الراحــــــــــلون..! / سيدي محمد ولد ابه

على هامش مسيرة منسقية المعارضة في مارس 2012 أسر أحدهم بأن توقعات  المنسقية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن أغسطس القادم سيكون آخر شهر لولد عبد العزيز في سدة الحكم، وعبثا حاولنا زعزعة "قناعة" الرجل الذي بلي حذاءه بسبب الهرولة بين دار الشباب والمسجد، وبح صوته لترديده كالببغاوات شعارات الرحيل خلف قادة المنسقية..

مرت أيام خلف أخرى، وتوالت السنون، وحط صاحبنا أخيرا عصاه في الأغلبية الرئاسية، بعد أن تأكد بنفسه من عبثية شعار الرحيل، وإفلاس المشروع السياسي للمنضوين تحت لواء المنسقية.
في الجانب الآخر كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز يرسي دعائم دولة، غير عابئ بمسيرات الراحلين جيئة وذهابا، بعد أن أعطى تعليماته الصارمة بتوفير الأمن والأمان لهم، وهو ما قامت به السلطات الأمنية خير قيام.
كانوا يتباكون مكاء وتصدية على "الديمقراطية" وعلى الرئيس المنتخب بـ"شفافية" وكانت جرافات ولد عبد العزيز ترفع المتاريس من أمام البيت الصهيوني الأجرب إيذانا بتطهير البلاد والعباد من دنس الكيان المحتل.
كان صدى "ارحل" يتردد من ساحة ابن عباس، وكان رئيس الجمهورية يعطي شارة بناء طريق مثلث الفقر، ويفتتح مستشفى الصداقة، ويدشن مركز الأمومة والطفولة، ويراقب بنفسه سير عملية تزويد مقطع لحجار ومثلث الفقر والحوضين الشرقي والغربي بالمياه الصالحة للشرب عبر حقول "بوحشيشه" و"فم لكليته" و"بحيرة اظهر"..
كانت ماكينة الدعاية السياسية والإعلامية للمعارضة وأبواق الكيان الصهيوني تعمل ليل نهار للتشويش على المسار التنموي للبلاد، توزع التهم وتكيل الشتائم وتنعق بما لا تفقه، وكان رئيس الجمهورية يزرع بذور التنمية في ولايات الترارزة وغورغول وكيدي ماغا عبر مشاريع تنموية وزراعية غير مسبوقة في المنطقة ككل "قناة آفطوط الساحلي للري مثلا".
كانوا هنا في حماية الأمن الوطني يصرخون ملء أفواههم انه لا مجال للمأمورية الثالثة، وكان هناك على بعد مئات الأميال من العاصمة نواكشوط يدشن قاعدة "لمرية" إحدى أكبر القواعد العسكرية في البلاد، ضمن خطته لعصرنة القوات المسلحة وإعادة تسلحيها بأحدث الوسائل..
اليوم وبعد مرور ثماني سنوات على فجر التصحيح، يؤكد رئيس الجمهورية في خطابه التاريخي يوم 20-10-2016 أنه سعى ويسعى لبناء دولة مؤسسات على دعائم دستورية وقانونية أكثر رسوخا، وهو يختتم حوارا شاملا قررت فيه النخبة الوطنية إعادة كتابة تاريخ البلاد من جديد..
يؤكد الرئيس أنه لم يسع لمأمورية ثالثة ولن يسعى لها، رغم أنه المستفيد الوحيد من تعديل المادة التي تحد من المأموريات، لكنه لايريد شخصنة الموضوع، ولا يرغب في مصلحة خاصة على حساب مصلحة موريتانيا التي نذر نفسه لها منذ قيادته حركة الجيش صيف 2005.
يغادر رئيس الجمهورية سدة الحكم وقد ترك وراءه، معالم دولة حديثة تتجسد على هذه الأرض، وفي نفس الوقت يخرج معارضوه من المشهد السياسي كما دخلوه أول مرة.

[email protected]

23. أكتوبر 2016 - 21:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا