كان ولد عبد العزيز ذكيا في خطابه في نقاط عدة ، وكان مخطئ في أخرى عديدة وسأحاول عرض كل منها في نقاط حسب وجهة نظري بعد أن انتهى الحوار وأصبحنا جميعا قاب قوسين أو أدنى من موريتانيا الجديدة التي حلم بها رئيس الجمهورية ، وقصها على مسعود ولم تصدقها أحزاب المنتدى وبالتالي
قررت مقاطعة كل شيء ، وأتمنى أن لا تقاطع موريتانيا في المستقبل لأن الرئيس الحالي "عزيز" كثير الأحلام ، ودائما ما يحلمُ لموريتانيا الطيبة وتعمها بركته,
أولا النقاط االتي كان ذكيا فيها :
...............................................
1- أنه رد كل الشكوك الاتهامات التي وجهت له في شان المأموريات وحسم كل ذلك بقوله أن المواد المحصنة في الدستور لن تغير لمصلحة أي كائن من كان ، وقد رد الكثير ممن كان يخطط لردة فعل مناسبة تستحق أن يجابه بها إعلان وثيقة الحوار المنتظر قبل خطابه، فما كان من جميع المعارضين إلا أن سلموا الأمر لما قيل ، وأن يراجعوا أمورهم ، وهو أمر أحسب أن المنتدى سيدركه وسيراجع قراراه بشأن المسيرة القادمة
والتي أعلن عنها منذ أمد وهو الآن يعبئ لها ,
هل كانت تصريحات ولد شيخ مقصودة ؟أم أنها تصريحات تعبر عن موقف شخصي لمواطن موريتاني ؟
الله أعلم المؤكد أنها كانت ذات تأثير بالغ وتتطلب ردود فعل كبيرة وهو ما تجهزت له المعارضة وهو ما عبر عنه مختلف الفاعلين بالرفض ، وإن كان الأمر مخططا له لا أظن أنه كان المراد منه غير المعرفة الدقيقة لطبيعة ردة فعل المعارضة والشارع أجمع اتجاه المسألة وعندما تأكد القوم من سوء ما سيعقبها قرر الرئيس التصريح بما صرح به في خطاب اختتام حفل الحوار ، ومن المؤكد أن ما قاله في شأن المأمورية والمواد المحصنة بصفة كاملة يتطلب مراجعة من قبل معارضيه .
2- وكان الرئيس أيضا ذكيا في مهاجمته الواضحة لمسعود على اعتبار أنه كان في الحوار وانسحب منه وقول بالحرف الواحد " أنه كان يسعى من ا}ل مصلحة" وقد صدق على ما يبدو ، وهنا لا بد من إبداء ملاحظة على موقف مسعود ، لا شك أن انسحابه هذا يعطي انطباعين لدى الجميع ، أولهما بأن الرجل كان يحاور ودخل الحوار وشارك فيه من أجل نقطة واحدة وليس لديه إلا طلب واحد وهو رفع سقف سن الترشح وهو أمر قوبل بشرط المأمورية على قياس استبعاده ، ثانيهما أنه ليس لحزب التحالف الشعبي قرار جماعي وأن مواقفه مرتبطة بهوى شخص مسعود كزعيم له سياسي وكزعيم وطني أيضا ، وهذه مسألة قد تنهي مشوار الحزب السياسي وتقضي عليه إن لم يراجع الحزب مواقفه ويأتي بجديد مقنع .
وكان ولد عبد العزيز مخطأ في نقاط هي :
3- أولا تغيير العلم والنشيد أنا معهم ، لكن هل يجوز لنا أن نغيرهم دون إجماع ؟ لا أظن ذلك جائزا ، إن قضية التفكير في تغيير رموز البلد في حوار غير مجمع عليه ولم تحضر له كافة القوى السياسية المعارضة أمر في غاية الخطورة وكان يجب التفكير فيه بعيدا عن المواقف السياسية وعداوتها ، لأنه ببساطة قد يقول إي طرف أو أي كائن من كان أنه ليس موافقا على تغيرهما وهو أمر قد يتخلله على المدى البعيد أو القريب تغيرهما أو إعادتهما إلى سيرتهما الأولى، تماما كما حدث مع ليبيا عندما غُير العالم بعد نجاح ثورة الفاتح 1969 بشكل شبه فردي تطلب الأمر إلغاء ذلك التغيير ، وإعادته إلى سيرته الأولى في ظل الحكم الملكي السنوسي
إن تغيير أمور من هذا القبيل أيها السادة السياسيون يتطلب مناقشات موسعة وحوارت تشمل الجميع دون تمييز ، ودون تعصب وهو ما افتقده الحوار الحالي ، فكان طيف سياسي كبير ممانع وقاطع الحوار ولا أعرف بالضبط هل سيقاطع مخرجاته أم لا.
نعم يتطلب الموقف أو الوضع الذي تخلل خطاب الرئيس البارح تعاطي مختلف مع الأمور ومع الشأن السياسي كله ، فما دام الرئيس قال بالحرف الواحد أنه لن يغيير المأموريات لصالحه ولا لصالح اي كائن من كان ، فمن الضروري التعاطي مع المسألة بشكل مختلف ومراجعة طبيعة وأهداف المسيرة التي أعلنت عنها المعارضة منذ فترة .
أيها السادة موريتانيا الجديدة لا بمكن أن تصنع وأن يعاد تأسيسها بهذه الطريقة لا بدل لها من حل توافقي لا يكون فيها لأي كائن من كان حجة لأن الفعل للأجيال القادمة كما قال صاحب الفخامة الوطنية ، وبالتأكيد هذه النقطة لا تخص إلا تغيير رمزين كاالعلم والنشيد.
صحيح وهي مسألة سبق وأن طالبتُ بها أن كلمات النشيد لم تخلد ولم تذكر بطولات الذين ضحوا في سبيل الأرض والعرض وتجاوزتهم إلى أشياء يعلمها الله، لكن ذلك يعود إلى كون النشيد أختير بطريقة ارتجالية من قبيل وزير التعليم قبيل إعلان الاستقلال ، وهذه الصفة الارتجالية لا يجب أن تكرر بهذه الطريقة وإلا أتى من يطعن فيها يوما ما
أما فيما يتعلق بالانتخابات البلدية التشريعة فكذلك كانت هذه النقطة تتطلب إجماعا وهو ما افتقرت إليه ككل ما سبقه .
لكن أيها السادة ما هكذا تؤكل الكتف ولا يعقل أن تسير الأمور بهذه الطريقة ، ونحن نعلم أن البرلمان الحالي وسيلة في يد السلطة تمرر به ما أرادت تمريره من مشاريع ، لأن المعارضة قاطعت انتخابات 2013 .
فهل يجوز أن تجرى انتخابات ولا يحضرها من أحزاب المعارضة إلى حزب الوثام المعاهد على العلم أن مسعود قاطع الحوار وقد يقاطع ما سيأتي من الشأن السياسي كله في الأيام القادمة ، هذه لا تجوز واتمنى أن تصل الرئيس مع أني اعلمُ علم اليقين أنه يعلم أنها خاطئة لكن عزمه يمنعه عن مراجعتها ، ولا يتوقف الأمر عليه وحده ، فعلى المعارضة أن تجتمع وتخرج لنا بخطط جديدة تساير الوضع بعيدا عن المشادات وعن التهور السياسي ما دام الرجل قد صرح بأنه لن يغيير المادة المتعلقة بالمأموريات لصالحة.