خفافيش الظلام والخشية من تسليط الضوء على ماضي المقاومة / إسماعيل ولد الرباني

منذ أن أصبح للمقاومة الموريتانية الباسلة نصيب من الاهتمام الرسمي، بعد تولي الرئيس محمد ولد عبد العزيز مقاليد السلطة، انبرى خفافيش الظلام لمهمة التقليل من أهمية أبطال المقاومة ودورهم في دحر الاحتلال الفرنسي الذي أجبرته فوهات المدافع وعزائم الرجال الأبطال على ترك البلد ينعم 

بالاستقلال وتسيير شؤونه بأيدي أبنائه دونما منة من أحد.

لم نسمع أيا من أؤلئك الظلاميين ينبس ببنت شفة وهو يعبر طريقا يعج بالمارة والسيارات في وسط العاصمة وقد أطلق عليه اسم "الجنرال ديكول"، في إشارة إلى تكريم الجلاد في عقر دار الضحية، ولا عن قراءة الخطابات الرسمية بلغة المستعمر على مسامع شعب عانى من ويلات الاستعمار.

لقد أصبح الخفافيش يترصدون المناسبات التي يستذكر فيها الأحفاد تضحيات أجدادهم البطولية من أجل عزة وكرامة البلد ومواطنيه بعيدا عن الوصاية الفرنسية التي ظلت إلى عهد قريب تفرض نمط تفكيرها وتملي قراراتها متى وأنى شاءت على مختلف أجهزة الدولة، وخاصة الجهاز العسكري الذي باتت كفاءاته اليوم وطنية خالصة.

إن المقاومة الموريتانية اليوم وجدت من يضعها في قلب الاهتمام ويمنحها حقها في البقاء الأبدي في الذاكرة الجمعية، ويسطر ذكرها بحروف من ذهب في سجل التاريخ الموريتاني، ولم تكن تسمية أحد أهم الشوارع التي تخفف الاختناقات المرورية وتختصر المسافات بين أطراف العاصمة ب"شارع المقاومة"، إلا دليلا جليا على الاهتمام الرسمي المفقود منذ الاستقلال، وكذلك الحال عندما اختير اسم معركة "أم التونسي" الشهيرة لأول مطار موريتاني بالمواصفات الحديثة للمطارات الدولية.

ونظرا للمكانة الكبيرة التي تحتلها المقاومة من حيز اهتمام الرئيس محمد ولد عبد العزيز وأغلبيته الداعمة لبرنامجه التنموي الشامل، لم تغفل مخرجات الحوار الوطني الشامل دور المقاومة الرئيسي في تحرير البلد من قبضة الاستعمار، فكان التفكير في تخليد بطولاتها بإضافة لون دماء الشهداء الزكية التي سالت من أجل عزتنا وكرامتنا إلى ألوان العلم الوطني، وذلك بغرض تخليد تلك البطولات في أي مكان يرفرف فيه العلم الموريتاني، وأية وثيقة رسمية يستلمها المواطنون والأجانب.

لكن الخفافيش لم تستسلم بعد، فواصلت معركتها الظلامية من أجل وضع العراقيل أمام تخليد ذكرى شهداء المقاومة الأبطال، غير أن المعركة لم تدر على بطحاء تنيرها شمس ساطعة كما كان يفعل المقاومون في تصديهم لقوات الاحتلال، وإنما أراد الخفافيش أن تدور في جو ظلامي يسمح لهم بحياكة المؤامرات من خلال التقليل من شأن المقاومة الباسلة، ووضع العراقيل أمام تكريمها العلني المرفرف مع كل علم وطني فوق أسطح البنايات الرسمية ومكاتب المواطنين الشرفاء.

لقد جند فلول الاحتلال كافة طاقاتهم الخبيثة وأقلامهم المأجورة للتآمر على ماضي البلد، حتى يتسنى لهم كبح جماح بناء الحاضر والتأسيس لمستقبل زاهر يشعر فيه الأحفاد بأنهم يستظلون بجمهورية جديدة على أرض دافع عنها الأجداد بدمائهم الزكية، وبناها الآباء بعزيمتهم القوية.

30. أكتوبر 2016 - 9:30

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا