الحوار الوطني الشامل أين هو...؟
وما هي تداعياته.. وما هو الهدف منه ..؟
ولماذا لا يكون النقاش (الحوار) حول الدراعة والملحفة ، أو الألبسة الداخلية إن شئت (نظرا لطبيعة المتحاورين) بدلا من العلم الوطني؟
هل هو مجرد رقعة من القماش..؟! أو قطعة من (كج اكويرات) يمكن لأي تاجر أو مقاول استخدامها كما يشاء..ويجعلها في جذاذة كبيرة تنهك كاهل الخزينة العامة ..؟!
وهل النشيد الوطني مجرد سيمفونية لأي عازف هاو .. أو شاعر .. أو غاو .. أو راقص يمكنه أن يرقص .. ويبدل كلماته ويصفق له الجمهور مرددا:كل للعزيز ناصرا؟ هل هذا وذاك من أجل مأمورية ثالثة ورابعة وخامسة؟.
لا يهم المهم أن يصفق الجمهور .. ويرقص على إيقاع الطبول ... والعزف على القانون... لا احتراما للدستور المصادق عليه من طرف الشعب بنسبة98% من الأصوات المعبر عنها.
لقد كان من الأجدر أن يقول رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الأستاذ: سيد محمد ولد محم (الحزب الحاكم) ـ هذا الحزب الذي لم يبلغ سن الرشد بعد وما زال قاصرا ... وقاصرا عن تقديم أي حلول أو معالجات للأزمة الدستورية الراهنة ـ للسيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز: أنه كان رئيسا عسكريا في الزي العسكري .. وأصبح مدنيا في زيه المدني ورئيسا للجمهورية ... ثم رئيسا للوحدة الإفريقية .. ثم رئيسا للجامعة العربية .. وأخيرا رئيسا للفقراء .. أن يترك هذه المأمورية القادمة لأحد الإخوة المعارضين ـ الذين لا حول لهم ولا قوة ـ طبقا للدستور المصادق عليه من طرف الشعب وليس الجمهور... وبناء على المثل الشعبي المأثور (لا طابق وأخوك عريان) ! بدلا من الحوارات الجوفاء .. واللقاءات الفارغة .. والنقاشات المملة المتعلقة ب المواد الدستورية المنتهية الصلاحية التي لا مفر منها .. اللهم إلا إذا قاموا باستفتاء على دستور جديد قابل للتغيير يتم فيه توزيع الصلاحيات في حالة شغور منصب (كاره) رئيس الجمهورية لعائق أو مرض أصيب به (لا قدر الله) وتحديد من يتولى هذا المنصب أما نائب الرئيس أو رئيس البرلمان أو أحد النواب أنفسهم .. سواء كان من الأغلبية أو المعارضة لا يهم ، المهم أن تمر هذه المأمورية (المعوضة) بسلام فترة خمس سنوات قادمة أو أكثر ، هذا هو ما يتمحور حوله النقاش أو الحوار الوطني الشامل من أجل تمريرها مهما كلف ذلك ، سواء على حساب الوحدة الوطنية ، فنسبة 48% من الشعب الموريتاني المعارض مقاطعة للانتخابات وللحوار الوطني .. أو على مستوى السيادة الوطنية تغيير العلم الوطني الذي يعتبر إهانة في حق الشعب الموريتاني .. أو حتى النشيد الوطني هو الآخر لا يمكن أن يداس عليه بالنعل مهما كانت النوعية .
هذا هو ما يريده الحزب الحاكم .. حتى يتواصل الحكم أو (المملكة) من جديد وأن تمتد إلى مالا نهاية .. بعد الاستفتاء على الدستور سيضمنون له النجاح .. الرئاسة .. سيضمنون له كل شيء .. هذه القضية ذكرتني بقضية ماضية كان يحكيها علي أحد جاليتنا السابقة في دكار عندما قال لي إن أحد الموريتانيين كان تاجرا في حانوت كبير ، فدخل عليه أحد الزبناء السينغاليين (كوري) وهو رجل أعمال كبير وقال له بعد السلام عليه: يا محمد أنا عندي غاية مهمة اليوم ، فرد عليه ماهي؟ غايتك متعدل!
فأجابه رجل الأعمال: أريد أن تكتب لي "احجاب" يمنعني من الموت مدى الدهر؟! فرد عليه التاجر "متحيرا" هذا لا يمكن فانا لا استطيع أن أمنع أحدا من الموت..! فغضب رجل الأعمال السنغالي وخرج ... عندها دخل ضيف موريتاني "دافر أجاي من عند لخيام" مسرعا ودق الباب قائلا: ما بال فلان .. قال له التاجر: يريد أن يعلق كتابا عن الموت .. فأجابه الضيف قل له أن يدخل علي .. فدخل عليه في مخزن الحانوت .. وأكد له بأنه لن يموت أبدا ، والدليل على ذلك بأنه لن يقلها له ولن يكذبه بعد اليوم ...! فأعطاه رجل الأعمال مبلغا كبيرا من المال وأعطى بعضا منه لصاحب الحانوت .. فرد عليه صاحب الحانوت هل يمكنك أن تمنعه من الموت ..؟ فقال له: (محد حي ماه لاه إجين: وإلين إموت مان مجابرين)؟!.
هذه القصة تمت ترجمتها ودبلجتها على المسرح الوطني وهي تفرض نفسها من جديد بالنسبة للحزب الحاكم ، فالحزب لا بد له أن يقنع الرئيس بالحياة من جديد وأن يرقص .. ويصفق .. ويهلل ويكبر .. وأن يتنازل عن رموز السيادة الوطنية من أجل تمرير هذه المأمورية بما في ذلك دعوة هذا الشعب المسكين الأمي المغشي عليه للتصويت على الدستور لإنجاح الرئيس محمد ولد عبد العزيز .. ولو أدى ذلك للبحث عن أصوات السحرة وحتى "الحجابة" المحليين والدوليين من أجل إنجاحه لفترة أطول.. كسابقاتها كما وقع لأخ له من قبل .. الذي لم تشفع دباباته (دبابة دبابة) ولم تسعفه جنوده المجندة!! ولا حزبه الحاكم .. ولا أمينه العام .. ولا رؤساء الاتحاديات والأقسام .. ولا منتسبيه المسجلين بكثرة على اللوائح في الداخل والخارج.
إنها مهزلة كبيرة ... "إزينهالك أل ما ينفعك فيه"