 14 شهرا في  مدينة ولاته شرقي البلاد.

وفي 3 أكتوبر1979أخرج ولد داداه من السجن لتدهور صحته لينقل إلى فرنسا للعلاج بعدها اختار الإقامة في تونس أولا ليقيم بعدذلك في مدينة نيس على ساحل البحر المتوسط بفرنسا إلى أن عاد من منفاه الفرنسي إلى موريتانيا في 17 يوليو 2001 مقررا الإقامة في بلده وقد بلغ به الضعف والكبر مبلغهما،  ولد داداه اتصف بالبساطة والابتعاد عن المظاهر السلطوية عاش وهو رئيس في منزل بسيط لا يتعدي ثلاثةغرف كما اشتهر بدبلوماسيته الهادئة والفعالة خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء .

وكان  ولد داداه قد ترأس منظمة الوحدة الأفريقيةعام 1971 ومما يذكر أنه لم يتأثر عندما أعلمه الحسن الثاني بالتخطيط للانقلاب عليه قبل ستة أشهر من وقوع الانقلاب،ولا بإشعار الرئيس الزائيري موبوتو له في فبراير  1978فترك الأمور تسير على طبيعتها، حكم  ولد داداه موريتانيا في الفترة مابين 1957 إلي 10 يوليو 1978 ليخلفه في ذلك التاريخ الرئيس الراحل المصصفي ولد محمد السالك.

في 15 أكتوبر 2003 توفي الرئيس الموريتاني الأسبق المختار ولد داداه في باريس بعد أن قضى عدة أسابيع في غرفة الإنعاش بمستشفى "فال دو غراس" العسكري الفرنسي.

15. أكتوبر 2016 - 19:05

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا