كتابة اللغات الوطنية ام ترقيتها؟ / بون عمر لي

في إطار مناقشة مدعمات الوحدة الوطنية  في الحوار الشامل ناقش المتحاورون ضرورة تعليم اللغات الوطنية وإدراجها في نظامنا التعليمي الموحد في المدرسة الجمهورية، وكانت مستويات التناول متباينة، وارتفعت من بينها نداءات تطالب بكتابة اللغات الوطنية بالحرف العربي لضمان التقارب بين المكونات الوطنية، وتكلم في ذلك شخصيات وازنة،

 مما اضطرني إلى التدخل للتوضيح بأن مسألة كتابة اللغات لم تعد مطروحة في ساحتنا اليوم وأن طرحها لايخدم الوحدة الوطنية مشيرا إلى شيء من تاريخ المسألة:
1- إن معركة كتابة اللغات الوطنية كانت في عهد حزب الشعب الموريتاني الذي كان محرجا بسبب مشاكسات  التيارات السياسية  فيما بينها حول المسألة، ولم يكن الحزب جادا في الحسم حيث كلف شخصا واحدا بلا وسائل أن يبتكر للغات الوطنية حرفا عربيا منمطا فلم يستطع، في الوقت الذي كانت الشعوب الإفريقية قد حسمت أمرها  بتبني الحروف اللاتينية  المقررة في مؤتمر بمكو 1966 والتي تبنتها اليونسكو، ووفرت لها الوسائل، على حساب حروف انبان  اللاتينية  وتسمى حروف القاهرة .
2- استمر الصراع حتى سنة 1979 حيث أصدرت اللجنة العسكرية أمرا قانونيا ينص على أن كتابة اللغات الوطنية  تكون بالحرف اللاتيني(حروف يونسكو)
3- تقرر رسميا تدريسها بالحرف الآتيني في المرحلة الإبتداية بكاملها وأنشئ معهد تربوي للغات الوطنية من 79- 80 إلى 1999 حيث توقفت الفصول، وأغلق معهد اللغات الوطنية وحول إلى قسم في الجامعة يتخصص فيه الطلاب  في اللغات الوطنية بالحرف اللاتيني، ويوجد حتى اليوم، 
4- ألّفت كتب في مستوى المرحلة الإبتدائية لمختلف المواد المدرسية بالحرف اللاتيني على نفقة وزارة التهديب الوطني
لقد تعجبت كثيرا من عودة نقاش كتابة اللغات الوطنية اليوم، وأكدت أنها معركة متجاوزة، فقد كنا يومها من المطالبين بالحرف العربي، بل نتهم دعاة الحرف اللاتيني بالعلمانية والمؤامرة الأتاتوركية، ولكن الأمر أصبح محسوما فتبددت الشكوك وأصبح أمرا واقعا ومكسبا وطنيا، يلزم تدعيمه لضمان ترقية اللغات الوطنية وإدراجها في نظامنا التربوي العام يتعلمها كل أبناء  الشعب الموريتاني
- أضف إلى ذلك أن اللغة البلارية تدرس حتى الآن في جامعة القاهرة والجامعات الليبية منذ عهد القذافي بالحرف اللاتيني.
- .ومنذ أسبوعين قررت إدارة فيسبوك صفحة رسمية بالبلارية بالحرف اللاتيني (حروف يونسكو)، فأصبحت البلارية اللغة ال101 من لغات فيسبوك.
- ربما يقال إن الأجداد كان يكتبون اللغات بالحرف العربي صحيح إنهم كانوا يقيدون ما أنتجوا بالبلارية بالحرف الذي يعرفونه، كل على طريقته الخاصة، بحرف غير منمط، تصعب قراءته على غيركاتبه، نأخذ لذلك مثالا: كتب أحمد بن الحاج عمر الفوتي رسالة إلى عبدل بوكر كان في فوتا بالعربية  ضمنها مثلا بلاريا بالحرف العربي هكدا: (...سمعنا بموقفكم البطولي المشكور في فوتا ضد أعدائنا و أعداء الإسلام، فلا عجب من ذلك، إذا فتح الشبل فاه ليزأرفلا عجب "سهما يرو ول ونك واوي دنغ بابمم يوليما" ) عرضها عبدل بوكر على عدد من شيوخ المحاضر فلم يستطيعوا قراءة هده العبارة فقيل له يوجد في قرية قجلن عالم متبحر في العربية يدعى أحمد مختار آن هو مظنة قراءتها، فاستدعاه فقرأ المثل البلاري بسرعة بديهيته، وهو بالمناسبة تخرج من محظرة الحارث بن محنض الشقروي، ونفهم من ذلك صعوبة التعامل مع الحروف غيرالمنمطة، فلو كان غير مثل معروف لكانت صعوبة قراءته أشدّ. ومعنى المثل: إذا كان القرلّى قادرا على شيء فقد غرقت  صرة أبيه.
- ثم إن الأطفال الموريتانيين لا يجدون إطلاقة صعوبة في التعامل مع الحرف اللاتيني لأنهم يتعلمون الفرنسية في وقت مبكرمن حياتهم الدراسية.
- أقول هذا الكلام لأطمئن الناس على أن الأمرعادي لا خطر فيه، وأنا شخصيا قد كتبت فيها أربعة كتب في العلوم الشرعية بعضها اليوم متداول في بعض الدول الإفريقية
- إن معركة كتابة اللغات قد تجوزت، وأن المطلوب اليوم هو العمل على ترقيتها وإعطائها مكانتها اللائقة في منظومتنا التربوية، والمحافظة على مكتسباتها الوطنية إتصافا للمشاعر، وصونا للوحدة الوطنية الغالية.

19. أكتوبر 2016 - 9:03

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا