نصت المادة 29 من دستور 20 يوليو 19991 علي: {... يؤدى رئيس الجمهورية قبل تسلمه مهامه، اليمين على النحو التالي: * أقسم بالله العلي العظيم أن
1-أودي وظائفي بإخلاص وعلى الوجه الأكمل
وأن أزاولها مع مراعاة
2-احترام الدستور
3-وقوانين الجمهورية الإسلامية الموريتانية
4-وأن أسهر على مصلحة الشعب الموريتاني
5-وأن أحافظ على استقلال البلاد
6-وسيادتها
7-وعلى وحدة الوطن
8-وحوزته الترابية
* وأقسم بالله العلي العظيم أن لا " أتخذ " أو " أدعم " بصورة مباشرة أو غير مباشرة أية مبادرة من شأنها أن تؤدي إلى مراجعة الأحكام الدستورية المتعلقة ب:
9 -مدة مأمورية رئيس الجمهورية
10 -وشروط تجديدها
الملاحظة الأولي: هي أنها يمين واحدة تلك التي نصت عليها المادة:
بداهة؛ لأنها جاءت بلفظة المفرد المعرف ( ... يؤدى رئيس الجمهورية قبل تسلمه مهامه، " اليمين"
...)
واستنباطا؛ من صيغتها وإن زاوجت بين الإطلاق والتقييد.
وعلى عكس ما قد يتبادر من أن إعادة عبارة القسم ترفع قيمة المقسم عليه، فإن الواقع أن موضوعها ومداها يفيدان غير ذالك:
فموضوعها " المأمورية وشروط تجديدها " لا يمكن بحال من الأحوال أن يقارنا في الأهمية بما أقسم عليه قبلهما " الحوزة الترابية – وحدة الوطن – السيادة – الاستقلال ..." لا مراء في ذالك بمنطق أسبقية الوجود "الاستهلال صارخا "؛
أما من حيث نطاقها ومداها " لا أتخذ أو أدعم" فهو مجرد الامتناع الذي هو عدم والعدم لا ينتج أثرا قانونيا إلا لمكلف؛ وحيث إن نطاق التكليف هنا لم يشمل المنع " أمنع "يتضاءل نطاق الامتناع الوارد هنا مقدار ذالك.
أما المقسم عليه قبل تكرار القسم فمسؤولية الرئيس اتجاهه تامة شاملة لا تدخر وسيلة للوفاء بها ، أفعال تؤتى و لم يحدد لها نطاق، لا مراء في ذالك ؛ و نص المادة 39 صريح في تحديد غياب سقف لما عليه أت يقوم به بدليل ما خول له من اتخاذ "... التدابير التي تقتضيها الظروف ..." التي لا قيد عليها إلا ما تعلق بالاستشارة الرسمية للوزير الأول ولرئيسي الغرفتين وللمجلس الدستوري ... ويطلع الأمة علي الحالة عن طريق خطاب ..." أو ما ينتج عن إعلانها من" اجتماع البرلمان وجوبا ومنع حل الجمعية الوطنية خلال ممارسة السلطات الاستثنائية " .
الملاحظة الثانية: هي أن المادة (02) من دستور 20 يوليو كرست سمو الإرادة العامة ولم تترك مجالا للحجر عليها فقد نصت على أن: "الشعب هو مصدر كل سلطة. السيادة الوطنية ملك للشعب الذي يمارسها عن طريق ممثليه المنتخبين وبواسطة الاستفتاء ...." فممارسة الشعب للسيادة بطريق الاستفتاء بما فيها " التعديل والالغاء للدستور ..."تمثل ضمانا لممارسة قدر من الديمقراطية المباشرة التي هي الأصل بل وحتى الحلم. فإذا كان مونتسكيه حاول تبيان مكانة "الحكومات التمثيلية " ، فإن جان جاك روسو علي النقيض من ذالك يري أن ( " الإرادة العامة لا تمثل " ... كل قانون لم يصادق عليه الشعب بنفسه باطل ؛ ليس قانونا ) وقد وفق اعلان 1789 بين التوجهين في مادته السادسة ( 06)حين نص علي " ...القانون هو التعبير عن إرادة الجمهور ، ولكل فرد أن يشترك في وضعه سواء كان ذالك بنفسه أو بواسطة نائب عنه ..." وعلي ذالك سار المدستر الموريتاني . فكرس مسطرة الاستفتاء على وجهين أولهما الذي جاءت به المادة (38) ويمكن وصفه بالمسطرة المنفردة تميزا له عن وجهه الثاني الذي جاء في المادة (99 ف 01) كجزء من مسطرة، والفرق بين الوجهين جلي؛ ففي مقتضيات المادة (38) هو صلاحية للرئيس يباشرها مبادرة و تفردا. أما في الحالة الثانية فإضافة إلي ما جاء في المادة (99) من كون الاستفتاء لاحق علي مبادرة ونقاش وتصويت للبرلمانيين، كون الذي يستأثر به الرئيس هو حقه في العدول عنه "الاستفتاء "حين يقرر اللجوء إلي المؤتمر بديلا عنه كما قضت المادة (101) .
على ذالك فإن المادة (38) التي تنص على " لرئيس الجمهورية أن يستشير الشعب عن طرق الاستفتاء في كل قضية ذات أهمية وطنية " تبقي عصية على الحرف عن حقيقتها والغاية المبتغاة من ورائها، فبها يضمن توازن الديمقراطية النيابية وابتعادها عن الشطط وبها كذالك يمكن لرئيس الجمهورية والشعب ـ " التعديل" صيغة المادة 40 ـ من موازنة قوة البرلمان فيما يتعلق ب " المراجعة " المبوب عليه.
فرغم النص على طريقين للتعديل في المادة (40) صراحة بالقول: (...لا يمكن ادخال أي تعديل على الدستور سواء عن "طريق الاستفتاء " أو عن " طريق البرلمان " خلال فترة الإنابة ... ) . و بعد أن كانت نفس المادة (40) قد أكدت صراحة علي حق رئيس الجمهورية صراحة في تعديل الدستور بالاستفتاء الشعبي، حين سلبت الرئيس بالنيابة "... أن يستشير الشعب عن طريق الاستفتاء ..." ، إلا أن لباب الحادي عشر حول مراجعة الدستور أغفل صورة من صور التعبير عن الإرادة العامة ؛ فهو قد نص علي التعبير عنها عن طريق ممثلي الشعب "المؤتمر " المادة (101) وعن طريق النواب ولا حقا الشعب ( المادة 99 فقرة 01 ) لكنه لم يبوب للحالة التي يكون فيها صاحب السيادة الفعلي هو المبادر . والتي يستنتج وجودها من مقتضيات تلك المادة حين تتحدث عن اشتراط أن يوقع على الأقل ثلث أعضاء إحدى الغرفتين مشروع المراجعة المقدم من البرلمانيين ، وتستطرد للمصادقة علي مشروع المراجعة أن يصوت عليه ثلثا أعضاء الجمعية الوطنية وثلثا أعضاء مجلس الشيوخ وذالك ليتسنى عرضه علي الاستفتاء ، راسمة للمسطرة الخاصة بحالة مبادرة النواب حصرا ؛ { لا يناقش أي مشروع مراجعة " مقدم من طرف البرلمانيين إلا إذا "... } ، تاركة للحالة التي تكون فيها إرادة التعديل جاءت من غير النواب لتحكم بمقتضيات المادة (38) ، فالشعب هو الذي يحدد توجهه " القضايا ذات الأهمية الوطنية " وحين يثير الشعب مثل تلك القضايا يجب أن يحسم فيها باستفتاء الشعب لذالك لا تبادر الديمقراطيات العتيدة إلي وضع القيود امام تلك الإرادة ففي فرنسا مثلا لا يوجد من قيد علي مراجعة الدستور إلا ما جاء في المادة 89 من الدستور التي استثنت "الصبغة الجمهورية " .
خارج ما يمكن ان يستنتج من نقاش النص "الدستوري " يبقي من الأهمية بمكان الوقوف على ما قدمته تجارب التعديل السابقة التي عرفها دستور 20 يوليو منذ انقلاب 03 اغشت 2005 لمعرفة درجة الصرامة القانونية والمبدئية السياسية التي اكتنفت ما كان قيم به منها بما في ذلك التعديل الذي جاء بتقليص مأمورية رئيس الجمهورية وشروط تجديدها.
في يوم 03 أغشت 2005 أعلن البيان رقم واحد لمجموعة الضباط المنقلبين على الإرادة العامة المعبر عنها من خلال مقتضيات دستور 20 يوليو أن: " القوات المسلحة قررت بالإجماع وضع حد نهائي للممارسات الاستبدادية للحكم البائد...."
ثم جاء الميثاق الدستوري المحدد لتنظيم وسير السلطات العمومية الدستورية مدة الفترة الانتقالية الصادر عن طريق الأمر القانوني رقم 2005 –001 بتاريخ 06-08-2005 والذي يعد بمنطق الحال إعلانا فعليا لإلغاء دستور 20 يوليو ،إلا أنه في الواقع لم يحسن " القتلة " فقد نص في المادة الأولى منه علي : " يحتفظ بأحكام الدستور الصادر بتاريخ 20 -07- 1991 بما في ذالك الديباجة وهي الاحكام المتعلقة بالإسلام والحريات الفردية والجماعية وحقوق الدول وامتيازاتها وتعدل الأحكام الأخرى الصادرة في دستور 20 يوليو 1991 وتكمل بأحكام هذا الميثاق ".
هذا الإجراء الذي سماه ذالك الميثاق " الاحتفاظ ببعض المقتضيات، وتعديل وتكميل باقي أحكام دستور 20 يوليو " تم بمباركة ودعم أو على الأقل عدم اعتراض كل الفاعلين السياسيين رغم أن المادة 02 من الدستور التي تنص على أن " الشعب هو مصدر كل سلطة، السيادة الوطنية ملك للشعب الذي يمارسها عن طريق ممثليه وبواسطة الاستفتاء ولا يحق لبعض الشعب ولا لفرد من أفراده، أن يستأثر بممارستها. لا يتقرر أي تنازل عن السيادة جزئيا كان أو كليا إلا بقبول الشعب " قد استعيض عنها ب " القوات المسلحة قررت بالإجماع " – إجماع بعدد أعضاء المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية – قررت وضع يدها على السلطة وعلى السيادة الوطنية والاستئثار بها دون تنازل ولا تفويض من الشعب وظهر ذالك جليا في:
- أن " التعديل الذي بوشر بمناسبة إعمال الميثاق الدستوري المحدد لتنظيم وسير السلطات العمومية الدستورية مدة الفترة الانتقالية طال السلطات الدستورية والعلاقات فيما بينها حيث أسندت السلطة التشريعية الي المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية (المادة 02) في حين أسندت السلطة التنفيذية إلي رئيس ذالك المجلس (المادة 6 0)
- أن " الاحتفاظ ببعض المقتضيات ..." من الدستور النافذ قبل الانقلاب يعني أنها لم تعد تستمد قيمتها من الإرادة المعبر عنها بمناسبة إقرار ذالك الدستور، بل من تثبيت الميثاق الدستوري لها.
إن التعديل الذي استحدث تحديد المأمورية وشروط تجديدها جاء في ظل تغليب الإرادة الشعبية التي عكسها التفاعل المهادن ـ حد التواطئ ـ مع انقلاب 03 أغشت 2005 وهو التفاعل الذي أسهمت فيه وشجعت عليه القوى السياسية "الديمقراطية " التي بسلوكها ذالك سمحت بتراجع مكانة وسمو " الإرادة العامة " ل "مصلحة الإرادة الشعبية " ما جعل العميد أحمد سالم ولد ببوط ، يصف الدستور المثبت و المعدل في ظل الظروف والملابسات السابقة الذي سيحكم المؤسسات الديمقراطية الجديدة المنبثقة عن انتخابات 11 إلي 25 مارس ب " المسخ " أو " المسحوق " بحسب أيهما أقرب لترجمة "mouture"
المراجعة الدستورية الثانية جاءت بمناسبة انقلاب 06 أغشت 2008 ،وإذا كانت حالة انقلاب 03 أغشت عكست اجماع القوي السياسية الديمقراطية علي الاتفاق علي تجاوز الإرادة العامة التي انبثق منها دستور 20 يوليو 1991 ، فإن انقلاب 06 أغشت حاز غطاءا "نيابيا " وفرته " الكتيبة البرلمانية " المشكلة من أربعين نائبا بالإضافة إلى فريق " احتياطي " وفره دعم أهم قوة سياسية ممثلة في البرلمان ، بما كان له بالغ الأثر علي تعاطي هذا الانقلاب مع الدستور ؛ فقد أقر الأمر الدستوري رقم 2008-002 الذي يحكم السلطات المؤقتة للمجلس الأعلى للدولة : " وضع حد نهائي لسلطات رئيس الجمهورية المنصب يوم19 -04 -2007..." .لكنه بالمقابل نص علي "استمرار المؤسسات القائمة "، و لكن ليحتاط لأي دور غير مطلوب قد يقوم به البرلمان ؛ فقد نص في المادة 08 على أنه : "عندما يتعرقل سير البرلمان لأي سبب كان ، يتخذ رئيس المجلس الأعلى للدولة ، بواسطة أوامر قانونية التدابير ذات القوة التشريعية ..."
وفي مجال التعديل نص الأمر الدستوري 2008 -002 في مادته 09 علي:" تعدل أحكام دستور 20 يوليو 1991 المعدل المخالفة أو المتعارضة مع هذا الأمر الدستوري وذالك خلال الفترة الضرورية لتنظيم انتخابات رئاسية وتنصيب رئيس الجمهورية المنتخب " . وهي المرة الثانية التي يعدل فيها الدستور خارج الأطر التي حددت لتعديله.
الواقع كما في المرة السابقة أن ما بقي نافذا من دستور 20 يوليو 1991 أو بعبارة أدق " مسحوق "الدستور ـ المثبت في بعضه أولا بالأمر القانوني رقم 2005 –001 بتاريخ 06-08- 2005 والمثبت والمعدل ثانيا بالقانون الدستوري رقم 2006 – 014ب بتاريخ 12 -07 2006 ـ لا يحوز من قيمة إلا مقدار ما تعطيه مقتضيات الأمر الدستوري رقم 2008-002 وليس الإرادة العامة المعبر عنها في الاستفتاء علي الدستور سنة 2006 .
و هذه المرة وفرت" الكتيبة البرلمانية " ـ التي تطورت لاحقا إلي حزب سياسي ـ وظهيرها الممثل في "كتيبة الاحتياط" إضافة لبعض السند الشعبي الغطاء الضروري لتعريض ما تبقي من مسحوق الدستور للهواء " الخارجي" للتضافر في ذالك جهودها لاحقا مع القوي التي و لأنها كانت جزءا من السلطة ، جعلها ذالك في البداية تتصدي للمساس بالدستور قبل أن تشارك بقية الأطراف التوقيع علي " اتفاق دكار " الذي به تم تجاوز الإرادة العامة المعبر عنها بدستور 20 يوليو المثبت والمعدل ولكن هذه المرة ، استعيض عن الإرادة الشعبية بإرادة من وقعوا علي الاتفاق بصفتهم ولمصلحتهم ودون مراعاة للإرادة الشعبية لعدم عرض الاتفاق قبل أو حتي بعد توقيعه علي الشعب. وليتم تجذير ازدراء الإرادة: شعبية كانت أو عامة. ولتتكرس ممارسة هدامة قوامها خلع أهلية " التمثيلية " على أي جهة استطاعت أن تحصل على صفة " طرف "، الصفة التي تكتسب بطرق غير موضوعية بل وقد تمنح دون ضابط لأنها لا تتعلق ببعد تمثيلي ناتج عن استحقاق انتخابي.
بمجرد توقيع الاتفاق واجراء الانتخابات الرئاسية عاد دستور 20 يوليو "فائق التحمل " حسب عبارة الأستاذ ببوط إلى الإعمال، ليعرف لاحقا مراجعة جديدة، جاءت في القانون الدستوري رقم 2012 -015 بتاريخ 20 مارس 2012.
هذه المراجعة رغم أنها جاءت في وضع دستوري " طبيعي " إلا أنها بقيت وفية لسابقاتها سواء فيما يتعلق بالمأخذ الاجرائي أو فيما يتعلق بدرجة التعبير عن الإرادة العامة والشعبية:
1-اجرائيا، ولأن المسطرة البرلمانية هي التي اعتمدت لإقرارها تأثرت هذه المراجعة بالوضعية القانونية للبرلمان الذي عد منتهي المأمورية سواء بالنسبة:
ـ للحكومة التي اعتبرت أنه لما كان البرلمان قد انتخب نوفمبر 2006 فإن أمده ينقضي في نوفمبر 2011 علي اعتبار ما جاء في الفقرة الاولي للمادة الثانية من الأمر القانوني رقم 91ـ028 بتاريخ 07 ـ10 ـ1991 المتضمن للقانون التنظيمي المتعلق بانتخاب الجمعية الوطنية والتي نصت علي: " سلطات الجمعية الوطنية تنقضي حين افتتاح الدورة العادية لشهر نوفمبر في السنة الخامسة التي تعقب انتخابها " وعلي ذالك تم استدعاء هيئة الناخبين لإجراء الانتخابات ، قبل أن يتم تأجيلها
ـ المجلس الدستوري الذي طلبت الحكومة رأيه حول رغبتها التمديد للجمعية الوطنية رد علي طلب الرأي بما يفيد تبنيه الفهم الذي انطلقت منه الحكومة في اعتبارها أن أمد المأمورية ينتهي في نوفمبر 2011، و في مواجهة ذالك أعطي المجلس للحكومة الحق أن تمدد للجمعية الوطنية حتي افتتاح دورة مايو2012 مؤسسا رأيه علي:
* أن المشرع أعطي للحكومة "كامل السلطة في تقدير ظروف تنظيم الانتخابات "
* وعلي مبدأ "ضرورة ضمان السير المضطرد للمرافق العامة " ؛
* و كذالك ـ ضمنيا ـ لرغبة المجلس في التمكين للبرلمان من أن يكمل فترة ممارسته الفعلية بالنظر الي الظروف التي اكتنفت انتخابه ومباشرته لمهامه، لأنه لا يمكن فهم اختياره تحديدا (دورة مايو 2012 ) سقفا للتمديد خارج ذالك ، لأنه لو تعلق الأمر بعلتي " السلطة التقديرية في تقدير ظروف تنظيم الانتخابات . والسهر على ضمان السير المضطرد للمرافق العامة " لما أمكن أن تضبط بأجل
ـ بالنسبة للمعارضة، المأمورية انقضت بحلول دورة نوفمبر 2011، والمجلس الدستوري كان عليه أن يعلن عدم اختصاصه وبالتأكيد ليس له أن يمنح حق التمديد للسلطة التنفيذية.
موقف العميد أحمد سالم ولد ببوط ؛ فوق عدم اختصاص المجلس الدستوري فإن انتداب النواب مدته خمس (05) سنوات حسب المادة 47 من الدستور و وفقا لمبدأ توازن المساطر يحتا ج تعديل مدة هذا الانتداب نصا بقيمة الدستور كما كان تم بمناسبة التمديد لنواب الجمعية الوطنية المنتخبين في 17 مايو 1959 سنة إضافية حيث تم من خلال القانون الدستوري رقم 64 ـ062
وتأسيسا على ذالك، وبمنطق المخالفة لا يمكن أن يكون تمديد الانتداب بما دون ذالك كما حدث في حالة البرلمان الذي صادق علي التعديلات التي أقرت في القانون الدستوري رقم 2012 ـ 015 بتاريخ 20 مارس 2012 إلا سببا للطعن في شرعيته كمؤسسة ومن ثم فيما يصدر عنها من أعمال.
وكأن التعديل يجب أن لا يأتي وفق المسطرة الدستورية ؛ ذالك أن البرلمان الذي طلب له التمديد ممن ليس له تلبية ذالك الطلب، وأعطي تمديده لمن ليس له ذالك ، لم يكن أصلا بحاجة لكل ذالك لأن مأموريته لم تبدأ من تاريخ انتخابه ؛ فهو وإن كان انتخب في نوفمبر 2006 ، إلا أنه لم يباشر فعليا مهامه حتى شهر مايو 2007 إعمالا لمقتضيات المادة أربعة (04) من القانون الدستوري بتاريخ 12 ـ 07 ـ 2006 التي نصت علي : { يدخل هذا القانون الدستوري حيز النفاذ في نهاية الفترة الانتقالية كما حددها الميثاق الدستوري بتاريخ 06 ـ08 ـ2005 المحدد لتنظيم وظائف السلطات العمومية الدستورية خلال الفترة الانتقالية .
" في انتظار انفاذ هذا القانون الدستوري ، تمارس السلطة وفقا لمقتضيات الميثاق العسكري ل 06 ـ 08 ـ2005 } و ممارسة السلطة وفقا لمقتضيات ذالك الميثاق يجعل السلطة التشريعية تبقي بيد المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية وحتي اكتمال المؤسسات الدستورية بانتخاب وتنصيب رئيس للجمهورية حينها و عندها فقط تبدأ وبدأت فعليا مأمورية أعضاء البرلمان الذين انتظروا رغم انتخابهم في 11 نوفمبر 2006 حتي شهر مايو 2007 ليباشروا مهامهم رسميا ، لكنهم بالمقابل لم ينتظروا فيما يتعلق بتلقي مستحقاتهم المالية البداية الفعلية لمأموريتهم ، لذالك ربما وفر قانون التمديد علي تهافته قانونيا مخرجا من اشكال أكبر كان سيثار لو اعتبر احتساب المأمورية من تاريخ بدايتها الفعلية حيث كان السادة النواب سيمارسون عملهم من نوفمبر 2011 حتي مايو 2012 دون تلقي أي مستحقات عن تلك الفترة لسبب بسيط " إنهما عندك " . هذا إذا لم يعمد الي مساءلتهم عن الوجه الذي صرفوا على أساسه ما صرفوا في الفترة ما بين نوفمبر 2006 ومايو 2007. ( قانون التمديد لتبرير صرف المستحقات إلي غاية نهاية المأمورية )
2-أما من الناحية التمثيلية، فإن ما أثير من نقاش حول شرعية الجهة التي صادقت على هذه التعديلات دال بهذا الخصوص، ويتدعم ذالك بموقف بعض المعارضة البرلمانية التي اعتبرت أن لا شرعية لبرلمان انتهت فترة انتدابه وقاطع نوابها على ذالك التصويت على هذه التعديلات. مقاطعة نواب بعض القوي المعارضة البرلمان في مؤتمره للمصادقة على هذه التعديلات لا يعود إلى مجرد موقفهم من شرعية البرلمان، بل لأنهم لم يكونوا ـ بإرادتهم ـ طرفا في المفاوضات التي أفضت إلى اقتراح هذه التعديلات التي أتت نتيجة لاتفاق سياسي بين الأغلبية الرئاسية (مكونة من جهات قابلة للتعريف هي: حزب السلطة ـ أحزاب الأغلبية البرلمانية. ثم مكون له طابع محلي يعرف بالموالاة خاص بالديمقراطية الموريتانية) وكطرف ثان، ما سمي بالمعارضة المحاورة (تمييزا لها عن تلك الرافضة للحوار مطلقا أو قبل تحقيق شروط بعينها، ولكن أيضا ربما تكون التسمية استطرادا في تسميات سابقة تسمت بها بعض المعارضات مثل المعارضة الناصحة المرتبة لوجود أخري ناطحة ...)
خلاصة الفقرة الثانية أن كل التعديلات التي عرفها دستور 20 يوليو 1991 ظلت دائما خارج المساطر المحددة دستوريا لذالك، وكان ذالك دائما بموافقة كل القوى السياسية كما هو الحال فيما تم منها بمناسبة انقلاب 03 ـ08 ـ2005 وبشكل منقطع النظير يظهر ذالك من قبولها مكافأة الانقلابين بتولي الحكم مدة ثمانية عشر شهرا وبانفراد تام وفعلي بالسلطة. وحتى مع انقلاب 06 ـ08 ـ 2008 ـولو بسخاء أقل ـ إذ باستثناء حالة التوقيع على اتفاق دكار لم تلتقي تلك القوي مجتمعة مع هذا النظام وإن تناوبت على تقديم الدعم له بحسب المراحل.
وهكذا إذا تكشف الممارسة الفعلية غياب الصرامة القانونية، بل غياب الشرعية أصلا عن كل ما عرف دستور 20 يوليو من تعديلات. وبشكل أكبر غياب مبدئية أخلاقية فيما يتعلق بالانتصار للدستور والقانون لدي الفاعلين السياسيين القابضين على تلابيب الحياة العامة في البلاد.
كان ذالك في الذي مضي وهو المنظور كائنا وما سيكون ...
وكأنني بلسان حال الدستور حين ينتصر له بعضهم يردد " أمن سمية دمع العين تذريف ** لو أن ذا منك قبل اليوم معروف "