أود أن أصدر هذا المقال بآيتين كريمتين من كلام رب العالمين ثم بحديث شريف من جوامع الكلم لسيد الأولين والآخرين، تبركا أولا ثم تبصرة و ذكرى لي ولكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.أما الآيتان فقوله تعالى: "و اتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت و هم لا يظلمون" (البقرة)، و قوله جل من قائل:"و نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا و إن كان
مثقال حبة من خردل أتينا بها و كفى بنا حاسبين" (الأنبياء).
أما الحديث الشريف فقوله صلى الله عليه و سلم: (إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوى ,فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله , فهجرته إلى الله ورسوله , ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها , فهجرته إلى ما هاجر إليه) (1).
بالنظر إلى الماضي القريب.. ما هي يا ترى نوايا ومقاصد زعماء منسقية المعارضة عندما يرفضون الجلوس إلى طاولة الحوار، حوار غير مشروط ودون خطوط حمراء، من أجل موريتانيا وشعبها، من أجل إثراء التجربة الديمقراطية في أول بلد ديمقراطي عربي.
وفي الحاضر.. ما هي يا ترى نوايا ومقاصد زعماء منسقية المعارضة ومن ينظر لهم حينما يرفضون دعوتنا الخالصة والصادقة إلى كلمة سواء بيننا وبينهم مناصفة ومناصحة ومكاشفة أن لا يتهم بعضنا بعضا ولا يقدح في صدق نواياه ووفائه وإخلاصه و تفانيه في عملية بناء هذا الوطن التي هي شأننا جميعا دون استثناء ولا إقصاء و لا تهميش.
ما هي يا ترى نوايا ومقاصد زعماء منسقية المعارضة و حجتهم عند ربهم يوم يرجعون فيه إلى الله فتبلى السرائر جليلها و حقيرها في موازين القسط حينما يوقظون الفتنة ويدعون إلى الفوضى مهددين بالويل و الثبور، داعين و مستنجدين الجيش الوطني في انقلاب على إرادة الشعب بالإطاحة بحكم منتخب، و كأن لسان حالهم يقول: "علي و على أعدائي" و ما نحن بأعدائهم أو "إذا مت ظمأنا فلا نزل القطر" (اللهم أنزل علينا القطر وأنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع وأنزل علينا من بركات السماء و لا تجعلنا من القانطين).
ما هي يا ترى نوايا ومقاصد و حجة دهاقنة وساسة منسقية المعارضة إلى الله تعالى حين يتناولون أعراض الناس بفاحش من القول فيقذفون و يهاجمون و يهجون الأشخاص و يزيفون الحقائق زورا و بهتانا.
أسأل الله لي ولإخوتي في المعارضة أن يصلح منا الظاهر و الباطن وأن يجعل ظاهرنا يدل على باطننا وأن يوفقنا في الأقوال والأفعال لإخلاص النية وسلامة المقاصد وأن يجعل حجتنا و أعذارنا مقبولة يوم يقوم الناس لرب العلمين.
أما نحن فلن تأخذنا لومة لائم فيهم، فكم مرة نصحنا منسقية المعارضة الموريتانية بعدم المغالاة، والذوبان الأجوف في حامض العنتريات، وطالبناها بالجلوس إلى طاولة الحوار الأخوي الوطني كي نبني سويا بلدنا و دولتنا في هذه الظرفية الحساسة على المستوى الإقليمي والدولي.. فمنهم من هدى الله فاستجاب لنداء الحق والقلب والوطن ولن يوترهم الله أعمالهم. أما البقية الباقية فآثروا خويصة نفسهم فلم يزدهم دعاؤنا إلا نفورا واستكبارا في الأرض لأنهم لا يريدون الحوار، ولا يريدون بناء موريتانيا وإنما يريدون السلطة و السلطة فقط، تلك السلطة التي خسروها أمام صندوق الاقتراع الشفاف وبحضور العالم وبإدارتهم كأول معارضة عربية في التاريخ تدير العملية الانتخابية في بلدها.
لم يفز الرئيس محمد ولد عبد العزيز في انتخابات نظمتها إدارته، بل في انتخابات نظمتها المعارضة الموريتانية نفسها، وبإشراف حكومة وحدة وطنية كان للمعارضة فيها نصيب الأسد، قامت نتيجة أول اتفاق موريتاني موقع بحضور ممثلي دول مجلس الأمن وجميع المنظمات العربية والإسلامية والدولية والقارية. وتم بموجبه الاحتكام للشعب الموريتاني الذي قال كلمته.
لم يتوان الرئيس محمد ولد عبد العزيز ولم يركن لكونه رئيسا منتخبا بأغلبية ساحقة في الشوط الأول، فقد أمضى قرابة ثلاث سنوات وهو يدعو للحوار مع كامل الاستعداد لكل نتائجه، وفوق ذلك باشر تنفيذ عقده الأصلي مع الشعب الموريتاني الذي انتخبه فأطلق أكبر مسلسل مشاريع في تاريخ البلاد، أنجز خلاله في عامين ما لم تنجزه الأنظمة الموريتانية مجتمعة في مجالات المياه، الكهرباء، الطرق، الإسكان، الصحة، الاستثمار،... إلخ. 500 مشروع مائي في البلاد.. مضاعفة البنية التحتية الصحية، إسكان أكثر من نصف مليون موريتاني عبر توزيع الأراضي على ما يناهز 200 ألف أسرة في نواكشوط وانواذيبو وروصو وترمسه وانبيكت لحواش، والشامي ومثلث الأمل، تشغيل 30 ألف موريتاني، تسليح الجيش، أول حالة مدنية مؤمنة في تاريخ المنطقة، تطهير موريتانيا من كتائب القاعدة والإرهاب والهجرة السرية وشبكات التهريب، مواجهة الإرهاب في دول الجوار، أليس هدير طائراتنا الحربية وغاراتها التي دمرت ما يسمى ب"الملاذ الإقليمي الآمن للقاعدة في شمال مالي"، دليلا على قوة الجيش الموريتاني بعد أن أمضى الرؤساء السابقون 32 سنة في تجريده من السلاح، لصالح من؟.. شركات نقل بري وجوي، مطارات، وموانئ، وصناديق تمويل لتشغيل الشباب، ومدن تنبثق من الرمال، استثمارات معدنية هائلة، وعلاقات دولية وإقليمية ممتازة.. حيث يجوب وزير خارجيتنا العالم من نيويورك إلى طهران وباريس.. وكان أي وزير خارجية موريتاني منذ السبعينات لا يعرف إلا حدود مبنى وزارته.. سمعة دولية ممتازة، وتحكيم موريتانيا و وساطتها في نزاعات إقليمية شائكة.
هكذا يعمل الرئيس ولد عبد العزيز، هكذا يفكر، هكذا يخطط، وهكذا ينفذ.. فما الذي يريده هؤلاء"الزعماء" الخاسرون للانتخابات، أعوذ بهم أن يكونوا خاسرين كذلك للضمير.
كل هذا لم يدفع قادة المعارضة إلى تحكيم العقل، واحترام خيار أغلبية الشعب الموريتاني الذي اختار محمد ولد عبد العزيز رئيسا للجمهورية في الشوط الأول من بين عشرة مترشحين. لم يدفعهم ذلك للتفاهم بهدوء مع هذا الرئيس الشاب المنتخب على ما يرونه مآخذ، أو ثغرات أو نواقص بأسلوب يترفع عن التجريح ويتحرى الصدق. فأعماهم الولاء لجيوبهم، والحقد والكراهية لغير منافعهم، فطفقوا يخصفون في المدينة، يرجفون ويرتجفون، مهددين بالثورة.. هاتوا الثورة إن كنتم لها قادرين. ماذا يعني أن تخرج مجموعة قليلة مهزومة انتخابيا تطالب برحيل رئيس منتخب والإطاحة بحكمه موجهين دعوتهم الصريحة والجريئة للجيش بتنفيذ انقلاب عسكري في الوقت الذي يطالبون بعدم إقحام هذا الجيش في السياسة؟ يطالبون برحيل حكم شرعي يحقق إنجازات لا يحققها غيره؟.. حكم يعيد لموريتانيا روحها الحضارية بطرد إسرائيل وتسيير العلاقات مع كل دول العالم دون خوف ولا منة بل من مستوى الند للند والمصلحة المتبادلة.
كيف تطالب أقلية بحق أغلبية.. وكيف تطعن في حكم منتخب.. هل الكلمة للشعب الموريتاني أم لمن؟ نحكم الانتخابات أم نحكم الفوضى والأغراض الشخصية و الأماني الكاذبة.. أي عبث هذا الذي يطالب به زعماء منسقية المغالطة..
إن الذي أعمى المنسقية أن دول الديكتاتورية العربية ونظم الفساد بدأت تتساقط.. نحن والرئيس محمد ولد عبد العزيز بالذات أول من حارب الديكتاتورية وأطاح نظمها في القرن الجديد..الربيع العربي مدين لمحمد ولد عبد العزيز يوم أرسل الدكتاتورية إلى غياهب النسيان.وأتبعها بـ"تاجر البطاقة البيضاء" وعزز ذلك بقطع دابر نظام "ثورة الجياع" الذي أدارته المعارضة الحالية.. ورفضته الأغلبية الحالية.
هيهات أن يحقق تهديدكم بالثورة والويل والثبور شيئا.. إنه أذان الديك.. وما من أحد يقتدي به..
لم الطعن في شرف الناس والتنطع بأغاني ومثاليات وشعارات يخالفها البعض في الظاهر والباطن.
إن المعارضة الموريتانية تحاول استنبات القحط محل الربيع والازدهار، وتحاول زرع اليأس والقنوط مكان الثقة في النفس والحرية ومحاربة الفقر والفساد، وتنفيذ المشاريع.. والفوضى والعدمية مكان مؤسسة الدولة و شرعنتها وإصلاح نظامها المدني والتعليمي والصحي والتسييري لأن منطق الأشياء عندهم معكوس. فالحرية في قاموسهم فوضى والحوار إملاء والانجازات عدم، والفضيلة رذيلة والبياض الناصع سواد.
كنا نتوقع أن تقدم المعارضة وسام شرف للرئيس محمد ولد عبد العزيز على وتيرة الإصلاح المطردة وقاطرة المشاريع التنموية القافلة على هدى من الله نحو رقي وازدهار شعب طالما ظلمته الأنظمة البائدة.
بدلا من كل ذلك طفق زعماء المنسقية ينظرون لمهرجانات الغضب ونزلوا إلى آخر الفقرات العصعصية من مستوى لا أخلاقي في الخطاب السياسي، فهاجموا الأشخاص لأن معركتهم شخصية، وقذفوا الأعراض لأنها تجارتهم، وزيفوا الحقائق لأنهم يعشقون الظلام ويتغذون منه..
في كل تجمع نسمعكم تتحدثون عن ثروة الرئيس.. وددنا لو قدمتم لنا دليلا واحدا أو قرينة على ما تدعون.. إن ثروة الرئيس أكبر من ذلك.. أكبر مما لا يتجاوزه هوسكم المرضي بصفقة وعمولة.. ثروته هي الشعب الموريتاني ووطن اسمه موريتانيا ومصالحه.. ولو كان يبحث عن المنافع لكان تقاسم معكم الحصص حين عرضتهم أثمنها في وقت تعلمونه..
ثروته هي عمله لوطنه وشعبه وإنسانيته وقبل كل شيء خوفه من الله وفي الله تعالى وخدمته للدين بطباعة مصحف شنقيط، وفتح إذاعة القرآن، وإنشاء أول جامعة إسلامية شنقيطية، والأمر ببناء أكبر مسجد في تاريخ البلاد.. و تسييره لبعثات الدعوة والإرشاد إلى الدول الخارجية، وموقفه مع المقاومة العربية في فلسطين ولبنان وطرده لإسرائيل، ومداواته ومسحه لدموع يتامى وأرامل بطش أنظمتكم الغابرة، وتعليمه لقبور ضحاياكم، وإغاثته للاجئي الجوار.. ومده يد العون للملهوفين..
ومرة أخرى نسمع هجوما على قبيلة بعينها، وماذا يعني الرئيس ولد عبد العزيز في هذه القبيلة أو تلك.. إنها عقليتكم القبلية، فموريتانيا الكبيرة هي قبيلة الرئيس وعائلته وكل شيء بالنسبة له.. أما غير ذلك فهو مستوى خطابكم..
هل يعتقد زعماء المنسقية أن الزور والبهتان الذي يشكل بضاعتهم البائرة يمكن أن يثني الرجل عن الإصلاح.. أو يجعله يمنحهم ما تعودوا عليه من مقايضة لشراء الصمت.. لو كان الرئيس ولد عبد العزيز يمنح القبلية أي اعتبار لما كان أكبر الرؤوس من قبيلته معارضين لنظامه.. والأسماء موجودة ومعروفة، وأنتم تفاخرون بها ليل نهار.. فلعل من يواليكم منهم ينجو من تهمة كونه أجنبيا..
من السخف أن يقول زعماء المعارضة إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز رجل أجنبي.. إنهم لا يحترمون عقل المواطن الموريتاني.. ولماذا تستروا على هذه "الجريمة النكراء" طيلة ثلاثين سنة استمات فيها الرجل دفاعا عن موريتانيا، وخدم بلده كضابط وأنقذ موريتانيا من ديكتاتوريات عابرة للعقود.. إنهم لم يكتشفوا أجنبيته إلا اليوم.. إلا حين أراد الإصلاح.. ومن بين أطر وزعماء المعارضة العشرات من المتجنسين الذين كانوا يدرسون في الخارج بأوراق أجنبية.. كيف صاروا وطنيين لأنهم من صفكم..
بين صفوف المنسقية أباطرة الفساد.. كيف يكون ألئك من صفكم أبطالا وطنيين وزعماء مناضلين ترحبون بهم من فوق المنابر.
فهذا "تاجر البطاقة البيضاء" يخطب في الشناقطة بلسان ما وراء البحار.. "تاجر البيضاء".. ذاك الذي أدار جهاز "الأمن الوطني" طيلة سنوات الجمر والرصاص، أكثر من عشرين سنة، يخرج معكم اليوم كيوم ولدته أمه وتتباهون بخروجه معكم..فهل غسلت ذنوبه فجأة بتوبة لم يعلنها؟.. فالمعارضة رب رحيم مع المذنبين.
أي مبرر يسمح لزعماء المنسقية بالوقوف مع رجل قال أمام الملأ إن قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني خط أحمر.. قطعت.. و قطع دابر المطبعين والمسارعين فيهم.. ولا فائدة من خطوطك الحمراء.. فقد مزقها محمد ولد عبد العزيز كما مزق "بطاقتك البيضاء"..
أرأيتم زعماء معارضة يصفون رئيس بلدهم ورمز أمتهم بتلك الأوصاف.. أيظن البعض أنه يؤثر بدانق في من يؤمن بوطن وقضية؟
أيظن الزعماء المزعومون أن الهجاء والتقول يخيف أحدا.. أو يرد بطلا عن قضيته ومبدئه..
أضمن لكم أنكم لن تقولوا اليوم كلمة هاتفية غير مدفوعة الثمن، ولن تشربوا قطرة ماء بدون فاتورة..
أضمن لكم أنكم ستهزمون شر هزيمة في الانتخابات القادمة، وأنكم ستتمتعون بجميع حقوقكم كمواطنين، وسوف تكونون مستفيدين عند الحاجة من التوزيعات المجانية للغذاء بعد أن تنفد مدخراتكم من المال العام في سنوات النفوذ واستغلال السلطة..
من العجيب أن الزعماء الذين غالوا في فحش القول وزوره طيلة الأشهر الماضية كانوا يتوقعون أن يصنفهم الرئيس ضمن فئة الشباب.. الرئيس لا يكذب.. ولا يزور الحقائق..
لقد دعوناكم أكثر من مرة بأن لا ترموا الناس بالحجارة ما دمتم في بيوتكم الزجاجية.. وها هو اليوم الصاع يرد لكم..
ألم تسبوا وتقذفوا..أما جاب زعماؤكم البلاد شرقا وغربا وأفرغوا جرتهم فحشا للسان، وضياعا للأخلاق..حيث يهذي هؤلاء المقعدون سياسيا وعمليا بكل قول سوء، يتسابقون إلى الكذب، والزور، والتنطع، والقذف، وأكل الأعراض، والنميمة،.. فلعل آخر ما يتحرك فيهم ألسنتهم التي تشيب أقوالها كذبا..
أأنتم تتغنون بالشباب فماذا تعرفون عنه، وبأي ثورة تحلمون، وهل أنتم لها قادرون؟.. حيث لا يريد الشعب وأنتم لا تستطيعون..
انتهى عرض الحوار، لا حوار مع الشوك، وكيف يكون الحوار مع قلة لا تعترف به ولا تسعى إليه..
يظن الزعماء أنهم ملوك الشوارع.. منذ ثلاثة أشهر وهم يحضرون لمسيرتهم التي أبانت عن حجمهم المجهري فلم يحضرها سوى عشرة آلاف أو ينقصون، وفي العاصمة التي يقطنها مليون مواطن.. بينما استقبل الرئيس في ولاية داخلية نائية بحشود من عشرات الآلاف .. وكان خطاب الثلاثاء الأغر، ذلك الذي رد من خلاله رجل الدولة والشعب على قلة ظنت نفسها تحتكر الحدية..تصورت أنها فوق النقد وهي المرقعة من الترهات..
خطاب عبر عن نبض الجماهير التي قالت للمعارضة نحن هنا نستقبل رمزنا ورئيسنا ردا على دعواتكم..
هو ليس درسا يلقن لذوي الفهم المتأخر، أو ذوي الباطل المتأخر على صولة الحق.. هو استفتاء شعبي قال فيه الشعب كلمته وأجاز رئيسه... وكونوا على ثقة بأنكم لم تروا حتى الآن شيئا قياسا لما ينتظركم.. وأنكم ستخسرون لعبة الحشد والشوارع.. لأن الشعب مع محمد ولد عبد العزيز، ومقابل كل واحد تخدعونه سنحشد ألفا.. من هؤلاء الذين أغثناهم بالماء والكهرباء والسكن والتشغيل والتضامن والتآزر والصراحة والعدل والحرية.. هؤلاء الذين سموا الرئيس برئيس الفقراء.
فهل تحتكمون إلى العقل.. دعوا عنكم حكاية الشباب.. وثوراته، فذلك شأن يعني الشباب وقد انتهى زمن الوصاية الهرمية.. والآن أنصحكم بالقول: إذا لم يحكم العجوز العقل فلن يفيده العضل..
وهنا أود التأكيد على أربع نقاط أو رسائل فسروها ما شئتم.
الأولى: أن تعويلكم على الانقلابات العسكرية لم يعد له مكان لأسباب يكثر شرحها، واختصارا: الجيش وضع ثقته في الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي أعاد له روحه وسلاحه وهيبته كمؤسسة جمهورية.
الثانية: أن المجتمع الدولي حسم أمره لصالح نظام ينفذ مشاريع ملموسة، ويحارب الإرهاب والهجرة ويؤمن حماية الشاطئ الأطلسي المقابل للغرب، وسمونا ما شئتم حراس بوابات أوروبا وأمريكا.
الثالثة: أن مشاريعنا تسير بأسرع من ردات فعلكم، فخلال فترة وجيزة ستنجز ليس عشرات، بل مئات المشاريع التنموية التي وعدنا بها، سيطوي ملف الإرث الإنساني بعد خمسة أيام بعودة آخر لاجئ هجرتموه، وسينتهي الإحصاء السكاني ونقف على عتبة الانتخابات التي لن ترحمكم..
الرابعة: أننا خلال السنتين الماضيتين كسبنا لعبة الشارع في كل الجولات.. أما القادم من هذه الجولات فاعتبروه تأبينا شعبيا لادعاءاتكم.. أما إذا فكرتم، ولو في أحلامكم في الشغب فسيطبق القانون بما يوفر السلم والاستقرار ويضمن أرواح المواطنين وممتلكاتهم..والبادئ أظلم.
إن أي مراقب اليوم يعتقد أن المعارضة الموريتانية لم تعد لها أي مصداقية أمام الواقع، حتى أنها فقدت أبسط شروط المنطق، فكفنت نفسها في ثوب من الافتراءات والتناقضات.. لقد مرت مسيرة نواكشوط بعد أشهر من الإعداد والوعيد ولم يتحقق ما وعدتم، بل قابلكم الشعب بثورة سخرية عندما قاطعت أغلبيته المطلقة تلك المسيرة التي صورتموها على أنها يوم قيامة وأنها ستكون يوم خندمة، وأغاني عن عكرمة، فإذا بها تمر مهزلة هزيلة.
نصيحتي لكم، وأخشى أنكم تجاوزتم سن النصح هي أن تمارسوا حقكم المصون في التعبير والتظاهر والنقد حتى لو كان نقدا على طريقتكم الماخورية بشتائم وسباب وقذف وادعاءات و لكن لا تتحاذقوا على الواقع.. فمنذ القدم تسير القوافل وتنبح الكلاب.. منذ القدم يعلو الحق ويزهق الباطل.. منذ القدم يقذف الموج الغثاء.. منذ القدم يذهب الزبد جفاء ويبقى ما ينفع الناس..منذ القدم تتحول التخاريف إلى مضحكات.. منذ القدم تمدح الورود وتعاب الأشواك.. منذ القدم لا تهز الريح الجبل.. ومنذ القدم يربح الفرسان ويخسر المقعدون.. ومنذ القدم يؤذن الديك.. وما من أحد يقتدي به.
(1) رواه الإمامان البخاري و مسلم بسند متصل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم. فهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور عليها الدين , ولذلك صدر به الإمام البخاري صحيحه وابتدأ به أهل العلم كتبهم و مصنفاتهم. قال الإمام الشافعي رحمه الله : ( هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين باب من أبواب الفقه، وما ترك لمبطل ولا مضار ولا محتال حجة إلى لقاء الله تعالى ). "ذلك لأنه يعالج المقاصد والنيات التي هي محل نظر الله جل وعلا، وهي من الأعمال بمثابة الروح من الجسد، فكيف يكون حال الجسد إذا نزعت منه الروح، وكيف يكون حال شجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار. وكل عمل أو عبادة لم تقم على نية صالحة ومقصد شرعي صحيح، فإنها في ميزان الله هباء تذروه الرياح، وسراب إذا طلبه صاحبه لم يجده شيئا". من أجل ذلك عني الشرع عناية عظيمة بإصلاح مقاصد العباد ونياتهم.